محمود البريكان - فن التعذيب

بين البروج يزيد طولك بالدقائق والثواني
فتفرّ منك الكائنات، وتختفي وسط الدخان
غولاً وحيدا. أيها الإنسان في غسق الزمان
الدورة اكتملت. مجاعتك العميقة في الأغاني
والصمت تجأر. والمخاوف في الخطوط من المباني
حيث الزوايا كلّها تحتدّ، والكتل الثقيله
تخفيك عن ضوء النجوم.
حدّقتَ فابيضَّت عيونك، في عوالم مستحيله !
سيطر بأزرار مرقَّمة على مدن الوجوم
خلِّدْ عليها الشمس، وانشر فوقها حتى الغيوم
واصنع لها الموت المركز في معادلة جميله.
ودع الدم الزيتي ينضح في النهاية من عيونك
والأرض تجهض من جنونك
أبدعت تاريخ الحضارة عبر تاريخ الظلام
فالقسوة الأولى نمت والشعر، المثل العظيمه
صُقلت، وأسلوب الجريمه.
أتقنت أغنية انتصارك يوم أسفرت الجريمة
والحرب حين ترَّذلت بردت وعاشت في السلام.
فكّر بأوّل صخرة نحتت لتقتل ( الوحوش
كانت تعيش معاً ). وفكّر بعدُ في سيف القتال
( والغار )، تخلفه البنادقُ، والمدافع والقنابل
فنّ العذاب امتدّ من سحل العيون إلى المفاصل
ومن الصليب إلى جهاز الكهرباء. وما يزال
يغدو العذاب أدقّ، والإعدام أقرب للجمال !
فكّرت في إبداعك الأعلى، رأيتك في سكونك
تتأمل الكابوس، واسترجعت أصوات السبايا
وتحشرج القتلى، وموت الأنبياء وهم عرايا
وذكرت ما أكل المشيب من النواصي في سجونك
وجميع ما شرب التراب وما تبخّر في الهواء
من أدمع الأطفال. يا لثبات قلبك والمضاء
في السحق والتعذيب. يا لذكاء قلبك في جنونك !
كان ابتعاث الرعب أكمل ما تطوّر من فنونك !
لكن ، بأيّ براءة ترنو إلى القمر المضاءْ
في الليل، حيث يظلّل الغزل الرقيق على جفونك
ويدور وجهك في السماء ؟
أعلى