محمد خضير

الجسرُ مَعبرٌ ومَسرَد، ذهابٌ وارتداد؛ علاقةٌ ذات طرفين متقاربين او متباعدين؛ ما أن تبدأ لغتُها بالاشتقاق والتصحيف، حتى تتولّد من الكلمة الراكزة على دعائم ثابتة عشراتُ المعابر الفرعية: "سرج، رجس، سجر".. وكلّ منها لفظة منزوعة من سرديات الرمال والمياه والنيران. فالجسر يسير أحياناً بأقدام عابريه،...
أكثر من منفذ يمكن أن يؤدي الى ذلك الوكر الصحفي، مقرّ جريدة "الضباب". ومن وكر الصحفيين المغامرين هذا، نفرز صحفياً استعار من وليم غولدنغ تورية "ملك الذباب" ليسيطر على المدينة التي غدَت ساحةً للاحتجاجات السياسية العارمة، وأسلوباً في زرع التناقض الايجابي في صميم الانهيار الذي سُمّي ب"الفراغ...
على جادة السكون المظللة بمراوح السعف كان فتى حليق الرأس يتحرم فوق دراجته الخفيفة، كالنائم، بين جدول واطئ مزبد بخيوط تشبه رغوة الصابون إلى اليسار، وجدار واطئ من الطين المتهدم إلى اليمين. تبدأ من حافة الجدول المعشب أرض تبعثرت فيها جذوع النخيل وأعشاب السوس والحلفاء المتوحشة، كما كان جدار الطين يحجز...
يُعد سرد الأحلام من أقدم الأنواع السردية في التاريخ: «وعندما نام أنكيدو رأى حلما، فنهض أنكيدو وقص رؤياه على صاحبه» (ملحمة جلجامش/ فصل 3). وفي هذا النوع من الأحلام ترى الذات الساردة نفسها في مركز العالم (مركز الكون السردي): «يا أبتِ إني رأيتُ أحد عشر كوكباً والشمس والقمر رأيتهم لي ساجدين»...
تدخل الرسائل البريدية خطابَ السرد باعتبارها عتبات أو محفزات ثانوية. ومن النادر أن يتألف النص القصصي من القوام التراسلي وأسلوبه الحقيقي وعنوان مرسله على اعتبار رئيسي. وما جعلني أحصي نصوص الرسائل، ولعي في الدخول على عمليات الارسال واعتراض الدلالة المرسلَة بكتمان شديد. بل تجاوزتُ ذلك الى الاشتراك...
انسحبَ المتظاهرون أمام قوات الشّرطة، وتفرّقوا جماعات وأفراداً في الأزقة المتفرّعة من ساحة التظاهر، وانحدر آخرون منهم في مداخل النفق الدائري الذي يتوسط الساحة. وما أن أحكمت القوات المزوَّدة بالهراوات ودروع الزجاج الطوقَ حول منافذ الساحة، حتى بات الانسحاب المتأخّر صعباً على فئة ظلّت تناور للبقاء...
غالبا ما تسود نقدَنا الأدبي العربي مسحةٌ عامة تغفل عسفاً الانبثاقات النوعية التي تشقّ سبيلها بين الركام والحطام الاجتماعي والتاريخي والأيديدولوجي. فقد غطّت أعمال نجيب محفوظ المتفوقة (الثلاثية ونظائرها الكبرى في الأدب المصري) الأفقَ المتوسط للقرن العشرين أمام أعمال طليعية نامية في الصف الثاني...
من غير الأسوار، هل للمدن القديمة وجود طبيعي وتاريخي، أثرٌ باقٍ في صُحف الأولين والآخرين، انتسابٌ أخير لعصر ما؟ للبيوت ضمن سور المدينة أسوار تحيطها. فالبيت جزء من صورة المدينة المسوَّرة، وركن لقسم من سكانها الذين يختارون التحصّن والاستقلال عنها. (تشذّ بيوت الصحراء والأهوار عن هذا التصنيف إلا...
يقول الكاتب النمساوي بيتر هندكه (نوبل ٢٠١٩) في أحد حواراته (المجموعة في كتاب من ترجمة إسكندر حبش، دار خطوط وظلال، ٢٠٢١): "ما أن نبدأ الكتابة حتى نجد أنها تريد شيئاً آخر؛ لا ترغب الكتابة في أن نعطي كلّ شيء". ومقابل غوته الذي كان يمتلك "غريزة ألا يقدّم كلّ شيء" فإنّ كتّاباً ألماناً مثل كلايست...
نشرت مجلة (بين نهرين) في عددها الأخير ملفاً ممتعاً عن (ثنائيات المصير في الادب العالمي) مترجماً عن المجلة الأدبية الفرنسية ماغازين ليترير (اربعون صفحة، ترجمة مبارك حسني). ويتضمن الملف العلاقة الثنائية بين أدباء مشهورين وسَموا القرنَ العشرين بميولهم الأدبية ونزواتهم الشخصية، مثل علاقة ماري شيللي...
جاء في القرآن الكريم أن زكريّا نادى ربَّه "نداءً خفيّاً" أي دعاه في سرّه كراهة للرياء وإخلاصاً في الدعاء. لكن ما أعنيه هنا في منشوري مختلف عن المعنى القرآني، فالنداء الخفي يقابل ما أظنّه الإلهام أو الحاسة الداخلية التي تشير على المرء اتباع رأي دون غيره من الآراء العامة، وسلوك سبيل مخالف للسبل...
من المواقف (حسب ارتباطها بموقف الباص، وتوقيف الحبس، ووقف التركة، وقفو الآثار، وقفا الوجه، وأخيرا وقوف الزمن) التي تطرأ على ذاكرة إنسانٍ طارئ على جو بغداد الصيفي، وقوفي في رواق شارع الرشيد، منطقة السنك، صبيحة السابع عشر من تموز ١٩٦٨، منتظراً باص مصلحة نقل الركاب رقم ٤ (الرقم السحري الذي سيحجز لي...
كنت أنوي أن أخصص عمود اليوم للحديث عن أيقونة من أيقونات الثقافة العراقية، المبدع محمد خضير وهو يدخل عامه الثمانين، محملاً بأحلام عراق معافى، مصراً على أن يشيع الوطنية في كتاباته ويتصيد حكايات العراقيين وهمومهم في قصصه.. محمد خضير الجنوبي الذي يكتب بصمت النساك، لم أقرأ له عملاً إلا وازددت يقيناً...

هذا الملف

نصوص
58
آخر تحديث

كتاب الملف

أعلى