صلاح عبد العزيز - شـخـص.. شعر

محتملٌ أن يمضى من الطريقِ
نفسه يقطفُ وردةً كعادته
ويكتب فى دفتر ذكرياته :
(10 اكتوبر 2000 فيما بعد )
ويهمسُ :
من فى الحديقةِ غير ظلى ..
( وسط الميدانِ أمسك يدها جثا على قدميْهِ
تصور أن ذلك كفيلٌ بتفهم الأمر
حتما سوف يفضى الموقفُ
إلى أن تتركه ......... )
بالضبط كان يعرف
( يقول ذلك وينسى )
لكنه حين استشارَ الطبيب
توهمَ أن حوله فراشاتٍ
ومطارد من بجع
إنه يسمعُ حفيفَ أجنحةِ الفراشات
وغناءَ طائر .
هناك ملايين من الأصدقاء الكذبة
هو لا يسعى لمستحيلٍ
إنما الأشجار أحنت رأسها
هى هناك بلا شك
( توشك على إنهاء شئ لابد منه كأن تقطع شرايينها ، أو لعلها تنعى حظها فى الجريدة أو تكتفى عادة بالتخيل ؛ فى تلك الساعة كانت تتذكر ثمن القرط وتقارن بين الأسعار )
وهو هنا ينتظر
ستقفز مؤكد
ليس فى الإمكان مفاداة ذلك
هنا أو هناك ، سيان
عليك أن تصنع شيئا
ربما بعد حلم أو اثنين
يتسع العالم
برغم ضجة الباعة / رواد المقهى / ثرثرة النسوة /
عن شخصين يبدوان واحدا فى مشهد :
( إنه يبتسم
تذكر القرط /
كارت ميلاد )
وفى الذاكرة عندما التقيا
وجدَ نفسه يشبه البومة العمياء
وجثةً فى الرواية ليس لها ملامح
( إنه يمد يده والعالم ينتظر )
ـ ليس من الحكمة مراقبة الكوارث
( هكذا كان يعلل لنفسه ويكتب :
من فى الحديقة غير ظلى
هل أنا من هناك أيها الظل ....
أم أنا من يلبس الأشجار
دون شخص جالس عند قدمى ..
يتجول دون ظل هو الآخر .
لا تقف أيها الظل .. اجلس بجانبى .. فالشارع طويل من هنا إلى أظافر قدمى ؛ شارع يشبه الكارثة وليس معى ما يشترى السير بالحافلة من يعطنى قدمى ساعةً واحدةً كى أستريح .. )
دفترُ ذكرياته على الطاولة
كوبٌ أيضا على الطاولة
لا يشربُ
ولا يتركُ المقعدَ يستريحُ من عنائه اليومىّ
قلمٌ أيضاً على الطاولة
تركتْهُ الطاولةُ لحظةً يستريحُ
جلسَ على طاولةٍ أخرى
هكذا تحررت من حرارةِ ذكرياتِه البيضاءَ
وفيما بعد عندما مات فجأةً من الذكريات
( الذكرياتُ التى لم يكتبها خشيةَ المُتلصصِين )
جلست الطاولةُ وحيدةً فى انتظار زائرٍ كئيبٍ آخر
فتحتْ الدفترَ
( الذى تركه منذ أيام )
كانت خيالات الذكرى مبعثرةً
خطوطٌ أفقيةٌ لا تعنى سوى
لا وقت لكتابةِ ذكرياتٍ تافهةٍ
وأيضاً عندما رحلت جثته
تركت الدفءَ فى الفراغِ المحيطِ
حزيناً
والنادلُ أيضاً كان حزيناً
لذا أصر أن يتحمل الحسابَ كاملاً
من أجلِ شخصٍ
لم يكن يعرفه
وبالكاد
كان يطلب قهوةً ويتركها باردةً
إلى آخر اليوم
ربما لأنه الشخصُ الوحيدُ الذى أثارَ اهتمامه .
وكان يتمتمُ :
( أشياؤُه رحلت
ثمَّ شئٌ لم يبح به
ولم يترك لنا أثراً
سوى المقعد
الذى يجلس عليه
ودفترَ ذكرياتٍ أبيض )
كان الظل أكثر بهجةً لذا استدار ناحية الصوت
( كان لحظة أن يدوى العالم بكائناته اليومية يفارقه )
والنادل ـ بعد يومين ـ
أدخل أعضاءه تحت السحب ..

صلاح عبد العزيز



من صفحة الشاعر على الفيسبوك

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى