رحو شرقي - وطن.. قصة قصيرة

كانت نهاية الفصل الأخير من السنة الدراسية، وقف المعلم أمام السبورة يصفق إشارة منه للإنتباه والحفاظ على الهدوء.
أراه ينظر إلينا نظرة عطف بإمعان أو كمن يريد إلقاء كلمة الوداع الأخيرة...هكذا ظننته.
ألتفت إلى حقيبته وأخرج منها كتابا، لم يكن ذلك الكتاب مدرسيا تزينه الألوان ولا الرسومات، ولم أقدر حتى على قراءة عنوانه أو إسم كاتبه.
يبدو لي بلون رمادي داكن مثل تلك الكتب التي يضعها أبي قرب سرير نومه، حجمه كان كخريطة تتسع للجميع.
في تلك اللحظة دخلت علينا حارسة تربوية تحمل ورقة و تسأل المعلم عن الغياب.
أجابها بابتسامة : لا ...لايوجد،
إلا ثلاثة تلاميذ الذين رحلت عائلاتهم.
بعدها رفع الكتاب وسأل الجميع :
ماهذا الذي بيدي؟
أجابوا بصوت واحد :
هذا كتاب ...هذا كتاب.
ثم سأل مرة أخرى :
مالون غلافه و صفحاته؟ أجابه الجميع أيضا وبصوت واحد....
احتمى القسم بالصمت وأعاد رفع الكتاب مرة ثانية قائلا: نعم هذا كتاب والجميع يعرف ...لكن لا تعرفوا أنه وطن ... فلا تمزقوا أوراقه.
قامت إحدى التلميذات محاذرة منضدتها وطلبت الكلمة من المعلم مستفسرة:
إذا نحن أوراق هذا الوطن يامعلمي؟
نعم؛ الكتاب وطن.
لكن يامعلمي لماذا في كل مرة نُمزقه بأيدينا؟!
كان سؤالا يحمل إجابة عفوية ، عميقة ، حزينة وذات معنى عندما فهمت التلميذة درس الوطن.

رحو شرقي/ معسكر/ الجزائر


تعليقات

تظل الأمثولة أو العظة التي خرجنا بها من هذا النص القصصي القصير هي الأبقى والأدوم، شكرا لك
 
أعلى