هادي العلوي - متى ترفُ بأرض القدس يا علمُ

هادي العلوي
"اعز مكان في الدنى سرج سابح "
المتنبي

متى ترفُ بأرض القدس يا علمُ = حليفُك الخنجرُ المسموم واللغَمُ
وسحرك العبوةُ الحمراء يحملها = في القادمين أُباة الضيم لا الغَنمُ
والسائرون على آثار مِدفَعِهم = حيث الصفوف على المتراس تنتظمُ
لا الحاملون إلى المجهول أمتعة = في جوفها ورقٌ من فوقه قلمُ
إنّا النزيرُ لأهل الأرضِ أن يَرثوا = أرضاً بعز الشظايا الحمرِ تضرمُ
وأن يعودوا إليها مثلما خرجوا = ويَهزِموا واغلاً من بعد ما هُزموا
وإن من يرتجي نَبْضَ الثرى فإلى = سلاحه, لا إلى الاعداء, يحتكمُ
ولا إلى حاكم في القصرِ مُنكسرٍ = ولا إلى قائدٍ بالسلم يعتصمُ
سر يا أسير إلى الدنيا بمَحْرَقَةٍ = لا السلمُ يُنجيكَ من أسرٍ ولا الأممُ
ومن ورائك آلافُ مؤلفة = طعامها النار والحرمان والقِيمُ
لم يُفسدوها بإغراءٍ كما فَسَدوا = ولم تَخُرْ مثلما خارت لهم هممُ
ولا تصدّقْ بشحّاذٍ فَقَدْ عَظُمَتْ = فيك الجنايةُ حتى استُرخِصَ القسمُ
ساحاتكُ الكوكب المعمورُ أجمعُهُ = لا صاحب القصر في مَنأى ولا الحشمُ
وما الشهامةُ في الاسم الذي صَنَعوا = بل الحسينيُّ عبدُالقادر الشَهمُ
إن كان للسائح الجوًال مَكرُمةُ = فشيخُ جَبْلةَ بركانُ له قِمَمُ
وليس مَن سيفُه البتّار من خشبٍ = كمَن عواصفُه في الجَوِّ تزدحمُ
عُدْ للسلاح ولا تقرأْ صحائفهُم = فقد تناثرت الاوراق والذممُ
...
فَجِّرْ فأنت على التفجير مقتدرٌ = واحذر مصائدَ ما حلّوا وما بَرَموا
تخافكَ الأرضُ أشباحاً مُفَخَّخةً = وتزدريكَ خطاباً سائباً أُمَمُ
ويشتريكَ إذا ما بعْت مؤتمرٌ = ويصطفيكَ لمعنى العز مُقْتَحَمُ
ولا تعلَّق على "القانون" أمنية = إن السلاحَ وجودٌ والمُنى عَدَمُ
ومجلسُ الامن ليس الامنُ غايتَهُ = وما له في كتاب العدلِ مُرْتَسَمُ
وإن سألتَ الامينَ العام عن سببٍ = فالحق عند الامين العام منقسِمُ
وكم جنحتَ إلى سلمٍ فما جَنَحوا = وكم ندمتَ على شيء وما ندموا
سيُهْزَمُ الجمعُ مذعوراً إذا نَطَقتْ = لك المدافع وانحلّت بك الظُلَمُ
وليس للعم سامٍ ولا سما شَرَفٌ = وليس للسامريِّ العجل ما يسمُ
أولاء إن سَمِعوا ضاداً تَقَسَّمَهُمُ = رعبٌ, وزلَّت بهم في الحلبة القَدَمُ
وإنما يتداعى خَلفَهم ضَبعٌ = خَسّ المطالب راضٍ بالذي قَسَموا
وما حياةٌ سوى بالموت آمنةٌ = وما حقوق سوى بالقتل تحترمُ
...
خُطَّتْ على عتبات البائعين ولم = تَنْفُقْ بساحتك الامثالُ والحِكَمُ
وليس أحكمُ من لغمٍ تُفجِّره = وليس من نارٍ لها حِمَمُ
من كان يكذِبني ان الحياة مُنىً = فليس يكْذبني أن الحياة دمُ



- ملاحظة من هادي العلوي: الشطر الأول من المطلع هو الشطر الأول من مطلع قصيدة كتبها شاعر بغدادي أوائل الخمسينات. والبيت الأخير من قصيدة للرصافي.

* نشرت أول مرة في مجلة "الحريَّة" في بيروت يوم 3/11/1991
  • Like
التفاعلات: جعفر الديري

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى