أحمد القطيب - الْغَيْنُ تَقْتُلُ رائي.. (قصيدة تفعيلة/متفاعلن وإبدالاتها)

" الْغَيْنُ" منْ زُبَرِ الْحديدْ
" الْغَيْنُ" آهاتُ الشَّهيدِ على الصّليبْ
" الْغَيْنُ" تَشْرَبُ مِنْ دَمي وتَمَصُّ مِنْ جُرْحي الصّديدْ
و" الرّاءُ" رِمْشٌ مُرْهَفٌ .. أَسَرَتْهُ آلافُ الْجُنودْ..
سَلَبَتْهُ صَوْتَ الشَّرْقِ أَجْراسُ الْكَنائِسْ
مِنْ فَوْقِ أجْداثِ الْجُدودْ
" الرّاءُ" قَدْ سُرِقَتْ أَساوِرُها الّتي زُفّتْ بِها..
وَحِلى الْإمارَةِ أبْدَلَتْها بالْقُيودْ

****

"باريــــــــــسُ" يا أَرْضَ الضّـــلالْ
قدْ جاءَ مَوْسِمُ رِدّتي نَحْـوَ الشّمالْ
ما عُدْتُ أَهْوى خَيْمتي بَيْـــنَ الرِّمالْ
فَلَسَوْفَ تَبْدَاُ رِحْلتي نَحْوَ الْجليــــــــدْ
ولَسَوْفَ أُبْدِلُ زَعْتَري بِشَذى الْوُرودْ (1)

****

باريسُ يا أرْضَ الْعُطورْ
باريسُ يا أَرْضَ الْفُجـــورْ
يا أَنْتِ .. يا زَيْفَ الْمَدائِنِ والْقلوبِ الْبارِدَهْ
وَجْه الْعجوزِ تضاحكَتْ فيها تجاعيدُ السّنينْ
تَحْتَ الْمساحيقِ الّتي صُنِعَتْ بآلامِ الثّكــالى..
مِنْ أعْظُمِ الْمَوْتى وَمِنْ نزْفِ الْقُبورِ الشّارِدهْ.
" الْغَيْنُ" مِنْ باريسَ وَجْهٌ للْعهارَةِ والْجُنونْ..

****

يا خاطِبَ اللّثْغاءِ..
كَيْفَ اشْتَرَيْتَ الْغَيْنَ بالرّاءِ ؟؟
أتبيعُ شَهْداً مِنْ لَمى الْحَسْناءِ
لِتفوزَ بالشَّمْطاءِ ؟!
بَعْثَرْتَ لي ضادي.. وَرائي
وسَفَكْتَ فَوْقَ صحائِفي الصَّفْراءِ
نُسْغَ الْقرونْ:
نَقْشاً على جُدْرانِ كَهْفي
صَوْتاً يُجَلِّلُهُ الأذانُ على المآذِنْ
وَتِلاوَةً خَشَعَتْ لها مُهَجُ الطُّيورِ على الْمَساكِنْ..

****

باريسُ أَنْسَتْني الْمَرافِئَ والْمدائِنْ
باريسُ قَدْ مَسَخَتْ حُروفي ...
والْحَرْفُ خائِنْ
باريسُ قدْ كَسَرَتْ مرايا الذّاكِرهْ
وَمَحَتْ بِقَلْبي "عَنْتَرهْ"
فَوَضَعْتُ سَيْفي...
وَمَحَتْ "زُهَيْراً" كيْ أُسَلِّمَ حِكْمتي...
فَسَخِرْتُ مِنْ كُلِّ الْقَصائِدْ
وَنَزَعْتُ عَنْ رَأْسي الْعِمامَةَ والْقلائِدْ
وَلَبِسْتُ طرْبوشاً " لِـهيجو"
وَجَلَسْتُ في "الشَّنْزيلِزيهْ"
مَسْخاً جديـــــــــــداً لا أَعيــــهْ
أَتَنَسَّمُ الْفِنْجانَ .. أَرْتَشِفُ الْهباءْ...
منْ قَهْوتي غِبَّ الْمساءْ
وَحِكايتي هذي سَتَرْويها النِّساءْ
لِغَدي الْمُرَهَّنِ للْغباءْ
لِسِنينَ تأْتـــــــي بالْبلاءْ
فابْكوا إذا نَفَعَ الْبُكاءْ.


أحمد القطيب
ليلة 20/07/2019


----------------
1/ (الشذى) بالالف المقصورة بمعنى الرائحة الكريهة وكل شيء مكروه كذباب الكلب ونحوه ، خلاف (الشذا) بالألف الممدودة، فهو يستعمل للرائحة الزكية .

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى