عارف حمزة - إذا حدثت حرب في أيلول..

كي لا يظنوا بأننا نستسلم
لم نرفع أيادينا
مع أننا
كنا نريدُ
أن نرفعها قليلا ً
وإذا كانت الريحُ من صالحنا
كان الأهل سيرفعون رؤوسهم ويقولون :
هذه
ريحُ
قتلانا .
/
من جهتي . كنتُ أتلهّـى بالأمل
استغرقني الأمل
فرفعتُ حذائي إلى حافة الخندق
مستنداً بظهري إلى بيوت النمل الوهمية
كي أقرأ
"ثمانية عشر يوماً من دونك" .
/
كنا نريدُ أن نرفعها قليلا ً
كي نلمسَ رائحة البنفسج القادمةِ من المقبرة
و نفكـِّرَ
بعدد البنفسجات ...
/
في داخلِ كل واحد منا
زرعتْ الكوابيسُ مقبرة
كنا نرعاها
كنا نسقيها بالحياة المكتوبة في الرسائل
وصورِ الذين ولدوا من بعدنا ولن نراهم بعد اليوم
إلا أن تلك المقبرة
تلك المقبرة بالذات
التي تأتي منها شهقات البنفسج
كانت
قطيعاً
من الجواميس العمياء .
/
من جهتي . لا أذهب لزيارة المقابر
وإذا ذهبتُ أقرأ سورة الفاتحة مباشرة
كي لا ينتظر الميت كلاما ً
كي يذهب
محطما ً
إلى أشغاله الوهمية .
/
لكن من جهتي الحقيقية أحب زيارة المقابر
أن أبكي فيها طويلا ً
طويلا ً جدا ً
سأكون قد قرأتُ لجميع الموتى
تلك الأيام الثماني عشر .
/
في الشهور التي أحب
لا تروقُ لي الحروب
و إذا حدثت حرب في أيلول :
لن أذهب .
سأبقى جالسا ً في البيت
سأرفع سماعة الهاتف
و أقول كلاماً بطيئاً و طويلا ً
لآلة التسجيل الهاتفـيّـة
في منزل المرأة الغائبة .
/
طوال أيلول سأقول لتلك الآلة
التي سترأفُ
و لن تتعطل
و أنا
من جهتي
لن أمل ّ
ذقني ستطول
لكنني
لن أذهب إلى الحرب .
/
من جهتي لا أحب الحروب في تشرين الأول
و عندما حصلت تلك الحرب لم أذهب
أطلقتُ رصاصة على قدمي اليسرى
فأعادوني إلى المشفى العسكري
و هناك
في السرير الثالث
بجانب النافذة المطلة على تظاهرة البنفسج
في الغرفة / 21 /
قتلتني الوحدة ..


(25/4/2005 الكناري الميت منذ يومين)

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى