وارتمى المفكر العظيم في لجة اليأس ، هكذا لم يجد سوى أن يسدد لكمات واهنة لشاب قليل الأدب. تحرشت به المرأة ، كانت تنظر إليه بسخرية ، ملابسه وهيئته بصفة عامة أثارت سخريتها ، ثم جرت كم صديقها الشاب وهمست بصوت جعلته مسموعاً ، (مجنون.. من أين تأتنا هذه الأشكال؟).. الشاب تجنب اللكمة بسهولة وبدأ في تسديد لكمات أسقطت مفكرنا العظيم على الأرض فتلقى ركلات أخرى في الوجه والبطن ، وكانت المرأة تنظر لجثته بعينين لامعتين شريرتين. وكان هو يصرخ:(حقيرة.. حقيرة..).. ثم سمع الشاب والمرأة صوت سيارة البوليس فغادرا بسرعة.
وحين مسح صديقه الحلاق عينيه من الدماء ، قال: (لا بأس.. إن العظماء يجب أن ينالوا من الغوغاء الأذى قبل أن يكتشفهم العالم).. فكتم الحلاق ضحكته بصعوبة ، ثم انفجر أخيراً ، فدفعه هو وغادر والدماء تغطي قميصه.
الشرطيان استوقفاه عندما شاهدا ملابسه ، فأخرج بطاقته لهما وهو مذعور ، فرغم جنونه لكن خوفه من الشرطة لم يفارقه منذ طفولته. لم يقتنعا بروايته ودفعا برأسه إلى داخل السيارة ، ثم أشغل الشرطي الشاب أغنية سريعة ، قال حينها: آخر أغنية لتو باك شاكور قبل أن يتم قتله..
قال الشرطي الآخر: هل قتلوه؟ قال الشرطي الأول: اللعنة .. هل حقاً لا تعرف؟ فصمت الآخر ، واندفعت سيارة الشرطة بالشرطيين الصغيرين ، ثم عبرت قرب السيارة سيارة شباب آخرين ، صرخوا فلاحقهم الشرطيان ، وحدثت مطاردة انتهت بتوقف سيارة الشباب وبدأوا في التحرش بالشرطيين الذين طلبا الدعم ففر الشباب.
بات في الزنزانة الضيقة ولم يستطع النوم مع باقي النزلاء ، لأن رائحتهم لم تكن تطاق وكان خائفاً منهم. ولذلك ما أن دلف لغرفته في الصباح حتى ارتمى على سريره ورأى نفسه داخل خلاط كبير ، وشعر بوسطى الشاب ينغرس في فتحة شرجه ويحفر فيها ، كان متضايقاً ولا يعرف كيف يتخلص من الألم ، وبآخر قوة صاح ، واستيقظ من النوم.
غرفته متعفنة تماماً ، أعقاب السجائر بقايا طعام لها أسابيع أو أشهر ، ملابس متسخة ، زجاجات مياه ، أحذية ، أكياس ، حقائب ، أتربة ، ...الخ. (هكذا هي حياة العظماء) .. قال ، ثم استحمى وارتدى ملابسه وخرج. كان العصر قد نشر برودة خفيفة في الهواء ، والشوارع شبه خالية. (ستتعرض للإهانة من الغوغاء كثيراً ، عليك أن تتحلى بالصبر لا تسمح لهم باستفزازك)..
ثم تلقى بريداً من موظفة البريد السريع ، ففض الظرف وأخرج أوراقاً وقرصاً مدمجاً..
(أخي العزيز).. شاهد شقيقه يتحدث: (أخي العزيز ..نحن مشتاقون لك .. وأمك مريضة .. ألا تستطيع العودة..عد إلى وطنك .. نحن نحتاج لك بشدة)..
- لماذا أنت عظيم جداً؟
سألته الطبيبة النفسية التي أحالته لها مؤسسته فأجاب:
- أنا لا أعرف.. هناك شيء ما .. شيء ما يجعلني أشعر بأنني عظيم .. بل عظيم جداً..
كانت تنظر له كما لو كان حيواناً مفترساً ، فأحس بأنه يتعرض لتحقيق من كائنة قزمة لن تعي يوماً مع من كانت تتحدث.
كان ضخم طويلاً بأطراف ضخمة ، لكنه لم يكن قوياً ، ولم يكن يأبه... صديقه الحلاق قال هامساً: سأجد لك علاجاً.
في الساعة الحادية عشر مساء أغلق صديقه المحل ، ومعهما فتاة من طبقة فقيرة جداً ، كانت نحيلة الساقين.
قال الحلاق: سأخرج وأقفل المحل وأنتما في الداخل .. اتصلا بي حين تنتهيان..
وحين جر الحلاق باب المحل إلى أسفل وانساب صوته كشلال انخلع قلب المفكر العظيم حين وجد نفسه لأول مرة أمام أنثى وجهاً لوجه..
غمغم: أنا مفكر عظيم..
همست ساخرة: سنكتشف ذلك...
قال الحلاق وهو يودعه أمام بوابة المطار: عد لأهلك بما تبقى لك من عقل يا صديقي .. الفتاة أعادت لك قليلاً من صوابك..
قال: أنا فزع.. خائف ..سأعود خالي الوفاض.. صحيح لست عظيماً كما كنت أظن لكنني على الأقل.. على الأقل ..
قال الحلاق: لقد طردوك من العمل .. وعليك أن تعود لوطنك..
انحنت المضيفة ووضعت أمامه الطعام ورأى الشق الذي يقسم بين نهديها.. فارتعش جفناه ..رفع رأسه ووجد الفتاة ترسم ابتسامة متكلفة على شفتيها.. إنها تسخر منه .. وبسرعة حمل المعلقة البلاستيكية وغرس طرفها الحاد في عين المضيفة التي أمسكت بعينها وصرخت والدماء تنفجر منها.
(أنا عظيم أيها الكلاب .. عظيم ..)
قال كابتن الطائرة: (نتعرض لاختطاف.. نتعرض لاختطاف..حوِّل.. نتعرض لاختطاف.. هل تسمعني؟)..
وجه شقيقه كان مغموراً في الدموع ، وهو يشاهده مقيداً من قبل رجال الشرطة.. كان يصيح: (لا تبكي يا أخي.. لا تبكي.. إن العظماء دائماً معرضون للاضطهاد .. لا تخبر امي بشيء حتى أعود...
صاح ضابط الشرطة: (إنه عنيف جداً..قيدوا حركته بقوة)..
صعقوه ، لكنه كان في تلك اللحظة أقوى من اي وقت مضى.. دفع الشرطيين فسقطا بعيدا ، وانقض على الشرطي الذي حاول الوقوف في طريقه ، فنطحه برأسه وسقط الشرطي متألماً وهو يمسك قلبه.
ضج المطار بالصراخ حين حمل مسدسَ الشرطي ، وأخذ يصرخ ، أطلق رصاصتين في الهواء وهو يحاول الفرار..
وما أن أطل رأسه خارج بواب الوصول حتى انفجر إثر رصاصة واحدة استقرت داخل جمجمته..
تم تشريح جثته تشريحاً روتينياً ثم قام مدير المشرحة ببيع جثته لطلبة الطب.
كانت جثته ممدة والطلبة من حوله ، وكان الطبيب يشرح لهم أشياء كثيرة قائلاً:
- كان لهذا الرجل آلة ضخمة جداً كما ترون.. أرجو أن تتوقفوا عن الضحك وأن تلتفتوا للدرس...
غير أن الطالبات تحديداً لم يتمالكن أنفسهن من الضحك ، فقام الطبيب بقطع ذكره وهو يقول:
- ها.. الآن التفتن للدرس..
قالت إحداهن ساخرة:
- لا ترمه يا دكتور..
فانفجرت باقي الفتيات ضاحكات..
كان يرى الطلبة يتحلقون حوله ومعهم الشاب وصديقته الشريرة والشرطيين الشابين والحلاق والطبيبة النفسية والعاهرة والمضيفة.. كانوا كلهم حوله يضحكون ساخرين...وكان يحاول الصراخ .. (أين شقيقي..أين أمي..؟؟).. لكنه كان عاجزاً عن ذلك ، .. عاجزاً تماماً.
(تمت)
وحين مسح صديقه الحلاق عينيه من الدماء ، قال: (لا بأس.. إن العظماء يجب أن ينالوا من الغوغاء الأذى قبل أن يكتشفهم العالم).. فكتم الحلاق ضحكته بصعوبة ، ثم انفجر أخيراً ، فدفعه هو وغادر والدماء تغطي قميصه.
الشرطيان استوقفاه عندما شاهدا ملابسه ، فأخرج بطاقته لهما وهو مذعور ، فرغم جنونه لكن خوفه من الشرطة لم يفارقه منذ طفولته. لم يقتنعا بروايته ودفعا برأسه إلى داخل السيارة ، ثم أشغل الشرطي الشاب أغنية سريعة ، قال حينها: آخر أغنية لتو باك شاكور قبل أن يتم قتله..
قال الشرطي الآخر: هل قتلوه؟ قال الشرطي الأول: اللعنة .. هل حقاً لا تعرف؟ فصمت الآخر ، واندفعت سيارة الشرطة بالشرطيين الصغيرين ، ثم عبرت قرب السيارة سيارة شباب آخرين ، صرخوا فلاحقهم الشرطيان ، وحدثت مطاردة انتهت بتوقف سيارة الشباب وبدأوا في التحرش بالشرطيين الذين طلبا الدعم ففر الشباب.
بات في الزنزانة الضيقة ولم يستطع النوم مع باقي النزلاء ، لأن رائحتهم لم تكن تطاق وكان خائفاً منهم. ولذلك ما أن دلف لغرفته في الصباح حتى ارتمى على سريره ورأى نفسه داخل خلاط كبير ، وشعر بوسطى الشاب ينغرس في فتحة شرجه ويحفر فيها ، كان متضايقاً ولا يعرف كيف يتخلص من الألم ، وبآخر قوة صاح ، واستيقظ من النوم.
غرفته متعفنة تماماً ، أعقاب السجائر بقايا طعام لها أسابيع أو أشهر ، ملابس متسخة ، زجاجات مياه ، أحذية ، أكياس ، حقائب ، أتربة ، ...الخ. (هكذا هي حياة العظماء) .. قال ، ثم استحمى وارتدى ملابسه وخرج. كان العصر قد نشر برودة خفيفة في الهواء ، والشوارع شبه خالية. (ستتعرض للإهانة من الغوغاء كثيراً ، عليك أن تتحلى بالصبر لا تسمح لهم باستفزازك)..
ثم تلقى بريداً من موظفة البريد السريع ، ففض الظرف وأخرج أوراقاً وقرصاً مدمجاً..
(أخي العزيز).. شاهد شقيقه يتحدث: (أخي العزيز ..نحن مشتاقون لك .. وأمك مريضة .. ألا تستطيع العودة..عد إلى وطنك .. نحن نحتاج لك بشدة)..
- لماذا أنت عظيم جداً؟
سألته الطبيبة النفسية التي أحالته لها مؤسسته فأجاب:
- أنا لا أعرف.. هناك شيء ما .. شيء ما يجعلني أشعر بأنني عظيم .. بل عظيم جداً..
كانت تنظر له كما لو كان حيواناً مفترساً ، فأحس بأنه يتعرض لتحقيق من كائنة قزمة لن تعي يوماً مع من كانت تتحدث.
كان ضخم طويلاً بأطراف ضخمة ، لكنه لم يكن قوياً ، ولم يكن يأبه... صديقه الحلاق قال هامساً: سأجد لك علاجاً.
في الساعة الحادية عشر مساء أغلق صديقه المحل ، ومعهما فتاة من طبقة فقيرة جداً ، كانت نحيلة الساقين.
قال الحلاق: سأخرج وأقفل المحل وأنتما في الداخل .. اتصلا بي حين تنتهيان..
وحين جر الحلاق باب المحل إلى أسفل وانساب صوته كشلال انخلع قلب المفكر العظيم حين وجد نفسه لأول مرة أمام أنثى وجهاً لوجه..
غمغم: أنا مفكر عظيم..
همست ساخرة: سنكتشف ذلك...
قال الحلاق وهو يودعه أمام بوابة المطار: عد لأهلك بما تبقى لك من عقل يا صديقي .. الفتاة أعادت لك قليلاً من صوابك..
قال: أنا فزع.. خائف ..سأعود خالي الوفاض.. صحيح لست عظيماً كما كنت أظن لكنني على الأقل.. على الأقل ..
قال الحلاق: لقد طردوك من العمل .. وعليك أن تعود لوطنك..
انحنت المضيفة ووضعت أمامه الطعام ورأى الشق الذي يقسم بين نهديها.. فارتعش جفناه ..رفع رأسه ووجد الفتاة ترسم ابتسامة متكلفة على شفتيها.. إنها تسخر منه .. وبسرعة حمل المعلقة البلاستيكية وغرس طرفها الحاد في عين المضيفة التي أمسكت بعينها وصرخت والدماء تنفجر منها.
(أنا عظيم أيها الكلاب .. عظيم ..)
قال كابتن الطائرة: (نتعرض لاختطاف.. نتعرض لاختطاف..حوِّل.. نتعرض لاختطاف.. هل تسمعني؟)..
وجه شقيقه كان مغموراً في الدموع ، وهو يشاهده مقيداً من قبل رجال الشرطة.. كان يصيح: (لا تبكي يا أخي.. لا تبكي.. إن العظماء دائماً معرضون للاضطهاد .. لا تخبر امي بشيء حتى أعود...
صاح ضابط الشرطة: (إنه عنيف جداً..قيدوا حركته بقوة)..
صعقوه ، لكنه كان في تلك اللحظة أقوى من اي وقت مضى.. دفع الشرطيين فسقطا بعيدا ، وانقض على الشرطي الذي حاول الوقوف في طريقه ، فنطحه برأسه وسقط الشرطي متألماً وهو يمسك قلبه.
ضج المطار بالصراخ حين حمل مسدسَ الشرطي ، وأخذ يصرخ ، أطلق رصاصتين في الهواء وهو يحاول الفرار..
وما أن أطل رأسه خارج بواب الوصول حتى انفجر إثر رصاصة واحدة استقرت داخل جمجمته..
تم تشريح جثته تشريحاً روتينياً ثم قام مدير المشرحة ببيع جثته لطلبة الطب.
كانت جثته ممدة والطلبة من حوله ، وكان الطبيب يشرح لهم أشياء كثيرة قائلاً:
- كان لهذا الرجل آلة ضخمة جداً كما ترون.. أرجو أن تتوقفوا عن الضحك وأن تلتفتوا للدرس...
غير أن الطالبات تحديداً لم يتمالكن أنفسهن من الضحك ، فقام الطبيب بقطع ذكره وهو يقول:
- ها.. الآن التفتن للدرس..
قالت إحداهن ساخرة:
- لا ترمه يا دكتور..
فانفجرت باقي الفتيات ضاحكات..
كان يرى الطلبة يتحلقون حوله ومعهم الشاب وصديقته الشريرة والشرطيين الشابين والحلاق والطبيبة النفسية والعاهرة والمضيفة.. كانوا كلهم حوله يضحكون ساخرين...وكان يحاول الصراخ .. (أين شقيقي..أين أمي..؟؟).. لكنه كان عاجزاً عن ذلك ، .. عاجزاً تماماً.
(تمت)