آدم إبراهيم - صورة فوتوغرافيّة..

بعد هدأة دخان الحرب كانوا يوزّعون قرابين النجاة تضرُّعاً.
الموتى بعيون مغمضة وقد تجمّد الخوف بأجسادهم الهامدة؛
ما يزالوا يختنقون من الغضب
يتحسّرون!
فليكن الرّب شاهدًا على هذا التواطؤ والغدر.
الذي ينجو من الجحيم سيأخذ معهُ هديّةً مغلّفةٌ بمؤازرة:
ما هذا الخُبث :- جُثّة
تافهون؛
كما الحياة.
لا أحد مضطرٌّ إلى الهجرة
لو السماء تعتني به من الكوارث
الرُّحل قِسراً: قِطعان يسافرون في وحلٍ مأساويٍّ. كسيحون بدون سببٌ يوحي للإرادة، يحاولون المشي.. بائسون ويائسون؛ يتصبّبون عرقُ المسافاتِ، دماءٌ تتقطَّرُ من أجسادهم التي هزلت من الجوع والرّعب. وطرقٌ وعرةٌ، لا تنبّئ بالخلاص أبداً؛ لا يكاد هناك شيئًا مجدي بمواصلةِ السيرُ المُنساق بإشارات العُماة المتعطِّشون نحو قدرٍ لا معروف أثرًا لخطاهُ في الوحل؛ لم يتبقَ شئ غير صدى صياح الأمل المنادِ من البعيد:
تيقّظوا
تماسكوا
وامضوا إليَّ..
على طريق المأساة: تساقطت بذراتُ الإيمان من قلوبهم المنهَكة؛ فنبتت أشجارًا من الشوك لا تؤمن بخُرافةِ الرّحمةِ شيئًا. مؤذيّةٌ حتى للأرض منبتُها الرحيم. والماءُ يتعكّرَ صفاؤه حين يعبرَ بالقربِ من الجُذور المُغرسة عُنوةً في رحم الطمي.
من يأخذ بثأر هؤلاء الذين أُحرقت قلوبهم الهزيلة من الطُغاة؟
من يبتغي قهرًا
من يرتضي الظُلم؟
سلاسل الخوف تجُرَّهم نحو الخُنوع، شيئًا فشيئًا للإنحاءة.
مُرٌّ مذاقه الحياة
مُرَّةٌ أن تكون بلا حياة.
كُلَّ الأمور سيان إن كُنت شقيًّا لم تلتقِ بمصيرك ذات يوم.
لاجئون يكتبون رسائل حنين:
«... المنافي أفضل من الأوطان؛ إن لجئت إليها مكسورًا جبرت لك كل الآلام. ومنحتك دفئًا لطالما كنت بحاجته. وارتوت جذور ظمآك الجامحة للحياة. مؤسفًا أن تظل تقاسي دائمًا، لا محال، تحت وطئة الغربة تئن من الحنين للرجوع إلي معانقة الأحضان الذي فارقتها قِسرًا ذات وداع و قرار نهائي لإغتراب..
الأوطان ُ خاذلة ٌ :
تلفظُ بإبناءها خارج رحم أسوارها، طرداً، تعلن الإستغناء عنهم؛ لتُرحِّب بحشودًا أُخرى قادمة من أمكنة أخرى. بإبتسامةٍ زائفةٍ، توفر لهم ملجئًا ليس لهم، بل هو من حقُّ الطريد..
والمنافي الأُخرى، هي أيضًا، مُشرعةٌ أحضانُها، ولها ذات إبتسامةُ الترحيب الزائفة تلك، لإيواء الذاهبين..
وهكذا يتضاربُ معنى الوطن بين البلاد»
لنُحطّم أُسطورة المعنى المُشاع لها فينا.

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى