أيمن مصطفى الأسمر - المستقر الأخير

خرج من بيته وهم يتصارعون عازما ألا يعود، في طريقه إلى المجهول وصله تصريح المسئول الكبير: "الانتخابات في موعدها ولا نية للتمديد"، في نفس التوقيت تقريبا وصله تعليق المسئول السابق الذي يقيم خارج البلاد منتقدا التصريح ومحذرا من توابعه، أسر لنفسه بكلام لم يسمعه أحد يسخر فيه من الاثنين معا، ثم تبع ذلك إعلان مسئول آخر: "نظرا للظروف الطارئة التي تمر بها البلاد وحرصا على سلامة المواطنين سيتم استكمال الدراسة وأعمال الامتحانات بكافة مراحل التعليم وأنواعه عن بعد من خلال المنصات الإلكترونية"، علق بصوت خافت مستحسنا وساخطا في آن واحد، تجنب الحفر والمطبات التي تحولت إلى فخاخ للسيارات والمارة، وابتعد قدر استطاعته عن كلاب الشوارع التي تكاثرت أعدادها دون أن يتدخل أحد للتعامل مع المشكلة وتجنب المخاطر التي تسببها، ثم قابلته المرأة التي خانت زوجها مع اثني عشر رجلا فنجا بأعجوبة من إغوائها، لكنه لم ينج من التاجر الكبير الذي ضاعف أسعار السلع المكدسة بمخازنه إثر تكهنات عن تحرير سعر صرف العملة الوطنية، فأفرغ جيوبه من النقود وحمله ببضائع متنوعة لا حاجة له بها بعد أن أقنعه أنها ستختفي فورا من الأسواق، سار محملا بأثقاله وتذكر أنه عزم ألا يعود إلى بيته فتساءل بصوت عال: "أين أذهب بهذه الأشياء؟"، سار طويلا حتى قادته قدماه إلى قفر موحش لم يسبق له أن مر به من قبل، تعجب للأمر فقد التحمت المدن بالقرى ولم يعد هناك موضع قدم يخلو من البشر والمنشآت، وجدها فرصة سانحة كي يضع أثقاله على الأرض ويتنفس الصعداء، بعد استراحة قصيرة قام لاكتشاف القفر الذي يبدو ممتدا إلى ما لا نهاية، سار طويلا والقفر يزداد وحشة وامتدادا، على غير توقع لمح على بعد بابا قائما في الفراغ، اقترب منه ثم فتحه بعد تردد، حملته ريح طيبة إلى مستقره الأخير.

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى