زكريا تامر ـ آخر الدروس‏

نظرت المعلمة إلى ساعة معصمها, وقالت لتلميذاتها : لم ينته الوقت بعد, وما تبقى سنقضيه في التكلم عن الحرية.‏وطلبت المعلمة من كل تلميذة من تلميذاتها أن تتحدث عن الحرية وما تعرفه عنها وعن الناس الأحرار.‏
قالت التلميذة الأولى : أمي هي الحرية تمشي على قدمين, تفعل كل ما تشاء, وتوهم أبي أنه حر يفعل كل ما يشاء.‏
وقالت التلميذة الثانية : معلوماتي عن الحرية مستمدة مما أسمعه عنها من أبي الذي يقسم أن الناس سيموتون وتصبح عظامهم غباراً من دون أن تزورهم الحرية يوماً.‏
وقالت التلميذة الثالثة : الغراب في رأيي هو خير من يمارس الحرية الحقيقية, فهو ينعب ساعة يشاء نعيباً يخلو من أي مديح أو رياء أو دعاية.‏
وقالت التلميذة الرابعة : أنا ولله الحمد لست بالمغرورة, ولكني مضطرة إلى الزعم أني حرة, ففي البيت آكل طعامي مستخدمة أصابع يديّ أو آكله مستخدمة الملعقة والشوكة والسكين.‏
وقالت التلميذة الخامسة : من يطمح إلى معرفة الحرية والأحرار ينبغي له مراقبة البحر.‏
وقالت التلميذة السادسة : الحرية ليس لها وجود إلا في عالم الحيوان, ومن المؤكد أنها غير موجودة في عالم البشر, وقد اخترعها بعض الفلاسفة الخياليين, وهي في الحقيقة ليست سوى كلمة تتألف من أربعة أحرف.
فتثاءبت المعلمة, وقالت لتلميذاتها : من المؤسف أن الوقت المحدد للدرس قد انتهى الآن, وسنتابع غداً الحديث عن الحرية, وسيأتي دوري لأقول رأيي في الحرية وفي كل ما سمعته منكن.‏
ولم تبر المعلمة بوعدها إذ لم تأت إلى المدرسة في اليوم التالي ولا في أي يوم آخر, وعُثر عليها بعد أيام في حقل قريب من المدينة مذبوحة ومغتصبة.‏

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى