محمد فري - تهليل

تردد كثيرا قبل أن يؤدي مهمته، لكنه أذعن للأمر أخيرا، وتوجه نحو الشرفة التي كانت تطل على الشارع المظلم، وعلى عمارات انطفأ ضوء نوافذ بيوتها، واستسلم ساكنوها لنوم عميق..
وقف منتصبا يلفه ظلام منتصف الليل، وطاف بعينيه متوجسا أصواتاً أو همساتٍ غريبةً وسط حلكة دامسة ، وعندما طال وقوفه وتردده قليلا، نبهه من كان يجالسهم في الشرفة كي ينفذ وينهي ماطلب منه ..
التفت إليهم مؤملا أن يتراجعوا عن قرارهم، لكن واجهته نظرات مصممة لايرف لها جفن..
لم يملك إلا أن يسلم أمره إلى الله ويتوكل عليه... وضع كفيه بجانب أذنية، ثم رفع عقيرته بأذان هو أقرب إلى البكاء، صاح بصوت متشنج:
ـــ الله أكبر الله أكبر ... أشهد ألآ إله إلا الله .. حي على الصلاة ...
وقبل أن يكمل مهمته التي أجبر على القيام بها، بدأت حركة تعم البنايات المقابلة، وبدأت ضوء الكهرباء يعم النوافذ وبعض الشرفات، وأطلت من هذه الأخيرة وجوه تستطلع الأمر، وتستغرب الحدث، وتتساءل في قرارة نفسها إن كانت هناك صلاة زائدة لاعلم لهم بها، بعد أن انتهت صلاة العشاء قبل ساعات ..
توقف الصوت في حلقه، خصوصا عندما وصلت مسامعه احتجاجات وشتائم غاضبة، تستنكر الأمر، وتحتج على الإزعاج غير المتوقع، والذي أيقظ الناس من عز نومهم ..
وقبل أن تصله قذائف على شكل أحذية أو ماشابه.. دلف بسرعة داخل الغرفة، ثم أقفل باب الشرفة، متعثرا بين سيقان وأقدام أصقائه الذين تمددوا على البساط وهم يتلوون من الضحك .. بعد أن أنهوا لعبتهم الورقية التي تناثرت قطعها في الغرفة .. ولم يبد منها إلا " الكابال " بنظرته الحازمة، ..و" الراي " الذي بدا واثقا ومرتاحا بعد تنفيذ الحكم الذي قرره..

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى