محمد محمود غدية - حفل توقيع

صوت المطر القوي يدوي كقصف الرعد، علت وجهي ملامح الخوف والفزع، أسير مهرولا بطول معرض الكتاب وقد إشتد بي الغضب، لا أدري لماذا يختار منظموا المعرض إقامته فى فصل الشتاء، الذى فيه تتلف الكتب وصحة الرواد وهذا الطقس البارد ؟
بين الرواد كتاب أبدعوا وأنتجوا أعمالا عظيمة، وأعمالا متواضعة، بعدها لا يتبقى أمامهم سوى الفراغ وخيبة الأمل، جميعنا كتاب وقراء، نحاول التشبث والتعلق بالحياة والتداوي بالكتابة، مازال صوت المطر يهز سقف دار النشر التى أحتمي تحتها،
كثيرا ماأتشكك فى موهبتي، وأنا صاحب المجموعات الست القصصية، فى مواجهتي طاولة صغيرة خلفها فتاة فى العقد الثالث رقيقة الملامح، من نحافتها تكاد لا تبين، تبتسم فى بلاهة لكل من يمرون أمامها ولا يلتفتون إليها، بجوارها لوحة كبيرة تحمل صورتها، والتى بذل فيها المصور جهدا رائعا، لتبدوا بهذا الشكل الجميل، وإعلان عن حفل توقيع روايتها الأولى، عدد كثير من روايتها متراصة على الطاولة، لم تحظى بالإنتباه،
كثيرا مانرى أسماء بعض الكتاب يصبحوا الشغل الشاغل لمدة لا تدوم أكثر من أسبوع ثم تختفى بين عشية وضحاها، المؤلفة تحتسي فنجان القهوة دون تلذذ، وتراقب فى بلاهة الرواد الذين يحملون الكتب التى ليس بينها روايتها،
لا أدري إلا ويدي تقلب فى روايتها التى حملت عنوانا صادما، الرصيف الموازي للحزن، إتسعت إبتسامتها وأنا أقرأ مقدمة الرواية شديدة الوجع والرمادية، والتي قرأتها فى وجهي،
إتسعت إبتسامتها حين ناديت البائع وأعطيته ثمن الرواية، سألتني المؤلفة عن إسمي للتوقيع،
- قلت : فقط قصي أظافرك الطويلة، لأنه
لا يلائمك نبش الجراح،
وإكتبي فى الإهداء إلى من أمسكت به الرواية، رغم سوء الطقس والمطر .

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى