سامح الشيخ - المنبوذون!

كان الوقت مابين الفجر وشروق الشمس في أكثر ساعات اليوم ظلاما ، خرج( عادل) من المنزل للحاق بالطائرة المغادرة للكنغو برازافيل حاملا معه حقيبته ، أثناء خروجه القى نظرة عميقة للوراء كأنما ينظر مودعا شئ يراه للمرة الأخيرة وهذا هو ما قد قرر فعلا وهو عدم الرجوع لهذا المكان الذي يعيش فيه فقد صفى كلما يربطه بمدينة الخرطوم وسيلحق (بهنادي) شقيقته التي سبقته قبل سنين وتعيش مع زوجها وبن خالتها( باتريك) ببرازفيل
توفيت السيدة (ياوا) والدة (عادل) و( هنادي )منذ عدة أعوام عادل في منزلهم الذي يسميه عادل مكب الفصل العنصري ، لما لاقى فيه استعلاء وتمييز من والده وأخوانه من أبيه الاخرين ووالدتهم .
المرحوم (حيدر) والد عادل كان كثير الاسفار بسبب العمل فهو ميسور الحال وقد ورث هو واخوته عقارات وأراضي زراعية من والدهم .وكان قد تزوج (حيدر) من والدة عادل السيدة (ياوا) من الكونغو عندما كان وكيل والده (عبد الرحمن الطريفي) بها في استيراد وتجارة الشاي والتبغ .على الرغم أن (ياوا) كانت على قدر من الجمال والاناقه و لها أسرة كبيرة في برازافيل، الا انها لم تغير دينها واحتفظت به .
احب (عادل) بنت عمه( نور) لكنه فشل في الزواج منها برغم حبهما المتبادل ، وهذا هو سبب تاخره بعدم اللحاق بشقيقته( هنادي ) فقد كان يعيش على أمل أن توافق على الهروب معه لبرازفيل مثلما فعلت هنادي وتزوجت باتريك بن خالتها الذي يحبها وتحبه دون ان يغير دينه الذي يرفضه اهلها لذلك، فلم يبقى أمامه غير هذا الحل لأنه لا يستطيع أن يغير عرق امه الذي يعتبرها عمه انها عبدة وليست حرة ولذلك يرفض أن يزوج ابنته لابن أخيه عادل بسبب عرق امه .
مع اقلاع طائره الخطوط الجوية الإثيوبية المتجهة إلى نيروبي ومنها إلى برازافيل احس( عادل) بدمعة تتحدر ساخنة على خده برغم برودة الطقس داخل الطائرة الذي يشابه أجواء الثلاجات التي يملكونها ويخزنون فيها الفواكه والخضروات التي يستوردونها أو يعدونها للتصدير هذه الدمعة التي انحدرت على خده كانت نتيجة اختلاط مشاعر الحزن الابدي لفراقه حبيبته (نور) مع مشاعر الشفقة على أسرة عمه التي مازالت تعيش في قرون سحيقة رغم تقدم الإنسانية على هذا الكوكب .



سامح الشيخ

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى