نقوس المهدي - مراكش.. الموت والميلاد..

كجالب الثمر إلى هجر

الى قافلة الشهداء في وطني

1- غزل بدائي..

في الأفق الشاسع انتشرت سرابا
تدوسين فقر الفيافي وشريان قلبي..
ناديتك حتى جف مني الحلق وتيبست الكلمات...
كانت الريح تمشط أهدابها وتصهل..
بينما كانت الهضاب ترتجف من عفونة الخوف الأبدي،
الذي اخبرني الوطن - الأم - الحب أنه يخرج من بين الصلب والترائب..
أشرت للريح فاهتزت فكنت أنت من استدارة الخبز وتجويف الجوع..

2- نشيد من أجل المدينة..

تحركت نحو الجنوب..
هل تعلمون ..
هذا الجنوب غامر في رحلة بين الرمل والرمل ..
خلخل الرمل حتى فاض فخرج ..
تدحرج عبر النتوءات ولم يفرق بين السهل والوعر..
قال الدليل:
من لونها أخد أحمر الشفاه ..
من فيها تفح رائحة الطيب.. النتانة .. الثوم .. الدخان .. الاخضرار .. الجوع .. الاصفرار .. المخزن .. الهراوات . البصارة.. تلخشة.. السيبة.. الاحمرار.. الشوارع المرشوشة بصهد الشمس .. الجلابيب.. الصوت الشعري.. اللون الجزري..
قلت:
فليبدأ الرحيل إلى الجنوب الحلزوني بن موحا اوحمو بن عبد الكريم بن المهدي بن عمر بن جنبلاط عبر خريطة الوطن..
كان الجنوب يلف خاصرة الأطلس..
والأطلس يمتد كالسيف على ناصية مراكش..
ومراكش فاتنة تعشقها حوريات البحر الأزرق المتوسط القرمزية..
والبحر بين الألوان.. غلالات الزبد .. المد والجزر أعطى لونه لمراكش كما أعطت اسمها للوطن ومضى إلى ما وراء الشاطيء ليطلب اللجوء السياسي..
فتعلمت كيف أكفر بشحوب الموت
وأصلي للوطن
وأتيمن بالنخيل الجمل.. الرحامنة الحوز.. أولاد ليم يا أولاد خليفة ..

3 - نشيد للمهدي وعمر وآخر من أجل سعيدة ..

وحدها العيون كانت مشرعة بسعة الأحلام..
ووحده القلب كان يمجد الحب فينا
بتضاريس تلك الأجساد المهترئة بالطموح
لحظة كانت الكتبية تحرس سعف النخيل الساهم فوق وهج الرمال ..
بينما كان القميص ينحسر عن الجهاز التناسلي ..
فابتز منك الليل اسمك ..
فقلنا آه مات الشهيد ..
(هنا الوردة هنا نرقص..)
وقالت الراديوهات
(هنا طاح الريال.. هنا نشطحو عليه!!)
فرقصنا
وتضوعت شذى ورقصنا ..
في فترة القتل الأولى
والقتل والقتل الثانية
كان أزيز الرصاص يصوت في أدمغة بني أمية ..
وفي كل الطعنات بكت مراكش دما أحمر..
وناغى باب دكالة باب أغمات ..
واختار جامع الفناء شكل البندقية ..
والموت لون الاجاصة ..
أما أنت فتصلبت في رميم الجسد
كأنك تحضر عرسا دمويا
بينما كان التاريخ يكبر عبر الجرح..
والفقر يسافر في الأسمال والإسهال لأجل الشهادة..
حين حاصرتك أبخرة الند البشري القاري الحامضي للوهلة الأولى..
تحولت الى حاو يبيع أشلاءه ويخدع العوانس..
كفيف يدخن الكيف ويلغط بالحكمة..
كناوي يقرع الطبل ويسبح بحمد الدولار بن كارتر..
وحين غازلتك صفرة الحيطان..
شفرات الحلاقة ..
أعقاب السجائر..
رعشة الكهرباء للوهلة الثانية..
أقمت مندبة وبكيت على " جرادي" يأكل خبزا ويتبرز فحما حجريا..
فوسفاطي يقتات بالسواطير، العرق، الصقيع وبرد أخر الليل ..
موظف يمتصه سرطان البورصة..

4- وداع

أواه ..
حين رحلت كنت قد علمت الشعب رقصة الوداع..
وعلمت الخيل كيف تتهجى سورة الحرْكة..
وحين رحلت للمرة الثانية..
كان مارس الحزين ينبت على أهداب الصبية العرايا ..
الطلبة ..
العمال الكادحين ..
اليتامى ..
ساعتها لم يكن سواد الزنازين عميقا ..
ولا للمال رنينا..
ولا للنياشين بريقا ..
سوى انه كان للوطن الممتد فينا أفق ولين...



المهدي نقوس / المحرر 1979

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى