محمد آدم - أنا تعبت من كل هذه الحياة.. شعر

إلي البصري عبد السادة

أنا تعبت من كل هذه الحياة الكلبة
الحياة الوسخة علي الأقل
الحياة الأكثر من براز امرأة شرموطة
أو حقيبة طفل مناوئ
أريد أن أجلس إلي جواري
وأرتب أوراق روحي بنفسي
وهي تتنقل من حديقة حيوانات لزجة
إلي عنبر من عنابر النوستالجيا
لماذا نعبث بالفجر دائما ونحن نفلي
عين الشمس الحمئة
والتي لا تنام أبدا
في النهار
أجلس علي طاولة الميتافيزيقا
وبالليل أرتب شعر المرأة التي أريد أن أنام معها فوق السطوح
وعلي مرآى ومسمع من القمر
والنجوم
من يقول لي
أن هذه الحياة الكلبة
وبصدق
هي هي نفس الحياة التي أريد أن أبتكرها
وعلام تنظر هذه الشجرة بالذات
وهي تجلس علي أريكة الندم
وتحدق إلى غيمة في بنطال
التفاضلات
والتكاملات
في جيبي وضعت كافة ذكرياتي
المرحة
عن أجولة الطحين
والقش
وخمارات السوق الداخلي
والخبز الحافي لمحمد شكري
وحمالة الحطب
ورحت ألعب النرد أنا والفوضي
علي يسار الساقية المعطوبة
للطفولة المنسية علي ظهر حمار أعرج
ونوارج القمح المنقوعة
تري
ماذا تقول هذه الشجرة
عن كل تلك القصائد التي تنزو علي جلباب الطبيعة الحرجة
والتي أخذت تجف مثل جلباب قديم لطفل أعمي
فوق شوارع البصرة
وأزقة كنفوشيوس
أنا سئمت من السفر
والغياب
سئمت حتي من كتابة الأشعار الخائبة على الحائط
وعلب السجائر
ومناشير اللغة
عن الجسد
ومكعبات بيكاسو
والسورياليين العظام
وعن محكمة العدل الدولية التي لا تتخصص إلا في بول الإبل
وروث الخنازير
وعصير الليمون
ونكاح الموتي
وزواج المسيار
وفي نهاية كل تلك الرحلة
لم أجد غير قمصاني المبقعة بالدود
وفردتي حذاء
لا تقطعه سوى الأغربة
والنسانيس
علام تضجون بالضحك أيها المراؤون السفلة
يا أبناء الكلاب؟!
أنا
وعندما أصل الي محطة القطار هذه
سوف أضع جميع قصائدي في سلة مهملات
قذرة
وأدعو كافة السحالي
والفئران المجنحة
أن تبول بضجر
وحميمية
علي كل تلك القصائد التي لم تقدم شيئا للإنسانية الرثة
سوي كومة من الأنقاض
والوساخات..!!
لا
لا
توقفي عن عملك أيتها الساعات
فلم يعد في برزخ الروح من تفاوت
سوي جمجمة مكسورة
ومحملة بذكريات الموتي
وجثث التاريخ
وأكاذيب الجغرافيا
بي رغبة في الصراخ لحد الألم
لحد السموات السبع
وآخر طبقات الأرض
عندي رغبة في البكاء
لحد التبول الإرادي
واللاإرادي
علي العالم الحي
والعالم المميت
علي حد سواء
أنا
أشعر أن كينونتي زائفة
وحياتي معطلة
لحد الجنون
أن أحجار روحي الصخابة تنزلق وبضراوة
ناحية المستنقعات
أو داخل مطبخ من مطابخ الدولة
التي تغص باللصوص
ولاعبي الشطرنج
فوق أكياس القانون الدولي للعدالة
ان الأب
والإبن
والروح القدس
ما هي إلا مجرد أدوات للزينة
فوق مائدة عميان
أو كعلف زائد عن الحاجة تماما
في الشوارع الجانبية
سوف يسقط الكل في بالوعات النقائض الكونية
ومرضي اللوغاريتمات
المحبوكة من خلف ظهر الله
وحكايات الجدات
ان حياتنا الوسخة هذه
تمضي إلي الموت بثبات امرأة شرموطة
لا أحد يعود أبدا
ولا أحد يرجع من هناك نهائيا
ورغم كل ذلك
سوف نواصل الضحك والغناء
في سوف الروبابيكيا الكونية هذه
أريد أن أضع جسدي في جوال ناعم
وأحمله فوق رأسي كالمخدرات
أو فوق دراجة هوائية
وأدور به في السكك
والشوارع
وربما أصعد به إلي جوار السيد الجالس هناك علي العرش
أو كل تلك الخنافس المدوية
أو ربما
ألقي به تحت أرجل المارة
لم كانت البداية إذن
وما هو شكل النهاية بالأساس
ما هي حكاية التاريخ هذه
وعلي أي رقعة شطرنج يجلس الله
مع الشيطان
وهما يصنعان كل تلك الحكايات اليومية
في مبولة اللاجدوي
آه
ماذا فعلت يا أناي الزائفة في هذا اليوم بالذات
لاشئ
لاشئ
سوي البحث عن أغنية قديمة طلت من النافذة تحت حظيرة خنازير
أطل من النافذة فأري العالم فأرة
والسماء أرجوحة
وبغير ملابس داخلية
أو أنشوطات
لم لا أستقل هذا القارب إلي الشاطئ الآخر
هناك وحيث يرقد الموتي
آه
يا أناي الزائفة
أناي التي تربط الليل إلي فردة حذاء
وتكوم النهار
تحت حبة باذنجان!!
أنا
في الحارات الضيقة أرعي العجائز والمسنات
كل الشوارع لها رائحة الموتي
تري
أين ذهب كل أولئك الذين قابلتهم في دورات المياه
في بركة السبع
أو بلدة أسطنها
وتلبنت ابشيش
لاشك أنهم ماتوا
تحت أرجل الرأسمالية المتوحشة
والإشتراكية الفذة
وكميونة الأناجيل
موسي فوق الجبل
والعليقة علي جبل الطور
والرب ينزل ينزل من السماء، في موكبه الرسمي
لكي يرعي المارة
كما يرعي الماعز
والأغنام
ويطل علي العالم من نافذة مخرومة
أحيانا
ماذا أقول لنفسي
آه ياروحي الدبقة
يا روحي الزائفة
ويا أرض أحلامي البور
آه
يا أراضي الشاسعة التي لم يغرس فيها أحد
ولو شجرة ناشفة
أو حتي حبة فاصولياء
ماذا أفعل أنا بكل هذا ااخراء اللاإنساني
الذي يبدأ من الصفر
وينتهي عند مقهي الحافة
أقود مزولتي المتوقفة عن العمل
وأركب عربة الروبابيكيا؟! في الشرق دائما لا شئ
في الغرب دائما لا شئ
سوى رحلة العودة
إلي اللاتصانيف؟!


محمد آدم

أحدث المراجعات

أحيانا كثيرة يخيل لي ان الرصيد اللغوي وحده غير مجد لصياغة اثر ادبي .. من دون توفر الرصيد المعرفي اللازم والضروري للمبدع.. ذلك ان النص يتحول الى قطعة إنشاء مهما تففن في صياغتها في الحالة الاولى .. بينما يتحول الى تحفة ادبية راقية في الحال الثاني .. كذلك اجدني ازاء نصوص الشاعر المصري محمد آدم.. استاذ الفلسفة الذي اضاف للشعر العربي العديد من القيم الجمالية ورفعه الى مصاف الشعر العالمي بمواصفاته العظيمة .. أعني الحداثة الشعرية التي تمتح من الفلسفة والاسطورة والتصوف والتمرد على ثوابت العصر الحجري الجديد
واتعجب كيف لا يلتفت النقد الادبي الى شاعر كبير بحجم محمد آدم، ام انعدمت الذائقة الادبية لدى القارئ العربي

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى