لينا زاهر عبدالله الخصيبية - أمِّي تُحبني..! قصة قصيرة

قَالَ “فارس” وهو يَضَع يَدَيْه الصَّغيرتين على مَلَابسه: “ملابسي مُبلَّلة”، ثم نَظَر أيضًا إلى فَرَاشه، وقد فَتَح عَيْنَيه باتساعٍ شديدٍ: “وفِراشي مُبلَّل أيضًا”.
ذَهَب إلى خَزَانة الملابس؛ ليغيِّر مَلابسه، فسقطتْ جميعها عليه.
ذَهَب إلى أمِّه ليخبرها بما حَدَث، ولكنَّ أمَّه كانت مشغولة بأخته الصغيرة التي وُلدت قبل أسبوع؛ فجميع مَنْ فِي البيت -أمُّه، أبُوْه، إخْوَته- انشغلوا بتدليلِ أُخْتِه الصَّغيرة.
فِي اللَّيل، وَضَع “فارس” رأسَه بين يَدَيْه، والدُّموع تنهمر من عينيه، وهو يُردِّد: “لم يعُد أحد يُحبني.. لم يعُد أحد يُحبني”.
أَصْبَح “فارس” دائمًا عند نُهُوْضِه من النوم فراشه مُبلَّل.. ملابسه مبلَّلة.
وأَصْبَح سبع مرات في اليوم يقوم بتغيير ملابسه المبلَّلة، ويتركها في دورة المياه.
ذَهَبتْ أمُّه إلى غرفته لتأخذ ملابسه للغسيل. فتحتْ أمُّه عينيها وفمها باتساع شديد من عددِ الملابس الكثيرة المتروكَة في دَوْرة المياه.
فَكَّرت أمُّ “فارس”، وقالت في نفسها: “لا بُدَّ أنِّ فارس يُعَاني من مشكلة ما”، فأخبرت والده بذلك.
حَاوَلتْ أمُّ “فارس” ووالده أنْ يَعْرِفا من “فارس” المشكلة التي يُعانيها، ولكنَّ “فارس” احمرَّ وجهُه، وظلَّت الدموعُ تنهمر من عينيه.
قَالَ والده: “فلنجرِّب أنْ نُعاقبه، سأمنع عنه الشيكولاته التي يُحبها”.
وَلَكنَّ “فارس” ما زال يُبلِّل فراشه ومَلَابسه.
أَخَذت أمُّه تُوْقِظه في الليل حتى يذهب إلى دَوْرة المياه، ولكن ما زال “فارس” يُبلِّل فراشه، ويبلِّل ملابسه.
أَصْبَحتْ أمُّه تعتني به كثيرا، وشعر “فارس” أنَّ أمَّه قريبة منه مثل السابق قبل أن تُوْلَد أختُه الصغيرة. فسألها ذات مرَّة: “أمي، هل ما زلتِ تُحبِّينني؟”، فقالت: “نعم، كثيراً”. فسألها مرَّة أخرى: “هل تُحبِّينني أكثر من أختي الصغيرة؟”، فقالت: “أنتَ أحبُّك كثيرا.. وهي أحبُّها كثيرا”.
أَخَذ “فارس” يقفزُ في المكان، وأسنانه البيضاء قد ظهرتْ من شفتيه، وهو يقول: “أمي تحبني كثيراً”.
فِي اللَّيل، فكَّر “فارس”، وقال: “اليوم يجب أنْ لا أُبلِّل نفسي حتى لا يَغْضَب الجميعُ مني”.
تَذكَّر أنه تعلَّم في المدرسة الأرقام الموجُوْدَة على السَّاعة.
حَرَّك الساعة بأصابعه الصغيرة، ووَضَع المؤشِّر على السَّاعة الثانية صباحًا.
جَاءَتْ أمُّه؛ لتوقظه، فوجدته لتوِّه قد خَرَج من دورة المياه، فقالت له: “أنت ولدٌ جيد، أُرِيْدُك أنْ تكون هكذا دائماً”.
فَرِح “فارس” كثيراً، وأكمل نَوْمَه.
وَفِي الصَّباح، فرح “فارس” أكثر وأكثر؛ لأنَّه لم يُبلِّل فراشه، ولم يُبلِّل ملابسه أيضًا.

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى