حسام المقدم

إحدى الليالي من صيف 2005، قرف وزهق بعد ندوة كالحة تركت أثرا نفسيا سيئا؛ لكنها لم تمر دون ما يجبر الخاطر.. فعلى فَرشَة الجرائد يسطع كتاب "خلوة الغلبان"، مطبوع عليه الصورة الأيقونة لإبراهيم أصلان: الشارب الكبير والشعر الهائش، والأهم.. عيناه المقلوبتان للأعلى، بطِيبة وتأمُّل وأسى غريب، في خلطة لم...
“أُسافِرُ في القاطِراتِ العتيقةِ كي أتحدثَ للغُرَباءِ المُسِنِّينْ أرفَعُ صوتي ليَطْغَى على ضَجَّةِ العجلاتْ وأَغْفُو.. (أمل دُنقُل). … أحببتُ دائما محطة القطار في مدينتي. ظلت تجتذبني، وتُكسبني الشَّغَف بالوجوه: وجوه عابرة ومُنتظرة وقلقة.. حميمة ومُتعَبة ونافرة. أصعد الدرجات القليلة وأقف...
(لِعَينَيكِ ما يَلقى الفُؤادُ وَما لَقي وَلِلحُبِّ مالَم يَبقَ مِنّي وَما بَقي) .. بعد قراءة البيت أنت لا تحتاج لأن تُمسك رأسك من التباس المعنى أو غموضه أو صعوبة ألفاظه؛ بالعكس.. كلمات بسيطة تمنح نفسها مباشرة. يحدث هذا مع القراءة الأولى، ومع التكرار ستكتشف أنك تقف في ضباب، وأن المتنبي ليس...
سطور غير عادية، في مقدمة كتاب " سَفَر" للإنسان الكبير والكاتب المتفرد " محمد المخزنجي"؛ جعلتني أقف، وبمَيْل كامل أُدندن كلماتها التي حفظتها بطول العِشرة مع حروفها. سطور تحت عنوان: " نافذة قرب الجناح"، تُخبر عن روح تمكّنتْ من الانفلات، وظفرتْ أخيرا بسفر على طائرة ستحملها بعيدا عن القهر المتواصل...
* إلى روح "غسان كنفاني". أذكر الثّقة على وجه "سامي"، صديقي المُخرج المسرحي، وهو يُخبرني أنّ صورتي مُعلّقة بجوار صُور كُتّاب وفنّانين مشهورين، في مكتبة صغيرة أمام كُليّة التّربية النّوعيّة. تعجبتُ: "أنا؟!" "والله شُفت صورتك، تضع يدك على جبهتك، وبين أصابعك سيجارة". "ما هذا التّخريف؟...
(1) المستطيل: لا أزال، بعد سنوات في هذا البلد العربي، أتذكر كيف كانت البداية.. سألني الرجل في مكتب السفَر: كيف تشرح درسا كالمستطيل مثلا؟ تفاجأتُ حينها بمنظره. ظننتُه مصريا، لولا لهجته. شعره أسود جدا وطويل. لا يُغطي رأسه، ولا يلبس عباءة أو جلباب، بل الجينز والقميص المشجر. قمتُ واقفا أمام...
منذ بدء العالم تسقط الأشياء كلها على الأرض، وليس التفاح فقط. هذه حقيقة مثل الشمس، وظلت هكذا لدُهور حتى منحَها "نيوتن" الجَلال العِلمي، وأسماها "الجاذبية". لكن في أزمنة حديثة، مثل الزمن الذي عاش فيه "عبدالله"؛ لم يكن الموضوع على هذا القَدْر من البساطة. الولد "عبدالله" كان ينظر للأرض كثيرا وهو...
تغني نجاة "عيون القلب" على شاشة تليفزيون أبيض وأسود، بفستان أبيض نوعا ما أو رمادي. ربما كان ذلك في أواخر الثمانينيات، وبجواري تجلس جدتي، التي لم تتكلم مرة واحدة عن الأغاني والمغنيين، ولا يدخل هذا الكلام في حساباتها، كواحدة من ملايين ضمن أجيال عاشت نهارات وليالي وأعواما طويلة في الغيطان، في...
في فيلم "بقايا اليوم" يعمل مستر "ستيفِنس" (أنتوني هُوبكنز) رئيسًا للخَدَم بقَصر اللورد الإنجليزي "دارلنجتون". وفي أحد المشاهد يقوم بإمرار المِكواة على الصفحة الأولى من الجريدة اليومية، لإزالة أية تجعيدة على الورق، قبل أن يلمسها سَيِّدُه اللورد. تذكرتُ التّصرُّف المُتفاني؛ وأنا في طريقي لمقابلة...
تحكي "فاطمة" لزميلاتها أنها تحلم، وفي الحلم تكون خارجة من بيتهم؛ فتحاذيها دجاجات، وتدخل بين قدميها وتخرج أرانب وقطط ناعمة. "فاطمة" رائدة فصل (6/2) الذي أدخله يوميا. معها طباشير الفصل ودفتر الغياب. خطها جميل وتكتب عناوين الدروس كأنها ترسم. من تلقاء نفسها، بادرت بكتابة قائمة جديدة بأسماء الفصل،...
يُغني جابر وأنا من ورائه، على طول السكة من المدرسة وحتى وصولنا للعزبة. تسمعنا الصفصافة فيتوقف حفيف شعرها على خدّ الماء. نرى أعالي شجر الكافور في تقارب والتقاء. يُغني جابر نغمَ الحزن من مواويل أبيه الغاوي. كل يوم موال من أجل "مِنعم"، والزمن كان زمن غناء. وفي زمن الغناء كنا نقترب من "مِنعم"، في...

هذا الملف

نصوص
71
آخر تحديث
أعلى