محمد محمود غدية - أوراق البحر

على الشاطيء ومن باطن الرمال، أطلت حقيبة جلدية، تدعو المارة لإلتقاطها، لاشيء بداخلها سوى حزمة من الأوراق الأنيقة المزدانة بصور الورود الملونة، لم يطلها البلل، لأنها محفوظة فى كيس من البلاستيك ولاصق شيكارتون، البحر هاديء والشمس متساقطة عمودية، أضفت على المياه سبائك ذهبية، لا أدري لماذا إخترت السير على الشاطيء، فتحت الأوراق، الخط جميل منظم، أسندت ظهري خلف إحدى الصخور الحجرية، التى تمنع تدافع مد الأمواج وقرأت : هذه الكتابات لا أعتذر عنها،
أنا طبيبة ناجحة، فقيرة الجمال، فشلت فى أول
تجربة عاطفية أيام الجامعة،
تركني وذهب للأجمل،
تقدم لي عريس، أخفى سابق زواجه من مطلقة أنجبت له طفلان، وحين واجهته بالحقيقة إختفى،
سنوات عمري تتقافز، أكملت عامي الأربعين، أرى الدموع فى عين أمي كل يوم، وهى تحلم برؤيتي فى ثوب العرس،
فى حفلات الزفاف التى أدعى إليها من الأهل والصديقات، أراهم يشيرون نحوي، ويتهامسون فى سخرية بقولهم : العانس،
أخفت أمي ترددها على أكثر من خاطبة، والعرسان إما كهل أرمل، أو مطلق ولديه أطفال،
الحياة تجعلنا نرتاب فى منطق الأشياء، أحيانا أتساءل ماحاجتي للطعام ولدي من الألم مايكفي لأمضغه، الباحثون عن العواطف النبيلة والكريمة، لاوجود لهم، المصبوغات بالألوان والمنفوخات بالسيلكون، أصبحوا سوق رائجة،
أشرب وحدتي مع قهوة الصباح، وأشرد فى ليل العالم الواسع،
صرير قلمي هنا على الورق يخدش القلب،
فينزف الدم،
كل يوم أشكو لأوراقي مواجعي، لا أريد أن أرى إشفاق الآخرين نحوي،
ولا همساتهم حين أدير ظهري، يوجعني أبي حين ألمحه يبكي بلا دموع،
غرائبية الحياة
تجعلنا نرتاب فى منطق الأشياء،
ومازالت المرأة ترقص فى وليمة ذبحها،
يكذبون حين يقولون فى الصحف والميديا :
ليس المهم جمال المرأة الخارجي، وإنما الداخل الغني بالمضمون الإنساني، مازلنا نزهر كلاما ولا نثمر،
ماأقسى مانبطن عكس مانظهر،
ماأصعب ان نبكي بلا دموع،
ونذهب بلا أمل فى رجوع،
وماأقسى أن تشعر بالضيق، ورحابة المكان من حولك، تضيق بك، ومازالت المرأة ترقص فى وليمة ذبحها،
أستأذنكم الآن فى الإنصراف، لأصنع لنفسي قاربا صغيرا، لأذهب إلى قارات وعوالم آخرى، ربما أهتدي
إلى نفسي .

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى