محمد عمار شعابنية - اقترب من ضعافك يا بلدي.. شعر

هل سيُشغل نارًا
ولا نارَ ترقص في حضرة الثلج هذا الشتاءْ؟ْ
كان ثمّةَ قُرب الزريبة أغصانُ فِلّينَ يابسة ٌ منذ صيْفْ
ظلّ يحرسها رُبع عام ونيْفْ
من ثِقاب الطفولة
إنّ الطفولةَ تفرحُ
إذْ يتمطّى اللهبْ
في يَبَاس الحَطبْ .
ظل يحرسها مثلما
يحرس البال ذكرى تلاطفها الرّوحُ
أو أمنيهْ
علّ دفءا إذا البرْد يوما أتى
يتوزع من جمرها في المفاصل نشوانَ كالأغنيهْ

هل سيوقد نارًا
فيشغل أغصان فلّين بَلّلها الماءُ قُرب الزريبة
أمْ في الزريبة عِجلان لم يكترثْ بهما
فهو أعْجزُ من أنْ يحرّك ذَيْلَيْهما
ليؤكّد للطقس أنهما يُرزقانْ
بعدما بَيّض الثلجُ جِلْدَيْهما
قبل أنّ تجْزم العيْن أنهما صنمان.

السحابة تحمل ما ينفع الأرض
والأرض تحمل ما ينفع الناس
والناس إنْ قدَر الله زِرْقًا عليهم
يقولون إنّ الإله َابتلانا
وأغني سوانا
ولكنْ هنالك يصْطكّ في البرد كوخ
وفي الكوخ كهلُ
و«مخلوقة»
وثلاثُ بنات
وطفلُ
يقولون :
لا صوتَ يملأ أفواهَنا كي ننادي
عسى أن تُمَدّ الأيادي
إلينا بما في قلوب ٍ
تحرّكها رحمة في البلاد

كان لا بدّ من خشب أو حطبْ
أو بقايا من الفَحْمِ
أوْ موْقدٍ في فتيلته النفط يسري..
وبعضِ الثّقابْ
كيْ تُمدّدَ في زحمة الصمت كلّ أيادي
إلى حُزْمة من لهَبْ
في ارتعاش.. لتقطفَ فاكهة البردّ من شجر الدّفءِ
يا نارُ أيْنكِ؟
ما أوْحش القلب والرّوحَ
إذْ تهرب النّار من غضب الطقس في يوم قَرِّ.

ربما هوّ أقوى من الجوع يوميْن أو سبعةٍ...
هو أقوى بصبْر تراكم في عهد من جوّعوهْ
يا لِعار الزمان السّفيهْ..
إنما الجوع أقوى من الطفل...
من زوْجةٍ ..
وثلاثِ بناتٍ..
وعِجْليْن لا تِبْنَ يرْحم بطنيْهما في الزريبهْ
بعدما ابْيَضّ جِلْدَاهما الأدْهمانْ
هل هما صنمَانْ؟

سوف يحيا إذا قدّر اللهُ
أوْ سيموتْ
بعدما أُجْلِدتْ في عناء بيوتْ
وهي أعْسر من أنْ تراها عيون القوافل
أو يتذكّرها الخبز والزيت والالبسهْ
فاقتربْ من ضعيفك يا بلدي
فهو في جسد الشعب عضوٌ
وإذْ يتوجّع في جسد الشعب عضو فما أتعسهْ


محمد عمار شعابنية
المتلوي 12/02/2012


ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
* مما أوحت به ضراوة تكدّس الثلوج في الشمال الغربي للبلاد التونسية منذ ما يزيد على أسبوع ضاعف في معاناة المثلوجين.

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى