مختار محمود عبد الوهاب منصور - عذر بجهل

لكزني بمرفقه ليأخذ مكاني، اختلفنا وانتهى الاختلاف بأن يأخذ المكان الأحفظ للقرآن، زمت وتذمرتُ، مالت سعفتي فمنعتها بقدمي فضغطت على كتفي، أصاب خوص السعفة طابوراً من الواقفين خلفي، قاربت السعفة أن تنكسر اعترض الطابور خلفي، وبدا أحدهم أشد اعتراضاً، وقد أغمض عينا من عينيه وكور يده اليمنى يفرك فيها، لعن أبي وأمي في نفس واحد، أردت إصلاح الموقف، فوضعت السعفة على الأرض، فمسحت رأس الطابور مرة ثانية فاعترضوا، وكان ذلك مرسوماً على وجوههم.​
جلست أمامه مقعياً وقد تورك هو قبالتي، قبلت سبابتي وأخذت أردد .......

" واحد وحدوه ........

اتنين تانيوه ..........

تلاته تلتوه .........

أربعة ربعوه " .

وعند سبعة سبعوه قبلتُ سبابتي ثانيةً، ومسحتها في رأسه وقلت " عيش يا رب تعيش، فتح عينك " ، وسألته منتظراً الجواب هل بها ألم؟؟ عنها جفف دموعه في كمه الأيسر، وقلب ذيل جلبابه الذي يشبه قلع المراكب في قوامه، و استنثر ماءً من أنفه، تركته وأنا أرفع السعفة وأواسيه ....

" خلاص معلهش ..... أحسن الكتاب التاني يضربنا ....."

اكتفى بأن يومئ برأسه وهو يهب واقفاً، وممسكا بجريدته التي لا تحمل إلا خوصات قليلة في طرفها ، اصطف في الطابور بسرعة حين لمح مقرئ الكتاب، اقترب المقرئ، و عدلني بالصف وأخبرنا بالنص القرآني– إن الله يحب الذين يقاتلون في سبيله صفاً كأنهم بنيان مرصوص، وزاد إيضاحاً مثل الطوب في الحائط، وكتاب الشيخ أبي الندا أكثر منا عددا، وأقوى منا جسماً، ولكن بعون الله سوف ننتصر عليهم، فكم من فئةٍ .... غلبت فئةً .... امتلأتُ حماساً فرفعت سعفتي عالياً حتى تأكد لي أنها ستعوق السحاب، أنزلتها قليلاً حتى لا تسبب مشكلة، وتنزل السحاب مطراً يؤثر في سير المعركة.

بدون سابق إنذار هتف خصية الشيخ " سيدنا غفر الله له .... والجنة مفتوحة له "، وخرج حرف الغين من منطقة متقدمة بالحلق ، فجاء خاء بدلا من الغين، وأدمجت لام لفظ الجلالة مع لام له.

علت الأصوات، وطوحت السعفة إلى الأمام وإلى الخلف، سيدنا دائما ينصب فلكته لمن يسمع عنه أنه يهتف بصوت منخفض، ارتفع صوتي لا إراديا لعل سيدنا له عيوناً تراقبني، مر وقت غير قليل على هذه الحالة حتى بح صوتي، وبدت شواشي سعف النخيل الأخضر لكتاب أبي الندا قادمة من بعيد، أحسست برغبة في الانتقام من تلامذته ، أسئلتهم دائماً صعبة ، وكلهم لا يحفظون سورة (براءة)، ليتني أعثر على محفظهم .... الذي سألني أمام جمع من أصدقاء والدي وزملائه في الترحيلة سؤالاً احمرت له أذناي، " وأنه إليه تحشرون ...... – أكمل " لابد من الانتقام، تخيرتُ واحداً بديناً من كتابنا لأحتمي فيه، ودارت عيناي تبحث عن محفظهم صاحب الطاقية الصوف والجلباب الكستور المخطط ، لن أنسى إحساسه بالانتصار حينما تلعثمت في تسميع المطلوب، وجلساء أبي تتناثر الدموع من أعينهم من الضحك، وصاحبنا يؤكد أن كُتاب أبي الندا لا يعلو عليه كُتاب، يومها ساور أبي وسواس أن أنتقل إلى كُتاب أبي الندا.

حمي الوطيس ، ووقعت مؤخرة جريدة ثقيلة على رأسي، فأصبت بإحباط لاستخدام صاحبها شكل غير مشروع في الشجار، يجب أن تكون السعفة بخوصها، ولا يضرب بها من الجهة الثقيلة، سوف أخبر سيدنا ليلوم الشيخ أبي الندا كي يؤدب مريديه ويعلمهم أصول الحرب.

حين وقع بصري على وجوههم المبتسمة اغتظت، وقررت تخليص سعفتي من الخوص كي تصبح جريدة، عندها سوف تضرب بقوة وتأثير، تمنيت ساعتها أن تكون من حديد، ركزت في الضرب على هؤلاء الذين يضحكون، كان الانجاز عظيماً، تطايرت طاسات الحديد ....

السيف أصدق أنباءً من .........

تناثرت الأحذية الكبيرة والهراوات و .......

في المستشفى أخبروني أنني كنت مصراً على ضرب الضباط والقادة دون عساكر الأمن المركزي.​

- تمت -​

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى