د. محمد الدفراوي - فتاة الجوري

يتصورها جيدا بكل تفاصيلها المحفورة قبل ان يراها بالفعل ، يستعرض صورتها تدعوه أن يرسل لها قبلة ، يكسر وجهها الجميل ضوء القمر الخجول و يصافحه ، بلون وجنتيه الحمراوين ، و تكاوين خديها فائقا الامتلاء ، كقطعة فنية تشبه وجه " عايدة دابو " عارضة الأزياء البوسنية الشهيرة تماما ، لولا بعض البثور الصغيرة التي تنتقص من قدر معرفته بشؤون الجمال ، باختصار وجه تحتاجه لتنتصر !
زارته ذات اصيل في منزله المجاور ، بثيابها المزركشة و شعرها الشلال من مروج منغوليا المبسوطة ، بجسد أكثر أنوثة من بدوية نشأت في جو الصحراء المفتوح ، كأنها تحرضه لفعل اشياء من اسراره فقط ، بنوع من الاحترام الذي يليق تهديه زهرة الجوري نادرة الوجود ، هي لا تشبه الأزهار ، وبعد أن تنصرف يلصقها بفمه ، تحمله الي اجواء رائعة ، ذي طقوس من ألف ليلة و ليلة التي تراقص أحلامه ، يحتفظ بها في حجرته لأيام ، يعتني بها قبل أن تذبل ، تذوي ، و بيننا شوقه لا يخبو و لا ينطفيء ، يخبؤها بعناية فائقة بين صفحات كتاب " طوق الحمامة في الألفة و الألاف" لابن حزم ، يتأملها مرتين في الصباح و قبل أن ينام ، تملأ زهرة الجوري أنبل مسافات اشتياقه ، و كلما ألقت عليه نوافذ الحياة المفتوحة قذارتها ، تضاعفت خيبة أمله المصطنعة ، بيننا تبقيه الزهرة المخبأة عاشقا ، يلوم نفسه إذ لم يدرك احتياجه لفتاة الجوري وضعها القدر في طريقه المهمل الإ بعد فوات الأوان ..


تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى