رسائل الأدباء : رسالة من وداد صادق عنبر إلى احمد حسن الزيات

سيدي حضرة الكاتب الألمعي الأكبر الأستاذ الزيات:

كبرت مكانتكم الأبوية في نفسي، فهي لك فيها ولاء وعلى لساني دعاء. . . وبعد، فقد خرج سفرك القيم، وقرأه كل المعجبين به وبك إلا التي كان يجب أن تكون أول من تقرؤه، ولكن حظي السعيد أبي حرماني التمتع بحكمة البليغة، فقرأت منه ما قرأت، وإذا بي بين (وحي الرسالة)، وقد جاء طرفة هي في معانيها طرف عِدّة وتحفة في مجاليها تزداد على الزمن طرافة وجدّة. وإذا به خرج مخرج صدق في هذه الفترة التي ندر فيها من يعالج أدبنا واجتماعياتنا، وفتر وحي القرائح الخصيبة في دقائقها، وشحت الملكات المجيبة بأسرارها، فكان كالمنبهة لأهل البصر بهما معاً، والحذاقة فيهما أن يشحذوا همتهم من كلالها، ويبرئوا ذمتهم من تبعة إهمالها، ويدأبوا دأبهم على خدمتهما، تارة بالتأليف يراجعون به ما انقطع، وأخرى بابتكار الجديد من عوامل النهضة بهما

وقصارى القول أنك فيه لم تدع غاية في التحقيق إلا ابتكرتها، ولا نهاية في التدقيق إلا استبقتها

ولقد عبرت كتابك هذا عبرة، وجمعته لفظاً ومعني بنظرة، فإذا لمحات من التحقيق لفن الذوق الأدبي تطبع على غراره الملكات فيكون فيها بلاغة فوق البلاغة، وبياناً أسمى من البيان

فلك الشكر المثنى كفاء ما جهدت في عملك، والله المسئول أن ينفع به قارئيه ويكثر في المؤلفين من أمثالك بمنه ويمنه وتوفيقه والسلام. . .

المخلصة وداد صادق عنبر

01 -04 1940

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى