جاؤوا إليه مسرعين، لاهثي الأنفاس، في سعي منهم إلى أن يكونوا السبّاقين لسواهم، كما يحصل ذلك منذ عهود طويلة، وكلهم توق إلى رؤية من نُصِبَ سيداً للبلاد، ومباركته كعادتهم مع الذين سبقوه، وهم يحملون إطاراً، بدا عليه القِدَم جلياً، ليقدموا له، من أجل صورته على طريقتهم، تعبيراً عن إخلاصهم له أيضاً.
استقبلهم سيد البلاد بعد طول وقت، إذ كان هناك حشود تتوالي إلى القصر ، بهيئات مختلفة، وهو ما أقلقهم كثيراً، خوفاً من أن يكون هناك من فوَّت عليهم فرصة ذهبية كهذا. كانوا ينظرون إلى بعضهم بعضاً نظرات تترجم لوماً متبادلاً حتى لحظة مناداتهم والإذن لهم بالدخول .
استقبلهم سيد البلاد، حيث قرئت أسماؤهم ومن يكونون، أي بوصفهم ممثلي كتاب وصحفيين وفنانين. رحَّب بهم السيد، مقدَّراً فيهم حسهم الوطني، وإخلاصهم للبلاد كذلك.
إنما ما أثار استغرابه هو وجود إطار، مجرد إطار، متوسط المساحة. لقد أدركوا ذلك بحكم تجاربهم مع من كانوا قبله، وقدَّروا فيه فطنتهم، فبادر أحدهم إلى القول:
سيدي، هذا إطار لوضع صورتكم فيه، وسوف يجري ترتيبها أفضل بكثير من صور الآخرين، نظراً لموقعكم المختلف.
إنما لماذا لم توضع الصورة ؟
اطمئنوا سيدي، سوف تجدون ما يسرّكم، نحن نعرف الأسلوب الأمثل في تركيب صورة غير مسبوقة ، صورة لم يسبق أي كان من قبل أن تفتق ذهنه عن طريقة مذهلة كهذه لتصميمها !
لم يشأ السيد أن يستفسر، حتى لا يفسَّر كلامه جانبياً. ثم قال: ننتظر ونرَ !
بعد أيام جاؤوا إليه، حاملين إطارهم معه، وهو مغلَّف، فدخلوا إلى مقره المهيب، وكان هو في توق إلى الصورة الأولى التي ستوضع له في الإطار.
فوجىء السيد بالإطار نفسه، اغتاظ، لكنه تمالك نفسه، وهو يسألهم سريعاً: أين الصورة التي وعدتموني بها .
لن تكون هناك صورة سيدي ؟
قالها من تم تعيينه ليمثلهم .
زاد استغراب السيد، وهو يسأل : ماذا دهاكم ؟
بادر ممثّلهم إلى التوضيح مباشرة، وهو ينتظر هذه اللحظة: سيدي، كل من استلم هذا المنصب الذي أنتم فيه، كانت توضَع له صورة حقيقية ، صورة فعلية فيه. أما سيادتكم، فقد تدارسنا الموقف طويلاً، وارتأينا أن نقدَّم إطاراً دون أي صورة، لتكونوا خلافهم جميعاً !
زاد استغرابه وفضوله: كيف ذلك ؟
سيدي، أنتم أكبر من الصورة، قالها ممثلهم. لكلٍّ منا صورة تعرّف به، وأن توضع صورة لكم ضمن هذا الإطار المعروف، فسوف تكونون كأي كان، ولستم كأي كان. ولا بد أن سيادتكم، ستسألون عن الطريقة. دعوها علينا سيدي، سوف نجعل كل من في البلاد يتحدث عن صورتكم التي لم توجد مثلها، فهذه وظيفتنا، وما نقوم به، لم يجري مع أي كان .
بين ماض في استغرابه، ومقدّر لهذه الطريقة، هز رأسه علامة الموافقة، وهو يقول: سنتابع ذلك.
في اليوم التالي، نشِرت الصورة في كل الصحف الرسمية، وفي واجهة الإعلام المرئي، وسط كم هائل من التعليقات التي كالت المديح للصورة . لم يكن هناك سوى الإطار ! سوى أن الذين أفصحوا عن مواقفهم، وعن تحليلهم لما يحيط به الإطار، وطبيعته، أظهروا فرادة الصورة، وهم يتحدثون عن هيئة السيد، ملامحه، ابتسامته المشعة ذات الهيبة، نظرته، الألوان المستعملة، طريقة التصوير، كما لو أنها مرسومة بدقة استثنائية.. كل الأمور المتعلقة بسيمياء الوجه.
قصماء عصماء كتبت، خطب رنانة قيلت، معارض فنية أقيمت، تخص وجه سيد غير مرئي، لكن المخلص للبلاد، ولسيدها، وحده القادر على الحديث عنها بتفاصيلها.
ولتكون الصورة المفترضة، كما أسلفت، مثار تعليقات آخرين، من قرّاء عاديين وكتاب ومعنيين بما يجري، وفي مواقع التواصل الاجتماعي. لقد مدِحت الصورة في كل ما يخصها، وبشكَّل مكثف وموجَّه، ووجّه الشكر إلى الذين صمموها وبمثل هذه الطريقة الفريدة من نوعها حقاً.
ولأيام طوال، تتالى نشر المقالات والتعليقات، وكل مقال يكيل المديح لسابقه، ويظهِر المزيد من مزايا الصورة، وعظمة إطار بهذا الشكل، والأكثر إخلاصاً هو الأكثر براعة في ذكر مزاياها .
لأول مرة ، يتنبه السيد إلى اللعبة الذكية للذين جاؤوا إليه مباركين، وطريقة تصميمهم للصورة غير الموجودة. لقد أعجبته اللعبة، وأي إعجاب، فمنحهم أوسمة، وخصص لكل منهم مكافأة لم يحلم بها.
بعد الذي تم، فوجىء من خططوا للعبة، عند زيارتهم للقصر، وفي اليوم التالي مباشرة، عدم ظهور السيد لاستقبالهم. استغربوا ذلك، سوى أن القائمين بأمور القصر، ممن فطنوا إلى اللعبة، أعلموهم أن السيد موجود، وهو يراهم جميعاً، كما هو وضع صورته بالنسبة إلى الإطار.
لم يكن في وسعهم السؤال، أو الاعتراض حتى في داخلهم، وكان عليهم في كل مرة أن ينشروا خبراً عن زيارتهم للسيد في قصره، والحديث عن حيويته المضظردة، فثمة من يتتبع أمرهم .
على هذا المنوال، بُدء بتنظيم أمور القصر، حتى من قبل العاملين فيه، فكل من ينضم إليهم من جديد، يثني على السيد دون أن يراه، إلى درجة تزايد أعداد الذين تزايدوا وتعاقبوا في هذه المهمة/ الوظيفة، وهم يتصرفون كما لو أن السيد موجود، وليكون هناك دائماً من يمثّله داخلاً وخارجاً، دون أي اعتراض من أحد .
الخطوة التالية، تمثلت في عرض لأولئك، قدَّموه للسيد، وهو يتمثل في فكرة تنشَر رسمياً، ويروَّج لها، ألا وهي السماح لأي كان في أن يلتقط صورة له مع السيد، وتوضع داخل الإطار نفسه، صورة حقيقية، تعلَّق في بيته، وفي أي جهة من الإطار يريد، وبالمقابل طبعاً، وقد أوحي أن السيد موجود، وإن لم يُر.
كثرت أعداد المقاولين، السماسرة، العاملون في هذا المجال. زاد الضغط على العاملين في التصوير، وصناعة الأطر، وكسبوا مبالغ هائلة، كانت نسبة منها تذهب إلى جيوب السماسرة وأولي أمره . كان من الصعب رؤية بيت، لم تعلَّق صورة لصاحبه، ضمن إطار، وهو كل الاقتناع بأنه التقط صورة مع سيده الأوحد في البلاد. لم يكن في مقدوره تأكيد العكس.
تطورت فكرة الإطار، إلى النحت، من خلال تمثال، لم يصمَّم فيه سوى الشكل، وإبقاء فراغ مؤطّر، أشير إلى أنه ليس فراغاً، إنما صورة السيد التي تُرى لمن يحسن النظر إليها.
وجاءت الخطوة التالية، مثل الإطار الأول وصورته، وتمثلت في السماح لأي كان أن يلتقط له صورة، من خلال ذلك الفراغ، والترويج بأنه التقط صورة أخرى مع سيده .
كان التقاط الصورة علامة الوطنية والإخلاص للسيد الكبير، وهو ما فطِن إليه القائمون باللعبة.
عندما علِم السيد بكل هذه الأمور من خلال مستشاريه ومساعديه، استشعر راحة كبيرة، ففي وسعه أن يخطب، أن يتكلم، أن يحضر أي اجتماع، حيث يقدَّم له، دون أن يكون موجوداً، كان يشار إليه، إلى صوته الذي وجِد كثيرون ماهرين في تقليده، وكأنه هو هو .
كان ذلك ضغطاً وقع على عاتق كتاب البلاد ومثقفيها أيضاً، ومن خلال منابر رسمية وخاصة، فلقد عليهم بدورهم أن يقوموا بواجبهم تجاه السيد. فكانت التنافسات، والإعلان عن جوائز، وعن مناسبات لهذا الغرض، إلى جانب كتب تتناول جوانب مختلفة من شخصية السيد .
لم يعد في مقدور أي كان، أولئك الذين يترددون على زيارة القصر، أولئك الذين يعملون في القصر، ومن يلحقون بهم، وهو يتعرض لمتغيرات الزمان، أن ينبسوا ببنت شفة عما يرونه، خوفاً من العقاب، فثمة حاشية كبيرة تتولى متابعة كل شاردة وواردة في البلاد .
هل مات السيد الأوحد في البلاد ؟ لا أحد يستطيع حصر السنين التي خُصَّ بها بقاؤه في منصبه الكبير، أو تحديد سنّي عمره، ولم يتسرب أي خبر عن أنه مات. فالذي قدّم إطاراً باسمه ودون صورته، كفل بقاءه إلى الأبد، هو ومن كانوا وراء فكرة الإطار من دون صورة، ومن خلَّفه، ومن خلف من خلفه.. وهكذا.... وبالطريقة هذه أديرت شئون البلاد والعباد ..!
إبراهيم محمود
استقبلهم سيد البلاد بعد طول وقت، إذ كان هناك حشود تتوالي إلى القصر ، بهيئات مختلفة، وهو ما أقلقهم كثيراً، خوفاً من أن يكون هناك من فوَّت عليهم فرصة ذهبية كهذا. كانوا ينظرون إلى بعضهم بعضاً نظرات تترجم لوماً متبادلاً حتى لحظة مناداتهم والإذن لهم بالدخول .
استقبلهم سيد البلاد، حيث قرئت أسماؤهم ومن يكونون، أي بوصفهم ممثلي كتاب وصحفيين وفنانين. رحَّب بهم السيد، مقدَّراً فيهم حسهم الوطني، وإخلاصهم للبلاد كذلك.
إنما ما أثار استغرابه هو وجود إطار، مجرد إطار، متوسط المساحة. لقد أدركوا ذلك بحكم تجاربهم مع من كانوا قبله، وقدَّروا فيه فطنتهم، فبادر أحدهم إلى القول:
سيدي، هذا إطار لوضع صورتكم فيه، وسوف يجري ترتيبها أفضل بكثير من صور الآخرين، نظراً لموقعكم المختلف.
إنما لماذا لم توضع الصورة ؟
اطمئنوا سيدي، سوف تجدون ما يسرّكم، نحن نعرف الأسلوب الأمثل في تركيب صورة غير مسبوقة ، صورة لم يسبق أي كان من قبل أن تفتق ذهنه عن طريقة مذهلة كهذه لتصميمها !
لم يشأ السيد أن يستفسر، حتى لا يفسَّر كلامه جانبياً. ثم قال: ننتظر ونرَ !
بعد أيام جاؤوا إليه، حاملين إطارهم معه، وهو مغلَّف، فدخلوا إلى مقره المهيب، وكان هو في توق إلى الصورة الأولى التي ستوضع له في الإطار.
فوجىء السيد بالإطار نفسه، اغتاظ، لكنه تمالك نفسه، وهو يسألهم سريعاً: أين الصورة التي وعدتموني بها .
لن تكون هناك صورة سيدي ؟
قالها من تم تعيينه ليمثلهم .
زاد استغراب السيد، وهو يسأل : ماذا دهاكم ؟
بادر ممثّلهم إلى التوضيح مباشرة، وهو ينتظر هذه اللحظة: سيدي، كل من استلم هذا المنصب الذي أنتم فيه، كانت توضَع له صورة حقيقية ، صورة فعلية فيه. أما سيادتكم، فقد تدارسنا الموقف طويلاً، وارتأينا أن نقدَّم إطاراً دون أي صورة، لتكونوا خلافهم جميعاً !
زاد استغرابه وفضوله: كيف ذلك ؟
سيدي، أنتم أكبر من الصورة، قالها ممثلهم. لكلٍّ منا صورة تعرّف به، وأن توضع صورة لكم ضمن هذا الإطار المعروف، فسوف تكونون كأي كان، ولستم كأي كان. ولا بد أن سيادتكم، ستسألون عن الطريقة. دعوها علينا سيدي، سوف نجعل كل من في البلاد يتحدث عن صورتكم التي لم توجد مثلها، فهذه وظيفتنا، وما نقوم به، لم يجري مع أي كان .
بين ماض في استغرابه، ومقدّر لهذه الطريقة، هز رأسه علامة الموافقة، وهو يقول: سنتابع ذلك.
في اليوم التالي، نشِرت الصورة في كل الصحف الرسمية، وفي واجهة الإعلام المرئي، وسط كم هائل من التعليقات التي كالت المديح للصورة . لم يكن هناك سوى الإطار ! سوى أن الذين أفصحوا عن مواقفهم، وعن تحليلهم لما يحيط به الإطار، وطبيعته، أظهروا فرادة الصورة، وهم يتحدثون عن هيئة السيد، ملامحه، ابتسامته المشعة ذات الهيبة، نظرته، الألوان المستعملة، طريقة التصوير، كما لو أنها مرسومة بدقة استثنائية.. كل الأمور المتعلقة بسيمياء الوجه.
قصماء عصماء كتبت، خطب رنانة قيلت، معارض فنية أقيمت، تخص وجه سيد غير مرئي، لكن المخلص للبلاد، ولسيدها، وحده القادر على الحديث عنها بتفاصيلها.
ولتكون الصورة المفترضة، كما أسلفت، مثار تعليقات آخرين، من قرّاء عاديين وكتاب ومعنيين بما يجري، وفي مواقع التواصل الاجتماعي. لقد مدِحت الصورة في كل ما يخصها، وبشكَّل مكثف وموجَّه، ووجّه الشكر إلى الذين صمموها وبمثل هذه الطريقة الفريدة من نوعها حقاً.
ولأيام طوال، تتالى نشر المقالات والتعليقات، وكل مقال يكيل المديح لسابقه، ويظهِر المزيد من مزايا الصورة، وعظمة إطار بهذا الشكل، والأكثر إخلاصاً هو الأكثر براعة في ذكر مزاياها .
لأول مرة ، يتنبه السيد إلى اللعبة الذكية للذين جاؤوا إليه مباركين، وطريقة تصميمهم للصورة غير الموجودة. لقد أعجبته اللعبة، وأي إعجاب، فمنحهم أوسمة، وخصص لكل منهم مكافأة لم يحلم بها.
بعد الذي تم، فوجىء من خططوا للعبة، عند زيارتهم للقصر، وفي اليوم التالي مباشرة، عدم ظهور السيد لاستقبالهم. استغربوا ذلك، سوى أن القائمين بأمور القصر، ممن فطنوا إلى اللعبة، أعلموهم أن السيد موجود، وهو يراهم جميعاً، كما هو وضع صورته بالنسبة إلى الإطار.
لم يكن في وسعهم السؤال، أو الاعتراض حتى في داخلهم، وكان عليهم في كل مرة أن ينشروا خبراً عن زيارتهم للسيد في قصره، والحديث عن حيويته المضظردة، فثمة من يتتبع أمرهم .
على هذا المنوال، بُدء بتنظيم أمور القصر، حتى من قبل العاملين فيه، فكل من ينضم إليهم من جديد، يثني على السيد دون أن يراه، إلى درجة تزايد أعداد الذين تزايدوا وتعاقبوا في هذه المهمة/ الوظيفة، وهم يتصرفون كما لو أن السيد موجود، وليكون هناك دائماً من يمثّله داخلاً وخارجاً، دون أي اعتراض من أحد .
الخطوة التالية، تمثلت في عرض لأولئك، قدَّموه للسيد، وهو يتمثل في فكرة تنشَر رسمياً، ويروَّج لها، ألا وهي السماح لأي كان في أن يلتقط صورة له مع السيد، وتوضع داخل الإطار نفسه، صورة حقيقية، تعلَّق في بيته، وفي أي جهة من الإطار يريد، وبالمقابل طبعاً، وقد أوحي أن السيد موجود، وإن لم يُر.
كثرت أعداد المقاولين، السماسرة، العاملون في هذا المجال. زاد الضغط على العاملين في التصوير، وصناعة الأطر، وكسبوا مبالغ هائلة، كانت نسبة منها تذهب إلى جيوب السماسرة وأولي أمره . كان من الصعب رؤية بيت، لم تعلَّق صورة لصاحبه، ضمن إطار، وهو كل الاقتناع بأنه التقط صورة مع سيده الأوحد في البلاد. لم يكن في مقدوره تأكيد العكس.
تطورت فكرة الإطار، إلى النحت، من خلال تمثال، لم يصمَّم فيه سوى الشكل، وإبقاء فراغ مؤطّر، أشير إلى أنه ليس فراغاً، إنما صورة السيد التي تُرى لمن يحسن النظر إليها.
وجاءت الخطوة التالية، مثل الإطار الأول وصورته، وتمثلت في السماح لأي كان أن يلتقط له صورة، من خلال ذلك الفراغ، والترويج بأنه التقط صورة أخرى مع سيده .
كان التقاط الصورة علامة الوطنية والإخلاص للسيد الكبير، وهو ما فطِن إليه القائمون باللعبة.
عندما علِم السيد بكل هذه الأمور من خلال مستشاريه ومساعديه، استشعر راحة كبيرة، ففي وسعه أن يخطب، أن يتكلم، أن يحضر أي اجتماع، حيث يقدَّم له، دون أن يكون موجوداً، كان يشار إليه، إلى صوته الذي وجِد كثيرون ماهرين في تقليده، وكأنه هو هو .
كان ذلك ضغطاً وقع على عاتق كتاب البلاد ومثقفيها أيضاً، ومن خلال منابر رسمية وخاصة، فلقد عليهم بدورهم أن يقوموا بواجبهم تجاه السيد. فكانت التنافسات، والإعلان عن جوائز، وعن مناسبات لهذا الغرض، إلى جانب كتب تتناول جوانب مختلفة من شخصية السيد .
لم يعد في مقدور أي كان، أولئك الذين يترددون على زيارة القصر، أولئك الذين يعملون في القصر، ومن يلحقون بهم، وهو يتعرض لمتغيرات الزمان، أن ينبسوا ببنت شفة عما يرونه، خوفاً من العقاب، فثمة حاشية كبيرة تتولى متابعة كل شاردة وواردة في البلاد .
هل مات السيد الأوحد في البلاد ؟ لا أحد يستطيع حصر السنين التي خُصَّ بها بقاؤه في منصبه الكبير، أو تحديد سنّي عمره، ولم يتسرب أي خبر عن أنه مات. فالذي قدّم إطاراً باسمه ودون صورته، كفل بقاءه إلى الأبد، هو ومن كانوا وراء فكرة الإطار من دون صورة، ومن خلَّفه، ومن خلف من خلفه.. وهكذا.... وبالطريقة هذه أديرت شئون البلاد والعباد ..!
إبراهيم محمود