كرة القدم نقوس المهدي - العلاقة الجمالية بين كرة القدم والأدب

[يحبُّ دنوَّها لهفاً إذا ما = دنتْ منه بكدٍّ أي كدِّ
قلاها ثم أتبعها بضربٍ = وأعقب قربها منه ببعدِ]
محاضرات الادباء - الراغب الاصفهاني
***
[«إنها الديانة العلمانية للبروليتاريا] إريك هبسباوم
***
* "Tout ce que je sais de la morale, je l'ai appris sur un terrain de foot"
ألبير كامي

******


في خضم العراك الكروي الدولي لدورة 2014 ، عرض الاخ جبران الشداني مؤسس منتدى مطر على الادباء و الشعراء مقترحا لمواكبة أخبار العرس الرياضي ، بعض الاخوة ممن أغراهم الاقتراح، اعلنوا تفضليهم اللعب عن المشاهدة ، لما فيه من حركية ونشاط وحيوية، فيما فضل البعض المشاهدة على اللعب لما فيها من فرجة وتسلية وترويح عن النفس من دون عناء، بينما ابدى آخرون إعراضهم و نفورهم وتبرمهم من هذه اللعبة جملة و تفصيلا، مبررين احجامهم و مواقفهم من تسميته بالعرس أو الكرنفال الكروي، وهو المبني اساسا على المنافسة والمشاحنات، والشجار، وبعيد جدا عن التسامح والروح الرياضية.
و بما أني قرأت في اماكن متعددة عن حكايات و اخبار طريفة تخص هذه المواقف المتناقضة للأدباء والفلاسفة من الساحرة المستديرة كما يسمونها تفضيلا ، فقد استهوتني هذه العلاقات الاشكالية التي اسالت الكثير من الحبر والعرق، وطبعت سلوك الادباء عموما، وخلقت العديد من أساطين اللاعبين، وولدت العديد من المواقف و الآراء المتنافرة ، و وقفت على عدة حقائق و اسرار تعتور هذه العلاقة المريبة التي تراوح بين النفور و القبول الى التعصب احيانا ، خاصة ان من الادباء و المفكرين من عشقها ممارسا و لاعبا و حارسا و معلقا ، و اعتبروها اخلاقا و شريعة ، و سموا بالعلاقات الانسانية ، و سبيلا لتقارب الشعوب و التسامح والصفح ، كقول [صاحب نوبل وعميد الرواية العربية لرجاء النقاش: قد لايصدق أحد أننى كنت فى يوم من الأيام «كابتن» فى كرة القدم، واستمر عشقى لها حوالى عشر سنوات متصلة، فى أثناء دراستى بالمرحلتين الابتدائية والثانوية. ولم يأخذنى منها سوى الأدب ولو كنت داومت على ممارستها فربما أصبحت نجما من نجومها البارزين]، وألبير كامو الذي كان حامي مرمى، وسارتر وهيمنغواي اللذان طانا ملاكمين، ومحمود درويش الذي فتن بمارادونا، والشاعر المغربي مبارك وساط الذي كتب عن حبه لكرة القدم يقول فيها: [انتقد أحدُ أصدقائي الطّيّبين عدم اهتمامي كفايةً بكرة القدم، والغريب أنّه يُتابع جَيّداً كتاباتي الشِّعرية (والنّثرية)، فكيف، يا تُرى، غابتْ عن ذهنه قصيدتي التي تشهد على مناصرتي القويّة لفريق كُرويّ له حضوره البارز ؟ (😄) ها هي القصيدة :
نَصـرٌ مؤكّـد
"وثمّة عجوز بقربي وقفتْ
وبدأتْ ترقص
فاندلق من أكمامها شلال حبر أسود
على حذائي الرّياضي الأبيض!
مع هذا، أنا فرحان فرحان:
ذلك أنّي سأمضي إلى الملعب على الفَور
وأنّي واثِقٌ من أنّ النّصر سيكون
من نصيب دينامو البَرْنُوصِي
في مباراته ضدّ أخطر فريق للهياكل
العظميّة
في كلّ العُصور.
أنا واثق
واثق تماما من النّصر! .".]
ومنهم من كرهها و اعتبرها مضيعة للوقت، وشغلا الناس، وهدرا للطاقات والجهد والمال، والجري وراء ما لا يجدي، ولا يفيد مثل خورخي لويس بورحيس، وجوزيف كونراد، وامبرتو إيكو الذي يعتبرها حربا وأفيونا للشعوب، فيما يعتبرها د. منصف اليازغي بأن (كرة القدم امتداد للحرب لكن بوسائل أخرى)، لما أضحى لها من سلطة كبيرة على العقول، وتضبيعها، وتأثيرها المباشر على الحياة الاجتماعية والاقتصادية.. بما تثيره من أحقاد وأحداث دامية وتخريب وقتل، وعنف، وغش، ومنافسة غير شريفة وأمور أخرى لا علاقة لها بالروح الرياضية، ومواجهة عسكرية، إشارة للحرب التي اندلعت بين هندوراس والسالفادور سنة 1969
وقد اتخذت هذه اللعبة مادة للعديد من الاعمال الروائية والفلسفية و المسرحية والسينمائية والمقالات الصحفية، والبرامج التلفزونية والإذاعية، وخلال البحث صادفت عدة مقالات عميقة ومحاضرات قيمة تناقش الارتباط الوثيق و العلاقة الجدلية بين الكرة وجميع مناحي الحياة العامة
و فد صادفت مقولة يقول صاحبها : [بأن الامة التي فيها رياضبون كبار ، يوجد فيها بالضرورة علماء عظام و ادباء عظام و ساسة عظام].

****

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى