بالأمس .. انتابتنى حالة وجدانية .. فكرة قصة جديدة .. أطلت برأسها ، ألحت فى الخروج .. راودتنى .. أمسكت القلم , أخذت أحاول .. قلبت ذاكرتى .. أحشائى .. أوراقى المهملة .... عانيت .. تعبت .. سألت نفسى .............؟؟؟؟!!!!!
" ماذا سأكتب .. وكل ما برأسى تافه , فارغ .. مجرد ثرثرة سمجة , ومملة .. وأفكار هشة ضعيفة لا تصلح لصياغة قصة .. مواقف " درامية " .. " كوميديا ".. من زمن غابر .. أحتفظ بها فى جمجمتى .. وأحداث عادية جداً , وعابرة .. إذا تحدثت عنها إنقلب الحديث إلى ثرثرة .. تجعل من يقرأها , أو يسمعها , يمل .. وربما امتعض , وزهق ...
وظللت غارقاً في حيرتي .. اكلم نفسي .. اتجول في غرفتي .. أمسك أوراقي تارة , وبيدي الاخري أمسك رأسي .. أكتب شيئاً ما دار بداخلي.. أصغي له وهو يصرخ .. أكتب أشياء .. أعيد قراءتها أخجل منها , أشطبها , أمزقها .. أكتب غيرها.. أتوقف للحظة .. أعيد قراءتها فــ ..........
" ولما كانت نفسي غير هادئة .. أطفأت المصباح .. لففت جسدي بالظلام الدامس .. وأسترخيت فوق سريري .. حتي يهدأ الألم .. الذي كان يعصف برأسي .. شددت جفوني علي دبابيس أنغرست في الشبكية.. حاولت أن أنام .. أستعذت بالله من الشيطان الرجيم .. وقرأت الفاتحة .. المعوذتين .. الصمدية .. ووهبت ثواب ما قرأت .. لروح أبي الذي فارقنا ..منذ تسعين يوما .. ثواني معدودة .. برهة , أنتفض فيها من جديد , شيطان الكتابة , من قمقم رأسي , المتعبة .. يشدني من أذني .. التي نفث فيها شره , ووسوس في صدري , ببضع كلمات , وأنصرف ..
فوثبت كالمجنون .. أبحث عن أوراقي .. أحشائي .. مصباحي .. ذاكرتي .. أقلامي .. كانت أوراقي ملقاة علي ألأرض ومبعثرة .. بطريقة عشوائية.. أمسكت واحدة نجا ما بداخلها .. حملقت بين السطور .. أبحث عن موضعٍ .. حتي أضيف ما القاه الشيطان آنفاً .. لكن الكلمات راحت .. تتفلت .. تهرب .. تفر .. تتسرب .. تتبخر .. تتلاشي ... أستَشيطُ غيظاً ..
تمنيت لو أني أري الشيطان الرجيم .. حتي أُوسعه لكماً .. أو ضرباً علي أُم رأسه بالنعال .. ليموت ألف مرة .. لأستريح منه , وأنام .. فأنا الليلة ... متعب ... مجهد ... ومريض ...
" وحين عادت الأفكار .. تتقافز من جديد في رأسي .. وعاد معها اللعين .. يوسوس في صدري وعادت الصور .. تمرق من أمام عيني .. بسرعة البرق .. والأحداث المتراكمة .. المزدحمة .. تتداخل .. تتشابك .. في عراك مرير .. كنت في استرخاء تام "
عصرت رأسي بكلتي يديّ ....." لأن الصداع كان يفلقها نصفين .. أو ثلاث .. أو أربع " ....
أتذكر ...... أسترجع ...
في المساء ذهبت .. الي بيت أخي الكبير .. ــ لا أذكر لماذا ذهبت ــ فوجدت البنت التي كانت .. وهي صغيرة , تصعد علي السطح لتجلس أمامي .. بالساعات في الشتاء , والصيف .. بيدها المرآة .. والمشط .. والكتاب الذي تتخذه حجة للمذاكرة .. يتوسد حجرها .. في سكون .. وكانت تتعمد كشف شعرها أمامي .. لتمشطه فأري سبائكه الذهبية .. تتطاير مع الريح .. " وكانت تكشف أشياء أُخري من جسدها " وجدتها تزف لأبن الجيران ..
" ملحوطة " :
ـ " بعد اليوم سوف أجلس وحيداً .. أستمع الي مدفع الإفطار بمفردي "
الصور تتراقص من جديد .. تهتز هزات عنيفة .. والأفكار تتصارع , تتداخل .. في معركة مريرة أصابت رأسي بدوار .. يشبه دوار البحر .. فصرت أشعر وكأن مطارق من حديد .. تدق رأسي .. تفصلها عن عنقي .. وتلقي بها إلي الجحيم .......
نهضت .. تركت أوراقي .. أفكاري .. أحشائي .. صوري .. أقلامي .. وضوء المصباح .. " في الشهر المنصرم .. دفعت خمسة عشر جنيهاً .. لمحصل النور .." أفكاري تمزق رأسي .. تشرئب تتهم قدراتي .. وتشكك في شخصي .. " صنعت كوباً من الشاي علي " وآبور الجاز " وضعته أمامي .. بقطعتين من الجمر الملتهب .. لسقت في رأسي .. أتأمل أبخرته , وهي تتصاعد .. علي شكل حلزوني .. أوراقي .. متناثرة , مُتكورة , مبعثرة فوق الأرض .. أمسكت واحدة .. مددتها أمامي .. وأنا أشعل ذاكرتي .. وسيجارتي العشرين .......
في شبه غيبوبة .. " مرقت صورة من أمامي .. سريعة .. خاطفة .. لفتاة كانت غرفة نومها .. تطل علي غرفة نومي .. في البيت الذي كنت أسكنه , في المدينة البعيدة " ....
فأرجأتها الي قصة أخري " .............
" وصور أخري كثيرة ... مخلة ... مخجلة ... ألحت عليّ ... فرفضتها تماماً....".ّ!
" ملحوظة أخري " :
ــــ " حين قالوا ليّ ان أي أمرأة ما ... تشبه أي أمرأة ما .... كانوا خاطئين.."..."؟!
رميت السيجارة التي لسعتني , بين أصابعي .... تنبهت لكوب الشاي .. إرتشفت منه رشفات ... متتاليات ... اتكأت علي جنبي ... أفكر .... أتذكر .... أسترجع..........
" حين رأيتها تصلح من ثوبها ... أمام المرآة ... الضخمة ... خنثت ... وأنا محتقن .. مترقب ... ما سيحدث بعد ذلك ... ولأن المكان حساس جداً .. والموقف .. وقع قلبي , ودمي هرب .. نهضت وركبتاي تضربان في بعضهما .. وخجلت من نفسي .. ومنها إناذا.. موقف سخيف .. لطالما أتعمد استبعاده عن ذهني دائماً .. ولن أذكره .. فأنا متوقع عدم جدواه " ... إذاً لا داعي لذكره .. حملقت في المصباح .. المكتب .. الكتب ... الهدوم المعلقة فوق الحائط , في شماعة , اشترتها ليّ إمرأة أخي , من السوق .....
أتذكر .... أسترجع .....
" عراف أبله .. يدعي الغيب .. كان يحضر إلي بيت جارتنا .. ليقرأ لها الكتاب ... والنسوة محتشدة .. ومجتمعة .. وهنّ يحطنه من كل جانب .. وكانت أمي وسطهنّ .. وأنا طفل صغير ... أعي ... وأفهم كل شيء يدور حولي .. سألته أمي .. ان يقرأ ليّ الطالع ... وأعطته " ربع جنيه " فتح الكتاب , قلب في صفحاته .. غمغم ... ثم تمتم .. ببعض كلمات غامضة , وغير مفهومة ... وأنا أتابع إرتعاشة يديه .. وشفتيه , ولحيته الكثة , البيضاء , ودوران عينيه في محاجرها ... ثم رفع رأسه , فجأة .. ورنا إلي بجمرتين , كبيرتين .. وقال :...
بنبرات مرتعشة .. وقد وضع يده علي رأسي ..
ــ سيعيش غريباً .. في بلاد بعيدة ..... وسيتزوج من أمرأتين ... ؟!!.
وأخذ يرددها .. وكأنه يغنيها .. وهو يهز رأسه .. ويبتسم ... فضحكت أمي من كلامه .. وهي تضرب علي صدرها بيدها.. متعجبة , مندهشة .. وعندما طلبت منه .. أن يوضح لها الأمر أكثر .. هرش في رأسه .. بذكاء .. وبلياقة .. وبلباقة يحسد عليها.. أعتذر لها .. متعللاً , بأن الشمس قد غربت .." .؟.!!!
" ملحوظة أخيرة " :
ـــ " أنا أكره الغربة .. والسفر.. وحتي الأن لم أتزوج .. لأني لم أزل أبحث , عن أنثي .. أختصر الله فيها جمال الكون .. أنثي مغايرة عن كل النساء .. وفيها جمعت نساء الأرض "...
خرمشة القطط الضالة .. وهي تبحث عن بقايا السمك .. في سلة المهملات .. تغيظني .. وتشتت ذهني .. تقلع أعصابي .. والصور .. تتطاير من أمامي .. والساعة كانت تشير الي .. الخامسة صباحاً ..
قرأت ما كتبت .. تأملته للحظة .. هممت أن أتخلص منه .. فقد ساورني شك بأنيّ قد أطلت , وما طُلت , ما أردت .. وبأن كل ما كتبت .. وما قلت .. مجرد أحداث سمجة .. وثرثرة فارغة .. ممللة .. ولا تهم القارئ في شيء .. وساوس , قذفها الشيطان اللعين في رأسي .. وانسل .. ونزوي لي هامساً .. ناصحاً أميناً .. بأن كل ما كتبت .. كلام فارغ .. وبأنيّ قد أضعت وقتي .. ووقته الثمين , فساورني شك .. بأن كل صادقاً .. وأن ما كتبته .. كلام فارغ .. فهممت أن أشطبه .. أو أمزق أورأقي .. لكني أكتفيت بتكويره في يدي .. والقائه علي الأرض ......
" القصة سطحية.. وليس فيها حبكة قصصية .. أو فكرة محورية , وضعيفة جداً .. وخالية تماماً من المضمون .. مباشرة .. ولا تصلح لنشر .."
هكذا ستقول قارئي العزيز , الفاضل .. عندما تسمع .. أو تقرأ .. قصتي التافهة تلك .. وربما سئمت .. أو مللت .. وزهقت .. وامتعضت .. وربما هربت عيناك .. من تتابع الصور التي فيها .. إلي رفوف المكتبة .. أو إلي أي شيء أخر.. تستغيثه , وتستنصره .. أو ربما توقفت عن القراءة, أو ربما مزقتها .. وارتحت مني , ومنها جميعا .. وكل هذا من حقك ...................
أكتفي بما كتبت .. أكوره بين يديّ .. أفعصه بأصابعي .. أفركه .. أهم أن أضرب به عرض الحائط ، تقفز صورة أخري .." لفتاة جميلة .. مراهقة .. مسرعاً .. أقفز .. أفرد الأوراق من جديد .. تطل من رأسي .. تراودني ... تعرض علي نفسها ... أتريث قليلاً .. تلح علي بشدة ..
أمسك بالقلم ... وأنكب علي المكتب ... أكتب ... " كان الفستان حريرياً .. شفافاً .. يبرز التفاصيل .. أبتسامتها ساحرة .. عطرها فواح .. ينفذ من الجسد الَّلدن .. فيدخلني , بأنتعاش .. فاتنة كانت .. يستقبلنا برج المدينة , الشاهق كأحلامي .. والهواء الملوث بالأتربة .. والدخان ألأسود .. يملأ رئتي .. والمكان .. والبنت المراهقة .. تلملم شعرها , المتمرد بين يديها .. تهدئ من ثورته .. الجامحة .. وكانت مثلي تماماً بتمام ... تظهر وتختفي سريعاً .. إعلانات ملتصقة .. متباعدة .. مبعثرة .. في كل مكان .. أقرأ .. " أرجوك اعطني هذا....".. " امرأة من ...." الراعي والنساء " " النمر والأنثي "....."الزعيم ".. وشريط جديد لـ " ميادة " ألتهم وجهها البرجوازي بشراهة .. و ............
أتذكر ... أسترجع ... أفكر .... تثقل رأسي .. فتسقط ألياً علي المكتب .. تهرب الكلمات ... وتطير الصور .. المتراقصة .. تهتز ... هزات خفيفة ... والأفكار تتراجع .. تتلاشي , تدريجياً .. حتي تختفي تماماً .. حينها شعرت براحة غريبة .. عارمة .. أطفأت المصباح .. فردت جسدي علي السرير .. أسترخيت تماماً .. عادت الصور ... تتراقص .. وعادت الفتاة الجميلة .. وعاد معها اللعين .. تتزاحم الأفكار .. تتداخل الصور .. قهراً ... أغمضت عيني ... واستعذت بالله ... وقرأت القرأن .. فسكنت روحي ... وهدأت .. وأحسست براحة ... غامرة .. عامرة ... وروحي تنسل مني ... وتنسحب إلي قاع ..... س .....ح...... ي ..... ق ....
*******
على السيد محمد حزين ــ طهطا ــ سوهاج ــ مصر
" ماذا سأكتب .. وكل ما برأسى تافه , فارغ .. مجرد ثرثرة سمجة , ومملة .. وأفكار هشة ضعيفة لا تصلح لصياغة قصة .. مواقف " درامية " .. " كوميديا ".. من زمن غابر .. أحتفظ بها فى جمجمتى .. وأحداث عادية جداً , وعابرة .. إذا تحدثت عنها إنقلب الحديث إلى ثرثرة .. تجعل من يقرأها , أو يسمعها , يمل .. وربما امتعض , وزهق ...
وظللت غارقاً في حيرتي .. اكلم نفسي .. اتجول في غرفتي .. أمسك أوراقي تارة , وبيدي الاخري أمسك رأسي .. أكتب شيئاً ما دار بداخلي.. أصغي له وهو يصرخ .. أكتب أشياء .. أعيد قراءتها أخجل منها , أشطبها , أمزقها .. أكتب غيرها.. أتوقف للحظة .. أعيد قراءتها فــ ..........
" ولما كانت نفسي غير هادئة .. أطفأت المصباح .. لففت جسدي بالظلام الدامس .. وأسترخيت فوق سريري .. حتي يهدأ الألم .. الذي كان يعصف برأسي .. شددت جفوني علي دبابيس أنغرست في الشبكية.. حاولت أن أنام .. أستعذت بالله من الشيطان الرجيم .. وقرأت الفاتحة .. المعوذتين .. الصمدية .. ووهبت ثواب ما قرأت .. لروح أبي الذي فارقنا ..منذ تسعين يوما .. ثواني معدودة .. برهة , أنتفض فيها من جديد , شيطان الكتابة , من قمقم رأسي , المتعبة .. يشدني من أذني .. التي نفث فيها شره , ووسوس في صدري , ببضع كلمات , وأنصرف ..
فوثبت كالمجنون .. أبحث عن أوراقي .. أحشائي .. مصباحي .. ذاكرتي .. أقلامي .. كانت أوراقي ملقاة علي ألأرض ومبعثرة .. بطريقة عشوائية.. أمسكت واحدة نجا ما بداخلها .. حملقت بين السطور .. أبحث عن موضعٍ .. حتي أضيف ما القاه الشيطان آنفاً .. لكن الكلمات راحت .. تتفلت .. تهرب .. تفر .. تتسرب .. تتبخر .. تتلاشي ... أستَشيطُ غيظاً ..
تمنيت لو أني أري الشيطان الرجيم .. حتي أُوسعه لكماً .. أو ضرباً علي أُم رأسه بالنعال .. ليموت ألف مرة .. لأستريح منه , وأنام .. فأنا الليلة ... متعب ... مجهد ... ومريض ...
" وحين عادت الأفكار .. تتقافز من جديد في رأسي .. وعاد معها اللعين .. يوسوس في صدري وعادت الصور .. تمرق من أمام عيني .. بسرعة البرق .. والأحداث المتراكمة .. المزدحمة .. تتداخل .. تتشابك .. في عراك مرير .. كنت في استرخاء تام "
عصرت رأسي بكلتي يديّ ....." لأن الصداع كان يفلقها نصفين .. أو ثلاث .. أو أربع " ....
أتذكر ...... أسترجع ...
في المساء ذهبت .. الي بيت أخي الكبير .. ــ لا أذكر لماذا ذهبت ــ فوجدت البنت التي كانت .. وهي صغيرة , تصعد علي السطح لتجلس أمامي .. بالساعات في الشتاء , والصيف .. بيدها المرآة .. والمشط .. والكتاب الذي تتخذه حجة للمذاكرة .. يتوسد حجرها .. في سكون .. وكانت تتعمد كشف شعرها أمامي .. لتمشطه فأري سبائكه الذهبية .. تتطاير مع الريح .. " وكانت تكشف أشياء أُخري من جسدها " وجدتها تزف لأبن الجيران ..
" ملحوطة " :
ـ " بعد اليوم سوف أجلس وحيداً .. أستمع الي مدفع الإفطار بمفردي "
الصور تتراقص من جديد .. تهتز هزات عنيفة .. والأفكار تتصارع , تتداخل .. في معركة مريرة أصابت رأسي بدوار .. يشبه دوار البحر .. فصرت أشعر وكأن مطارق من حديد .. تدق رأسي .. تفصلها عن عنقي .. وتلقي بها إلي الجحيم .......
نهضت .. تركت أوراقي .. أفكاري .. أحشائي .. صوري .. أقلامي .. وضوء المصباح .. " في الشهر المنصرم .. دفعت خمسة عشر جنيهاً .. لمحصل النور .." أفكاري تمزق رأسي .. تشرئب تتهم قدراتي .. وتشكك في شخصي .. " صنعت كوباً من الشاي علي " وآبور الجاز " وضعته أمامي .. بقطعتين من الجمر الملتهب .. لسقت في رأسي .. أتأمل أبخرته , وهي تتصاعد .. علي شكل حلزوني .. أوراقي .. متناثرة , مُتكورة , مبعثرة فوق الأرض .. أمسكت واحدة .. مددتها أمامي .. وأنا أشعل ذاكرتي .. وسيجارتي العشرين .......
في شبه غيبوبة .. " مرقت صورة من أمامي .. سريعة .. خاطفة .. لفتاة كانت غرفة نومها .. تطل علي غرفة نومي .. في البيت الذي كنت أسكنه , في المدينة البعيدة " ....
فأرجأتها الي قصة أخري " .............
" وصور أخري كثيرة ... مخلة ... مخجلة ... ألحت عليّ ... فرفضتها تماماً....".ّ!
" ملحوظة أخري " :
ــــ " حين قالوا ليّ ان أي أمرأة ما ... تشبه أي أمرأة ما .... كانوا خاطئين.."..."؟!
رميت السيجارة التي لسعتني , بين أصابعي .... تنبهت لكوب الشاي .. إرتشفت منه رشفات ... متتاليات ... اتكأت علي جنبي ... أفكر .... أتذكر .... أسترجع..........
" حين رأيتها تصلح من ثوبها ... أمام المرآة ... الضخمة ... خنثت ... وأنا محتقن .. مترقب ... ما سيحدث بعد ذلك ... ولأن المكان حساس جداً .. والموقف .. وقع قلبي , ودمي هرب .. نهضت وركبتاي تضربان في بعضهما .. وخجلت من نفسي .. ومنها إناذا.. موقف سخيف .. لطالما أتعمد استبعاده عن ذهني دائماً .. ولن أذكره .. فأنا متوقع عدم جدواه " ... إذاً لا داعي لذكره .. حملقت في المصباح .. المكتب .. الكتب ... الهدوم المعلقة فوق الحائط , في شماعة , اشترتها ليّ إمرأة أخي , من السوق .....
أتذكر .... أسترجع .....
" عراف أبله .. يدعي الغيب .. كان يحضر إلي بيت جارتنا .. ليقرأ لها الكتاب ... والنسوة محتشدة .. ومجتمعة .. وهنّ يحطنه من كل جانب .. وكانت أمي وسطهنّ .. وأنا طفل صغير ... أعي ... وأفهم كل شيء يدور حولي .. سألته أمي .. ان يقرأ ليّ الطالع ... وأعطته " ربع جنيه " فتح الكتاب , قلب في صفحاته .. غمغم ... ثم تمتم .. ببعض كلمات غامضة , وغير مفهومة ... وأنا أتابع إرتعاشة يديه .. وشفتيه , ولحيته الكثة , البيضاء , ودوران عينيه في محاجرها ... ثم رفع رأسه , فجأة .. ورنا إلي بجمرتين , كبيرتين .. وقال :...
بنبرات مرتعشة .. وقد وضع يده علي رأسي ..
ــ سيعيش غريباً .. في بلاد بعيدة ..... وسيتزوج من أمرأتين ... ؟!!.
وأخذ يرددها .. وكأنه يغنيها .. وهو يهز رأسه .. ويبتسم ... فضحكت أمي من كلامه .. وهي تضرب علي صدرها بيدها.. متعجبة , مندهشة .. وعندما طلبت منه .. أن يوضح لها الأمر أكثر .. هرش في رأسه .. بذكاء .. وبلياقة .. وبلباقة يحسد عليها.. أعتذر لها .. متعللاً , بأن الشمس قد غربت .." .؟.!!!
" ملحوظة أخيرة " :
ـــ " أنا أكره الغربة .. والسفر.. وحتي الأن لم أتزوج .. لأني لم أزل أبحث , عن أنثي .. أختصر الله فيها جمال الكون .. أنثي مغايرة عن كل النساء .. وفيها جمعت نساء الأرض "...
خرمشة القطط الضالة .. وهي تبحث عن بقايا السمك .. في سلة المهملات .. تغيظني .. وتشتت ذهني .. تقلع أعصابي .. والصور .. تتطاير من أمامي .. والساعة كانت تشير الي .. الخامسة صباحاً ..
قرأت ما كتبت .. تأملته للحظة .. هممت أن أتخلص منه .. فقد ساورني شك بأنيّ قد أطلت , وما طُلت , ما أردت .. وبأن كل ما كتبت .. وما قلت .. مجرد أحداث سمجة .. وثرثرة فارغة .. ممللة .. ولا تهم القارئ في شيء .. وساوس , قذفها الشيطان اللعين في رأسي .. وانسل .. ونزوي لي هامساً .. ناصحاً أميناً .. بأن كل ما كتبت .. كلام فارغ .. وبأنيّ قد أضعت وقتي .. ووقته الثمين , فساورني شك .. بأن كل صادقاً .. وأن ما كتبته .. كلام فارغ .. فهممت أن أشطبه .. أو أمزق أورأقي .. لكني أكتفيت بتكويره في يدي .. والقائه علي الأرض ......
" القصة سطحية.. وليس فيها حبكة قصصية .. أو فكرة محورية , وضعيفة جداً .. وخالية تماماً من المضمون .. مباشرة .. ولا تصلح لنشر .."
هكذا ستقول قارئي العزيز , الفاضل .. عندما تسمع .. أو تقرأ .. قصتي التافهة تلك .. وربما سئمت .. أو مللت .. وزهقت .. وامتعضت .. وربما هربت عيناك .. من تتابع الصور التي فيها .. إلي رفوف المكتبة .. أو إلي أي شيء أخر.. تستغيثه , وتستنصره .. أو ربما توقفت عن القراءة, أو ربما مزقتها .. وارتحت مني , ومنها جميعا .. وكل هذا من حقك ...................
أكتفي بما كتبت .. أكوره بين يديّ .. أفعصه بأصابعي .. أفركه .. أهم أن أضرب به عرض الحائط ، تقفز صورة أخري .." لفتاة جميلة .. مراهقة .. مسرعاً .. أقفز .. أفرد الأوراق من جديد .. تطل من رأسي .. تراودني ... تعرض علي نفسها ... أتريث قليلاً .. تلح علي بشدة ..
أمسك بالقلم ... وأنكب علي المكتب ... أكتب ... " كان الفستان حريرياً .. شفافاً .. يبرز التفاصيل .. أبتسامتها ساحرة .. عطرها فواح .. ينفذ من الجسد الَّلدن .. فيدخلني , بأنتعاش .. فاتنة كانت .. يستقبلنا برج المدينة , الشاهق كأحلامي .. والهواء الملوث بالأتربة .. والدخان ألأسود .. يملأ رئتي .. والمكان .. والبنت المراهقة .. تلملم شعرها , المتمرد بين يديها .. تهدئ من ثورته .. الجامحة .. وكانت مثلي تماماً بتمام ... تظهر وتختفي سريعاً .. إعلانات ملتصقة .. متباعدة .. مبعثرة .. في كل مكان .. أقرأ .. " أرجوك اعطني هذا....".. " امرأة من ...." الراعي والنساء " " النمر والأنثي "....."الزعيم ".. وشريط جديد لـ " ميادة " ألتهم وجهها البرجوازي بشراهة .. و ............
أتذكر ... أسترجع ... أفكر .... تثقل رأسي .. فتسقط ألياً علي المكتب .. تهرب الكلمات ... وتطير الصور .. المتراقصة .. تهتز ... هزات خفيفة ... والأفكار تتراجع .. تتلاشي , تدريجياً .. حتي تختفي تماماً .. حينها شعرت براحة غريبة .. عارمة .. أطفأت المصباح .. فردت جسدي علي السرير .. أسترخيت تماماً .. عادت الصور ... تتراقص .. وعادت الفتاة الجميلة .. وعاد معها اللعين .. تتزاحم الأفكار .. تتداخل الصور .. قهراً ... أغمضت عيني ... واستعذت بالله ... وقرأت القرأن .. فسكنت روحي ... وهدأت .. وأحسست براحة ... غامرة .. عامرة ... وروحي تنسل مني ... وتنسحب إلي قاع ..... س .....ح...... ي ..... ق ....
*******
على السيد محمد حزين ــ طهطا ــ سوهاج ــ مصر