أحماد بوتالوحت

مَن لم يَكُن لَه جَحيم يَخْلُقه له الآخَرون ، أَو تَلِده لَه زِينَة مِن زينَة الحَياة الأَسْياد جَحيم ! يَتَوارَثون رُكُوب العَبيد وَكُلَّما أٌذِلُّوا أمْعَنوا فِي التَّمَسُّك بِالنَّيْر. نَحْن خِراف أضَلّتْنا وَقادَتْنا إلى الكَمائِن رَغَبات الأَسْياد الفاسِدَة أَمِن أْجْل فاكِهَة هالِكَة...
كان ينْزَع عن البَحْر مُسوح المِلح ويُلبِس الليل دِفْء الحُقول يُفرِغ على الوُجوه رَماد الإشَارات ويَمْحو عنْها غُضون الماء فارِداً سَطْح قبَّعته التي ترشَح بِالثُّقوب سُرادِقاً لِأَعْراس الفَراشات فاتِحاً جُيوب ،مِعْطفه ،الدَّاخِلية ساحات لِأَراجِيح المَساء راشِقاً سيجارته المَحْشُوة...
سَأرْحَل عنْك يا وطني !َ سَأَرْحل عن غُرَفِك المَسْقوفة بِالصَّفير وَضَجيج الأَرْصِفة تَارِكاً سِيقان سَراوِيلي الْمشْبوهَة على طَاوِلات صُفوفِك سَأوَدِّع دُخان سَجائِري عَلى شِفاهِك المُلْتَوِية كَأَحْذِية الْعَوانِس سأَرْفَع صُراخي كَالأَجْراس على تِلَال نَهْدِك الْعَاري . الطُّوفان يَأْكُل...
آلِهَةٌ تُيُوسٌ ، تَعْتَمِرُ قُبَّعَاتِ خَسَارَاتِهَا ، تَتَسَكَّعُ بَيْنَ أَفْخَادِ الْأَسِرَّةْ ، تَارِكَةً أَثَرَ أَحْذِيَتِهَا عَلَى الْأَقْفِيَةِ الْمُهَلْهَلَةْ ، أَيَةُ خَسَارَةٍ هَذِهْ!؟ أَيَادٍ تُدِيرُ مَرَاوِحَ الْجُوعْ وَأَعْوَادَ الْمَشَانِقْ ، وَتُبَارِكُ رَمَادَ الْفُصُولْ ...
سأَلْحَم هَذِه السُّبُل المَطْعونَة بالخُطَى والسَّنابِك وَحُدَاء السُّحُب سَأَنْثُر الطُّرُق أَمَامِي وَأَنْتَعِل الزَّمَن والعُشْب والأَرْصِفَة . سَأُشْعِل مَزيداً مِن أَعْواد الثِّقابِ لِأُحْرِق قُصاصَات أَصَابِعي لِأُضِيء لِلْيعَاسِيب الكَفِيفَة وَالضَّجَر المُتَثائِب خَلْف الخَرائِب ...
كانَت إِنَاث الأَجْراس تُمْطر عَتْمة الليل رَذاذ مَعْدِنها فتَشْتعِل بِالشَّيب أعْراف الدّيَكَة النَّائِمة ـ عَن صَلاتِها ـ بين تَفاِصيل الدَّهْشة وكان الغَسَق يُحرِّض أسْراب القَمْل على أقِفِية الوسَائِد وعَانَات الأَرَامل وفِي الحَانَات المُوَزّعة على كَتِف البحر ، إمْتدّت حِبال التّرقُّب...
ساحِلاً ظِلّه المُنْسحِق على الرَّصيف ، مُنكسِراً تحت حَقِيبة ظَهْرِه التي تَعْلو وتهْبِط بِإِيقاع الشَّخير، مَرَّ الفَتَى كَسُلَحْفاة مُهَذَّبة على مُقبَرة السَّيارات المُنْقَطِعة الأَنْفَاس ، العارِيَة إلَّا من أكْفَان الصَّدإِ والغُربَة وَالحَنِين . وكانت سَحابَة من الذُّباب تَأْكُل مِن...
كَانَتِ ، الْأَشْجَارُ تَعْتَمِرُ قُبَّعَاتِ الثَّلْجْ وَتَلْبَسُ جَوَارِبَ مِنَ الْوَحَلْ ، وَالسَّمَاءْ ، لَمْ تَعُدْ هُنَاكْ ! خَلْفَ إِطَارِ النَّافِذَةْ ، رُبَّمَا إِخْتَفَتْ خَلْفَ غَيْمَةٍ . وَكَانَتْ سِيقانُ السَّتَائِرِ تُرَاقِصُ أَرْجُلَ الرِّيحْ، وَكَانَ يَلْبَسُ مِعْطَفاً مِنْ...
العالَم لا يُريدُك مُتَفَرِّداً ، يُريدُك أعْمَى وَمُفْتَرَساً داخِل الْقَطيع الغَباء عُمْلَة رائِجَة داخِل السِّرب وقِسْمَة عادِلَة بَيْن الأُمَم فَارْفَع ياقَة جُنونِك ولْيَكُن العَقْل قائِدك في زَمَن يَتَجشَّأ التَّفاهَة إبْدَأ بِالشّكّ فَالشَّك سَبيلُك إلى اليَقين ولا تَكُن غِرّاً...
دخل وهو يخبط على أحد جوانب صندوقه الخشبي بظهر الفرشة. إعترض النادل طريقه حاملا صينية طلبات الرواد , جدبه من كم قميصه . - آجي أنت ! فين غادي !! كانت الصينية تخفي بطن النادل المنتفخ لكثرة ما التهم من المال المسروق من الزبائن كما يزعم بعضهم . تدخل أحد الرواد الذي إنتبذ بنفسه مكانا قصيا في ركن من...
- لم تعُد تفصلنا عن التلّة إلا أمتاراً قليلة . قال إبراهيم ، ثم تابع سيره ملتحقاً بأصدقائه الذين أصبحوا بعيدين عنه وعن عمران . كان إبراهيم قد حكى لِرِفاقه عن الجمل المجنح الذي يُرى محلقاً من رأس إحدى التلال المحيطة بالقرية . وفي ليلة اليوم الذي سمع فيه عمران الحكاية ، رأى في المنام ذلك الجمل...
فَجْأة ، تَذَكَّر ذلك المَساء المَصْدور الَّذِي غَصَّت سَمَاؤه بِالدُّخان مساء دَبَّجَتْه بِلَحْن جَنازِة ، جَداجِد مُسْمَلة العُيون كان الضَّوء أَكْثر ضُمُورا مِن هًيْكل سَفِينَة تًحْتضِر بين الصُّخور وَالشَّوارِع قَذِرة ، مُوحِشَة ، كَكَراسِي مُتَرمِّلة وَ مِن مكان إلى مكان ـ على أَرْصِفة...
كانَ الشِّتاءُ عابِر سَبِيلٍ فَحَسْب ، وَلَا ضَوْء في الأُفُقِ يَهْدي الطَّير إلى سَقِيفَةٍ . عَظَايَا تُفَتِّش بَيْن أَقْمِشَة الضَّباب عَنْ دِفْءِ الشَّمس ، رُؤُوس تَسْقُط مِنْ عَل ، مُضْرَجَة بِسُخَامِ قُبَّعاتِها . قطارات تَرْكُض في الحُقول مَصْحوبَة بِمُوالِ السَّنابِل ، مَساءٌ ثَمِلٌ...
كَانَ الشِّتَاءُ بِلَا أَمْطَارْ ، وَالْمَدِينَةُ تَغْفُو فِي أَحْضَانِ الضَّجرِوَالْغُبَارْ ، وَكَانَتْ عُيُونُنَا مُتَرَقِّبَةً كَعُيُونِ أَبْقَارٍ عَجْفَاءْ . وَكَانَتْ التَّنَانِينُ تُطَارِدُنَا ،وَتَخِبُّ خَلْفَنَا عَلَى قَوَائِمَ مِنْ خَشَبْ ، وَالْعَنَاكِبُ تَسْتَدْرِجُنَا إِلَى فُوَهَةِ...
إستقل الرجل طاكسي إلى ساحة "جَامَعْ لَفْنَا " ، إستأجرغرفة في أحد فنادقه ، أودع في الغرفة كيس قماشٍ ، الكيس الوحيد الذي كان يحمله وهو يترجل من الحافلة في المحطة الطرقية بمدينة مراكش . جرجر في الساحة رجليه ـ المحشورتين داخل حذاء متهالك ـ هنا وهناك ! بحثاً عن صديقه الحاوي الذي لم يره منذ سنين...

هذا الملف

نصوص
125
آخر تحديث

كتاب الملف

أعلى