دراسات في التراث الحمام سيرة الورع والشهوة : ابن عبدالبر - بهجة المجالس وأنس المجالس.. باب الحمام

باب الحمام

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إنَّكم سَتَفْتَحُون الشَّامَ، فَتجدون فيها بيوتاً تُدعى الَحمامات، فلا يَدخلها من النساء إلا مريضةٌ أو نُفَسَاء، ولا يحلّ دخولها لرجل إلاّ بمئزَر ".
قال أبو هريرة: بئس البيت الحمام، يكشف العورة، ويذهب الحياء.
قال أبو الدرداء: نعم البيت الحمام، يذهب الدرن، ويذكر النار.
قال ابن القاسم: سئل مالك عن القراءة في الحمام. فقال: القراءة بكل مكان حسنة، وليس الحمام بموضع قراءة، فمن قرأ الآية والآيتين فليس بذلك بأس، وليس الحمام من بيوت الناس الأول.
كان الحسن إذا دخل الحمام أغمض مخافة أن تقع عينه على عورة أحد، وربما قادة غلامه.
ودخل أبو حنيفة الحمام فرأى فيه قوماً لا مآزر لهم، فأغلق عينيه، وجعل يتهدي بيديه. فقال له أحدهم: متى ذهب بصرك يا أبا حنيفة؟ قال: منذ انكشفت عورتكم.
كان يقال: إذا جمع الحمام خمس خصال فقد كمل: أن يكون قديم البناء، عذب الماء، كثير الضياء، مرتفع الهواء، وأفضل ذلك كله: أن يكون الحوض نقياً معتدل الحر.
قال أصبغ: سألت ابن القاسم عن دخول الحمام، فقال: ما أن وجدته خالياً، أو كنت تدخل مع قوم يستترون ويتحفظون فلا أرى بذلك بأسا، وإن كان يدخله من لا يبالي ولا يتحفظ لم أر أن تدخله، وإن كنت متحفظاً.
قال أصبغ: وأدركت ابن وهب يدخله مع العامة متحفظاً، ثم ترك ذلك، وكان لا يدخله إلا مختليا.
قال شمس المعالي:
أَنتَ في الحمّام موقو ... فٌ على قَلْبِي وَسَمْعي
فتأَمّلها تجدْهَا ... كُوِّنَتْ من بعضِ طَبْعِي
حَرّهَا من حَرّ أَنْفَا ... سِي وفيضُ الماءِ دَمْعي
ودخل أعرابي البصرة، قدمها من البادية فنزل على قريب له، فلما رآه أشعث الرأس عزم عليه في دخول الحمام، وقال له: إنه يوم جمعة تطهر في الحمام وتنظف، فلما دخل الأعرابي الحمام، زلقت رجله وسقط، فأصابته شجة فوق حاجبه، فخرج وهو يقول:
وقالوا: تَطَهّرْ إنه يوم جُمْعَةٍ ... فأُبْتُ من الحَّمامِ غيرَ مطهّرِ
تزوَّدْتُ منه شَجّةً فوق حاجِبِي ... بغيِر جهادٍ بئسَ ما كان متجرِي
تقول لَي الأعرابُ لما رأونني ... بِهِ لا تَلَبَّثْ، بالصَّرِيَمةِ أَعْقِرِ
فما تَعْرِفُ الأعرابُ في السُّوقِ مِشْيَةً ... فكيفَ ببيتٍ ذيِ رخام وَمَرْمَرِ

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى