كتاب كامل صلاح عبد العزيز - ديوان كامل: خيطٌ أبيضٌ بطائرةٍ ورقيةٍ.. شعر

الإهداء :
إلى أحمد عبد الحميد
الإنسان والشاعر

* يبدو أنك فى الطريق للجنون
يبدو أنك اجتزت نصفه
يبدو أنك قبله بقليل
يبدو أنك فى الجنون مقيم
إضحك على حالك
دون قلق هذه المرة

* إلى الجميل

يبدو أننى رأيتك فى مكان ما
مكان لك وحدك
حيث تلتقى الأرواح
تضمنى بين أضالعك
فى حدة الوجد
حيث أنتمى حقيقة
لا تغلق عينيك
أنت رجل صالح
نعم
وأنا أحتاجك كطفليك تماما
لا تكتفى بمرآتك
أنظر يبدو أنك تتذكرنى
أيها المعاند
حيث لا ريح بيدك
ولا قرطاس حلوى

* يتيم الحى

لماذا تسربت مياه البحر وحول شعرى نسمته
كأن ورداته عندما حطت فراشتين
كتلك التى قصصت من أجلها مقدمة رأسى
وقالت
زيارة الجميل تسرنا
و
البحر مضطر للمغادرة
حسبما عودته النسمات
حول شعرى الذى كان
وحولنا الفضاء
تلك معاصى يا شيخى فهل
تمحو المعاصى وتزيده جمالا
كنور الله
وينمو من تساقط شعره المحبة
محبة لورداته
وصغير أنا بعد خمسين عاما
أتحسس رأسى بالفرح
واليدان شال من قطيفة المقام

للجميل أن يحضر باكرا
الجمال الذى يمر حولنا
لنقطفه قبل حصاده أو حصادنا
يا الجميل كنت لى وكنت لك
ميعاد وعدك لى
سرنى
بالبكاء يفرحنى والعهد ما
نقضته الغزالات فى المرعى
وضعفى صنته ومخير أنت
بالتى والولى الحميم
وكل شاهد عدل
حازنى شلوا بكى فرحا
لمحبتى
باعنى بالتسامح والرضا
كل شاهد عدل قايضنى
بكوب من شعير

حزتَ الملاحة يا جميل
أتُرى تنفض الغلالات
أرى شهيق روحى
وينفك عنى ما شاع بالحى
إنك بى أرحم
من أبى الذى زارنى
بعد موته وانشغل مرة أخرى
بحساباته
أنا اليتيم إذن
من يسرنى جريان المحبة بين يديه
وتصفح عنى
لا تحجبنى بما شاعَ فى الحى
إنك بى أرحمُ

* موعد مع سحابة

موعد على البحر الجميل
وكلما أتى ينفض بحرى
وعلامته أيكة خضراء
موعد على البحر الجميل
يناسب الذكرى
ما تعود من تأود رفقتى
أن يستهين بنسمة
فرت من الأيكات
والبحر بى مسنى
رذاذ الماء حتى
شفنى وجد
والبحر فى موعده تماما كخيط أبيض
فى فجره انكشفت سراطين المياه
ودفقة الأسماك فى شباكى
تنفرط
وللأعماق أنظر فى مدائنها
موعد على البحر
ما زاغ عنى
غير الصخور على جرف تنتهى
لو تهشم قاعه
أو لاح منك شعاع
من ضريحك سيدى

يا مدد
أغويتنى بالجميل من الصور
رحت أهذى
وأمتلك فى الحلم تمثالا لها
وتأرجحت عنى الغواية للتى
ما إن غويتُ فأمهلت
عنى السحابة فى الفلك

* وحدة

كل تلك الوحدة
تحتشد من أجل شخصى
لا أستقبلها بالدموع فقط بل أخرج قلبى
لتأكله
ستخرج وردة من معطفها
وبينما تراوغنى
سأنشد بلسانى المقطوع
لحن عيد الميلاد
أنا والوحدة هكذا
حتى أصبحت لا أشكو
وأصدقائى كذلك
والأشجار تمر من قديم
تلقى تحيتها

أصدقائى خلعوا جذورهم
واستقروا هناك
وبينما الأشجار فى هجرتها
أجد وحدتى رفيقا
ليس هشا على الإطلاق
أشم فى معطفها الورود
محتضرة فأفرح
بأن وردة ما تنمو بقلبى
لأن جذورهم ما زالت تضئ

أنا آكل الوحدة
بينما يأكلنى أبناؤها
صداقة قديمة تعنى
أن ازدحاما ما كان هنا
وأن ناسا سيمرون
لأنهم تركوا أرواحهم
وأن أشجارا ستنبت من جديد
كل تلك الوحدة
تجعلنى كخيط أبيض
يمسك بطائرة ورقية .

* حقيقة

أعرف المرأة عندما تكذب
اهتمامها الغير عادى
تأنقها
ملابسها الجميلة مفردات التحدث
بهجتها
تواجهك بوجهها المتكامل
تستدير بكامل جسدها
تمشى خلسة بين أحلامك
تترك على كل شجرة بصمتها
تنقر باب القلب
تعلق حوائجك على المشجب
شرائها لقميص نوم جديد
إنحناء الشجر على شعرها
دوامة العصافير إن مرت من الشارع
رائحتها المطبوعة على الترابزين
يدها عندما تدلف خارج الكوكب
توقفها فجأة أمام الصيدلية


* شئ ما يحدث

يسرنى استنفاذ رغباتك حيث تبقى هادئا طوال اليوم لا تطلب غير كوب شاى . ها أنا أخلع ضلفتى الباب لجيران يتوهمون أن علاقة تمت يباركهم جرس باب صدئ ويتركون بعضا من مدخراتهم على السرير . السرير مرتب بعناية لدرجة التقزز ما الذى حدث البارحة أيقظنى غطيطك عيناى متورمتان لم آخذ كفايتى من النوم والنهار حاجزٌ بين ما أشتهيه .....

قبلها بليلة كل هذا الضجيج مفعم بالمحبة ومع ذلك يحدث أن نلتقى مصادفة فى غرفة النوم ..... لن أعضك قبل الممارسة أبقى ساكنا طوال الليل يحدث أن صراخا فى الشارع يجعلنى منغلقا كنافذة لا إشارة ولا كلام ............. عندما أغير سجائرى .....ينتابنى الشك بأن العالم ليس هو ...... يحدث أن تسيرين على السماء كحافية أكثر خفة من الضوء وأكثر ليونة ........ كل ما يهمنى أن تكون الغرفة ذى إضاءة خافتة ........ أحب الإضاءة الخافتة

أحب لون عينيك عندما تغمضين
أحب نخيلك وريحك وموج بحرك
أحب الطريق الدائرى حول ......... والأحياء الشعبية .........
وتقوس الظهر .........
أحبك بالولادة
أحبك فوق ما تتصورين

تأجلت شهوتى مرات ومرات ولا شئ بيننا سوى المسافة المؤجلة وجسد ملوث بالبارود ........
......... الشوارع مبهمة والمدينة تفر من يدى ......... لم تعد الظلمة كما كانت يطاردها مصباح شارع ..... النهار أيضا لم يعد كما كان ......... العواصف تمر مرتبكة ولا أحمل مصباحا لا أجد غير أشجار تهاجر .......... لا معنى لشهوة مؤجلة بل لفعل مؤجل ........

تسربت المدينة فى المجارير . المجارير مكتظة بالجثث . تسقط الأنظمة من نوافذنا وليس لنا أن نجرب القتلة . يخصنى الدم المسفوح . متظاهروا الشوارع أصدقائى البريؤون مستفزون تأخذهم شهوة الخراب حرائق قلوبهم تعتصر الميادين ..........

أرجلنا تسير بعكس اتجاهنا ........ سنخبئ النساء فى قلوبنا ونحتفظ بأطفالنا فى الجيوب ريثما تهدأ الرصاصات ...... إنهم فوق السطح حيث لا مكان لعصفورين ........... مأجورون وقتلة يلقون بالأطفال ...... أغلقى النافذة ....... ناس يغادرون أصواتهم وناس تغادرهم أصواتهم ليس لى غيرك ملجأ من مطاردى ..... فى موسم القتل المجانى ......
يفر الهواء منا
تفر العصافير
أغلقى التلفاز ربما يمرون منه نحونا ..........

لم نكن عدوين قبل ذلك . كنا أكثر محبة . فلما تهتز السلالم عندما تمرين ؟! ...
يعجبنى ذلك التشبيه ...
لكن الوقت مقتول بيننا ...
لن أكمل ... بينما هواء فاسد يقيم

أخرجى للشارع وانثرينى كدم الشهداء . دبابة على عظامى خفيفة من دعاء إلى الله . كل هذا الجحيم داخلى من يديره . أخرجى للشارع .اجعلى دمى يسير إلى النهر . تسقط المحبة بحجر فينتصب دم الكتابة . تنسلخ اللحى عن الوجوه . نداءات كاذبة تجعلنى واهما أن ثورة تمت وأن ثوارا أتوا . بينما تنتظرين وتضحكين حيث أبقى هادئا طوال اليوم لا شئ غير كوب شاى .............

* الفزع

يحدث أن تنام الشوارع بكفى تصب بداخلى مطر فزع ووردات جحيم وعندما يدلف الوقت إلى مخدتى أرتب نفسى كأن أستعيد يدى من شارع الفزع إلى شارع يقلب الدكاكين برأسى رأسى تقلبنى فوق سرير من زجاج مكسور ينفلت بائع ويجلس حيث لا سكون إنما سوق ودكاكين مقاه وميادين ومشترون ومشردون تجاوزنى النوم فصرت صاحب حان عندى كفايتى من الأصحاب والطرب والخليفة هناك بسيفه وجوقة من عظام ومغن يتيم لحن نشاز على عود بيد عظمية خرجت من الهواء تغنى : أيها الموتى ها هو الخليفة بسيفه فافرحوا واجعلوا الحارات تخرج من عيونكم فرحة باللقطاء منا هاهو المغنى ينام على زجاجه المكسور تتقلب رأسه فى الفزع .

هذا المغنى وجدته يتيما وعندما أدخلته غرفتى باح بأسرارى يجعلنى ساهرا لإدارة الجحيم أنزعج إذا نام فى عروة الجاكيت أمسكه وأعيده غير أنه يحسب رأسى حانة مليئة بالنساء وكان يغنى :

أيها الطيبون اجعلوا عظامى كأسا وجمجمتى قداحة واشربوا للجوقة والخليفة واللصوص كان يغنى:
من يشترينى بساعة نوم أستريح من عناء الآخرين .
كناس شارعنا يحط برأسى مقشته والغبار على سريرى إبر تين شوكى وسكاكين.

أيها المغنى يا من لا حياة به تسكننى الوردات ودون يدى تتعفن الأشجار وعلى وحدى مجمل الفواتير والسكارى فى قميصى ترتحل .

تدحرج الخليفة من سريرى فصار قبعة والمغنى صار قشة بأظافرى والجوقة كانت عش عصافير مهجور

وكان يغنى :
أخرجوا الرصاصات من أذنى
أخرجوا الأصوات من عظامى
أخرجوا القتلة والسفاحين
أخرجوا القادة والقضاة والعسكريين
ورجال الأعمال والتجار والمرابين
أخرجونى منى .

وكنت بلا ميدان عائدا من الحرب مزقت الطواحين هدمت قرية قتلت غولا مخيفا وصوت المغنى يد حالكة السواد تقلبنى بتهنئة تشبه الزجاج المكسور تشبهنى تشبه الطواحين تشبه سماء بعيدة بها الدكاكين مقفلة بها سيف يودعنى كلما دعيت للحرب
وكان يغنى :
طريقى إلى ربى هناك
انظروا :
الأشجار سجادة والضوء راحة كف احملنا أيها الشعاع فوق السحاب سننتظر نحن أيضا على السرير ....

* سلفادور

لكى تكون شكلا هجينا عليك أن تخلع بابا وتضع له جلد ثور تجعل الباب بلا مصراع كنافذة طويلة بشنكل وتضع الشباك كآنية ورد تبدل أعضاءك كل يوم تحيل قدميك مكان الرأس ويدك تعيرها لشخص آخر .
سلفادور فعل نفس الشئ .

ومع الأسف ملت عيناه منظر الثيران وهى تزحف خارجة من الشباك . دودة الأرض مثلا يمكن لها أن تهاتفنى كى تأكل دجاجة بدلا من قصيدتى فتظل القصيدة بعفتها لمن كان فيما قبل سلحفاة تأكل أعشاب البحر .
وكلما تبدلت أعضائى مع الناس والشجر والدواب والمنازل الحجرية يكون الشعور بالرضا أجمل .
سلفادور فعل نفس الشئ .

لا يضر بعض الجنون إذا حاولت أن تعيد للعالم بهجته من خلال لعبة يمارسها الفصاميون .
هل ترى القصيدة قابلة لجموحك ؟! إذا كان كذلك فعليك قراءتها بطريقة غير اعتيادية .

بالعكس مثلا كأن تضعها أمام مرآة ثم تقرأ المرآة على اعتبار أنها مرآة لك . أو تتخلص منها بأن تجعلها مسدسا وتطلق على نفسك الرصاص . سلفادور كان يريد ذلك . لكن هواء ما قام بالمهمة وأنجز ما يود .

* وصايا الهندى الأحمر

فى طريقك كى تكون هنديا أحمر عليك أن تضع القوس جانبا تتجسس على قطيع البافالو وتخبز للقبيلة البطاطا تشعل نيرانا وتخبؤها فى الرياح على دخانها الرسالات والطبول والملابس المزخرفة للفتيات والمقاتلون أصحاب الخيول الهجينة يأتون لتبادل الريش والجلد . أقصى ما تستطيع أن تحرك جبلا لمرور الأوز فلا يعلق فى السماء تولف حبالك مع الدلاء الغريبة لا بديل عن هداياك من النساء أو كشط جلدهن بحجر خفيف كل ما يسقط منك للأرض والطيور والدويبات .

أنا هندى أحمر الأشجار سيرتى خزانتى الكهوف كلما ماتت شجرة أبكى لحين ولادتها الجديدة فتنتفض العصافير بالقش والزغب وزقزقات أطفالها تأتى كزيارة فى حلم لشجرة تحكى كيف كانت جدا وهى الآن مليئة بالذكريات .

أهدتنى الثعالب فراءها للشتاء وهى تركض حولى ضجة عوائها مغمورة بالسعادة للدببة المرافقة قلبى أبيض ؛ فى شمسنا وفى قمرنا ترقد فضة القبيلة وذهبها ، علقنا آلات الصيد فى خيامنا وحول النيران نصلى لأرواح الفرائس بيننا وبينهم مسامحة والزيارات المتبادلة فى المواسم . كى تكون هنديا أحمر عليك بمرافقة الهنديات لغسل ملابسهن كن ستارة قلوبهن وحشيشة أقدامهن إذا فعلت ذلك تكن هنديا أحمر . ضع خيمتك هناك حيث الماء والاسماك حيث تضحك النجوم وبيديها الحانيتين تلثم شعرك ليعطيك الماء معدنه والأسماك سر التوالد حيث يتحدث العشب فى صمته ضع وعاءك تحت كلامه فى الصمت كلام كثير يملأ الوعاء والنجوم إذ تنصت لك تعرف أن جدك صار هناك . باب خيمتك لا تتركه مغلقا لربما جدك يهبط فى الليل كن واثقا أنه أى شئ : الشجر العشب أبناء آوى وتد الخيمة الريح الضوء السماء الأرض فى العراء لست وحدك ، أنت هندى أحمر وهذا جدك .

وإن وصل المقاتلون اخرج للساحة بين أقدامهن انثر الورد أولا ثم اشهر القوس طر مع الغراب طوطمك الذى يسير فى الهواء ولا تسر مع الغراب الذى يسبح فى البحر تكن لهم ندا نساؤك فى الكهوف الخناجر أعطيهن لك النصر وإن كنت ميتا فسوف ينحن تأخذك أصواتهن وأنت تعرف أنك هندى أحمر أصواتهن فى الكهوف غضب ينقض ثورة بركان وجحيم .

* إذا كنت فى طريقك للانقراض
فاتبع ذلك النص
عندما يوهمك أن العالم جميل
وأن الغذاء متوافر وأن المياه نظيفة
أنا مجربٌ
انقرضتُ مرة وانتهت فصيلتى
عندما وقَفت شاهداً ولم أفعل شيئا
وقتها فرحت بالبنادقِ والرصاص
وعصفور يئن فى يدىْ من ليس من جنسى
كان أبيض مسربلا بحمرة ومكلبظ
بذلك الشئ خرجت نِيرانه الصديقة
أول ما قتل قطيع أغنامٍ
الواحد وزن عشرة آلاف عصفور
وهو يغمزنى
وكنت أضحك وقال لى :
فلنجرب تفاحة فوق رأسك الجميل
أغمضت عينى وكل مرة أنقرض
أنا محب للحياة
لذا أقوم من موتى وتستمر اللعبة
كأن العالم جميل هكذا
المشكلة فى ذاتها
فى إغماض عينيك كل مرة .

* تعلم كيف تبنى الحوائط
كيف تبنى سقوفا
وكيف تنفصل عمن حولك
عندما تغادر
تبقى الحوائط كما هى
تبقى السقوف
وتبقى روحك فى الداخل
حبيسة الأدراج

* كل مرة
عندما تشرق الشمس
أجده واقفا
أقول : لعله العشب
لعله شجرة
لعله جبل
وعندما تختفى الشمس
أسألنى :
كنت عشبا
كنت شجرة
كنت جبلا
أنا فى الظلام لا شئ

* خمسون رأسا
خمسون لسانا
خمسون أنفا
لكنما
مائتى عين
مائتى يد
مائتى رجل
أليس النسبة ظالمة ـ والله ـ
فى بعض الأحيان يتضاعف العدد
نسيت أن لى رأسا واحدا
بعينين بأذنين برجلين
بيدين
بلسان واحد فقط
والمائتى أذن كمواجهة عدو .

*
العالم فى الغياب شئ آخر
اللغة لا تستطيع وصفه
الحضور
عالم آخر
اللغة أيضا لا تستطيع وصفه
ما بين الغياب والحضور شخص
ليس أنا ليس هو
كنت أرقب فقط من يأتى أولا
من يشهد شبحين كل همهما التجسد
واللغة لا تستجيب
على وحدى أن أجمعهما
أجسد اللحظة كى لا تفر بحروفها
إلى صمت خفى
أرقب وجهيهما المتلاشيين
ما بين الغياب والحضور
ليست اللغة هى التعبير عن هواء زائف
عن بحر ملتهب
عن سماء كانت زرقاء
عن اثنين هناك
بينهما شبح ثالث
يجلس فى الماضى ويعرب
هى فاعل
هو فاعل
أنا فاعل
لا جملة لنا لا فاصلة لا نقطة لكى ننتهى

*
لا بد أن أحدا ما مات
يرتفع الصوت كلما ضاقت
صدور النسوة
أخذن صوتى معهن منذ سنوات
يرف فى حاراتهن

منذ سنوات وأنا بلا صوت
لا بد أن أحدا مات منذ سنوات
ولم أنعه لم أخبر أحدا
بأن أحدا مات منذ سنوات

بلا صوت أتجول فى حاراتهن
ولا يعود إلىّ
النسوة الحزانى
أمسكنه ولم ترده إلىّ
بكيت لسنوات
لسنوت عديدة أمطرت السماء
بلا صوت

*
هكذا هى عندما تحضر تصبح أسيرها مهما كنت مهما حاولت الفرار مهما حاولت أن تقاومها هى جنونك وجموحك للحب والحياة هى المطلق والرغبة الجامحة الجلوس لساعات فى انتظارها لهو خبلٌ يحتاج لعدة أمور أن تشغل نفسك بوجهها كيف كان وماذا تعمل فى خصلات شعرها إذا أرادت المجئ هى فى أوج نشاطها لا تعنى أنها لك لا تعنى أنها تريدك أنت إنها تسير فى الشارع تلتقطنا من المقاهى تنتقى أصفانا روحا وأقلنا حركة وأكثرنا استعدادا لليلة معها فهى تمشط شعرها من أجل واحد فقط لليلة وحيدة تشعل جسدها من أجلك وتطحن عظامك على الفراش وعندما تمارس طقوسك تصبح مخبولا فى العراء هى مارقة تمارس جنونك اليومى وهى لا تستجيب من علمها الفرار منا من علمنا الجرى وراءها من الولادة للموت وبينهما حياة بلا معنى ووحدة كئيبة كشظايا زجاج تنغرس فى لحمك يدوسك العالم وهى لا تدرى أهرب قبل أن تكون شاعرا أهرب قبل أن تأتى أشغل نفسك بالحياة وبالزوجة والأولاد بعيدا عنها لن يطال سوى الألم أهرب بعيدا لا تصنع امرأة من جنونك قل لنفسك لست شاعرا لست شاعرا ربما يكون العالم أخف وطأة على قلبك ربما تستعيد روحك ربما السعادة ترجع لقلبك السعادة نسيتك بسببها صرت فتاتا تلتقطك العصافير تحول العالم لوحش كاسر أهرب قبل أن تلتهمك .

* القصيدة

مخطئ ياصديقى
من يقول أن هذه القصيدة ومضة
إنما هى قصيدة
ينقشها سكين حاد
فى جسد حى
ومن اللذة فى الألم تنبثق
( الحضور الفذ )*
سكين يقطعنا
على مائدة المعنى
العالم فى شخصها امرأة ملائكية
تأخذنا للجحيم
ليست مفردة عادية
أو نقطة صغيرة
تكاد تضئ
ولو لم تمسسها نار
فقط هى القصيدة .

ـــــــــ
هوامش :
* سلفادور دالى : فنان أسبانى
*( الحضور الفذ ) مجموعة قصصية للقاص محمد عامر

ـــــــــــــ
* ديوان (خيط أبيض بطائرة ورقية )
ابريل / أغسطس 2019
صلاح عبد العزيز / الزقازيق

** المحتوى
(1) إلى الجميل
(2) يتيم الحى
(3) موعد مع سحابة
(4) وحدة
(5) حقيقة
(6) شئ ما يحدث
(7) الفزع
(8) سلفادور
(9) وصايا الهندى الأحمر
(10) القصيدة


تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى