تلك الليلة كنت مجرد دمية من قطن، بساقين نحيلتين، خفيفة جدا، ولي وجه طفلة بريئة. يحملني رجل عجوز في جرابه الكبير، بصحبة دببة وقرود ، وخراف صغيرة.
يدللني فيجعلني أعتلي كيسه المليء بالدمى، ربما لإنني أجمل دُماه وأكبرها حجما .
لذلك جعلني مرئية للجميع. فأجذب إليه كل من يراني .
حين يراني الأطفال ينبهرون بجمالي، ويحاولون لمسي فينهاهم الرجل العجوز بصرامة. يربط خيوطا ملونة حول معصمي، وحلقتان ذهبيتان بأذني الناعمتين.
ويُلبس قدمي خفين ورديتين دون أن يضع عليهما أحذية .
كان كل شيء جميلا حينها، فقد كان عالمي كله يحوطه ذلك الجراب، وتلك الدمى الكثيرة التي تزاحمني، وتلتصق بي، دون أن أحس بألم، تماما كما لا أحس بسعادة، ولا بحزن.
تعثر الرجل ذات يوم ، فتناثرنا في شارع ضيق امتلأ بنا سريعا. فسقطت ، ولم أحس بوجع، كان المكان مليئا بالماء الذي تجمع بعد سقوط المطر، ابتلت قدماي وأسفل ظهري ورأسي. ولإنني كنت أول من وقع فقد اندفعت بعيدا، بجانب شجرة معمرة .
البلل التهمني، ووصل إلى كل جسدي القطني، وكان آخر عضو يبتل بالماء هو أنفي ، لكنني لم أعطس حينها، كما أنني لا اتنفس .
قام الرجل بجمع دماه كلها،ولكنه لم ينتشلني، ولم ينتبه لوجودي في ظل تلك الشجرة الكبيرة، ربما ظن أنني بقيت بالكيس، كبعض الدمى، فقد تلفت يمنة ويسرة، ومضى قبل أن تعثر علي عيناه المتعبتان .. ذهب وتركني خلفه ، وعجزت أن أنبهه لمكاني، فقد كنت حينها مجرد دمية من قطن فأنى لي التحدث كالبشر.
لا ادري كم من الوقت مضى وأنا مسجاة على الأرض، مبللة، ومتسخ قفاي بالطين، ويصل البلل حتى أنفي المورد .
وددت لو أنني أملك صوتا فأنادي كل من يمر، فيلتقطني، ولكن أنى لي ذلك، كما أنني لا أملك صوتا، فإنني لا ارى بعيني الزرقاوين، كانا مجرد غطائين بلاستيكين، مرسوم عليهما عينا فتاة غربية . أحس فقط إحساسا غريبا ، أنني أرى نفسي ومن حولي دون أن أكون متأكدة من شيء .
يد صغيرة انتشلتني، كانت خشنة، ولكنها حانية، مالبثتْ أن قربتني تلك اليد لصدر فتاة صغيرة، ابتل قميصها حين ضمتني إليها، ولكنها لم تبعدني، بل ضغطتني أكثر إلى صدرها ، فدق قلبها بجوار قلبي، فخفق لأول مرة، لا أدري كيف ذلك ، لأنظر بعدها ليدي فأراهما قد اكتستا بجلد بشري طري، النبض يسري داخلي من قدمي حتى أقصى رأسي، لم يعد بداخلي من قطن مبتل، ووحدها ملابسي بدت متسخة من الخلف. ذرفتا عيناي بدموعهما لأول مرة، وتحركت الرموش بانتظام .
أما أنفي فعطس مرة واحدة ، وتتابعت أنفاسي بانتظام شديد. تحركت قدماي وسرت ككل البشر، لكنني كنت أمشي في دائرة ضيقة، كانت أضيق من ذلك الجراب الذي كان يحملني على ظهر رجل عجوز .
....
فانتازيا طفولية
يدللني فيجعلني أعتلي كيسه المليء بالدمى، ربما لإنني أجمل دُماه وأكبرها حجما .
لذلك جعلني مرئية للجميع. فأجذب إليه كل من يراني .
حين يراني الأطفال ينبهرون بجمالي، ويحاولون لمسي فينهاهم الرجل العجوز بصرامة. يربط خيوطا ملونة حول معصمي، وحلقتان ذهبيتان بأذني الناعمتين.
ويُلبس قدمي خفين ورديتين دون أن يضع عليهما أحذية .
كان كل شيء جميلا حينها، فقد كان عالمي كله يحوطه ذلك الجراب، وتلك الدمى الكثيرة التي تزاحمني، وتلتصق بي، دون أن أحس بألم، تماما كما لا أحس بسعادة، ولا بحزن.
تعثر الرجل ذات يوم ، فتناثرنا في شارع ضيق امتلأ بنا سريعا. فسقطت ، ولم أحس بوجع، كان المكان مليئا بالماء الذي تجمع بعد سقوط المطر، ابتلت قدماي وأسفل ظهري ورأسي. ولإنني كنت أول من وقع فقد اندفعت بعيدا، بجانب شجرة معمرة .
البلل التهمني، ووصل إلى كل جسدي القطني، وكان آخر عضو يبتل بالماء هو أنفي ، لكنني لم أعطس حينها، كما أنني لا اتنفس .
قام الرجل بجمع دماه كلها،ولكنه لم ينتشلني، ولم ينتبه لوجودي في ظل تلك الشجرة الكبيرة، ربما ظن أنني بقيت بالكيس، كبعض الدمى، فقد تلفت يمنة ويسرة، ومضى قبل أن تعثر علي عيناه المتعبتان .. ذهب وتركني خلفه ، وعجزت أن أنبهه لمكاني، فقد كنت حينها مجرد دمية من قطن فأنى لي التحدث كالبشر.
لا ادري كم من الوقت مضى وأنا مسجاة على الأرض، مبللة، ومتسخ قفاي بالطين، ويصل البلل حتى أنفي المورد .
وددت لو أنني أملك صوتا فأنادي كل من يمر، فيلتقطني، ولكن أنى لي ذلك، كما أنني لا أملك صوتا، فإنني لا ارى بعيني الزرقاوين، كانا مجرد غطائين بلاستيكين، مرسوم عليهما عينا فتاة غربية . أحس فقط إحساسا غريبا ، أنني أرى نفسي ومن حولي دون أن أكون متأكدة من شيء .
يد صغيرة انتشلتني، كانت خشنة، ولكنها حانية، مالبثتْ أن قربتني تلك اليد لصدر فتاة صغيرة، ابتل قميصها حين ضمتني إليها، ولكنها لم تبعدني، بل ضغطتني أكثر إلى صدرها ، فدق قلبها بجوار قلبي، فخفق لأول مرة، لا أدري كيف ذلك ، لأنظر بعدها ليدي فأراهما قد اكتستا بجلد بشري طري، النبض يسري داخلي من قدمي حتى أقصى رأسي، لم يعد بداخلي من قطن مبتل، ووحدها ملابسي بدت متسخة من الخلف. ذرفتا عيناي بدموعهما لأول مرة، وتحركت الرموش بانتظام .
أما أنفي فعطس مرة واحدة ، وتتابعت أنفاسي بانتظام شديد. تحركت قدماي وسرت ككل البشر، لكنني كنت أمشي في دائرة ضيقة، كانت أضيق من ذلك الجراب الذي كان يحملني على ظهر رجل عجوز .
....
فانتازيا طفولية