كنت في مستشفى عين شمس التخصصي اليوم لإجراء بعض التحاليل لقياس الدهون الثلاثية والكلسترول بالدم.
صالة العيادات كانت مكتظة عن آخرها. قليل من المرضي يضعون كمامات على أفواهم وأنوفهم. ربما هذا مشهد معتاد في مكان يعج بالمرضى، ولكنه حفز في ذهني صورة مرضى الكورونا، التي أراها على قنوات التلفزيون وغمرني بالقلق. فكرت في احتمالات العدوى فوضعت منديلا ورقيا على أنفي وجلست.
وزاد من إحساسي بالقلق، أحد زملاء العمل، تعرفت على ملامحه ولكني لم أتذكر اسمه كالعادة، فذاكرتي لحفظ الأسماء والأرقام ضعيفة جدا، رغم أن ذاكرتي البصرية تكاد تكون خارقة. يبدو أنها آلية من آليات التعويض يقوم بها اللاوعي.
مرات عديدة اتعرض لمواقف محرجة حين يسألني شخص ما، هل تذكرني؟
أقول له طبعا.. فأنا أذكر ملامحه،
لكنه يلح: طيب أنا مين؟
مأزق تعرضت له كثيرا، لهذا حاولت تجاهل زميل العمل القديم حتى لا يسألني (أنا مين؟). لكنه توقف أمامي، وضحك فاضطررت أن أقدم له ابتسامة مفتعلة؟
كل ما فعله أن نظر في وجهي وقال: أنت عجزت.. بقيت عجوز، ثم مشى.
لم أجد ردا غير أن أقول: الحمد لله.. هناخد زمننا وزمن غيرنا.
عبارات مستهلكة ونمطية كهذه أكرهها، حتى لو وجدتها في رواية القي بها على طول ذراعي. وها أنا الذي أحاسب الأدباء على العبارات النمطية، أرددها ولا أجد غيرها في موقف كهذا.
تبعته بعيني لأتأكد أنه ذهب لحال سبيله، ثم نزعت المنديل الورقي عن وجهي ووضعته في جيبي وكأنني اتحداه. لكن حالتي النفسية كانت قد تغيرت من القلق إلى الغضب . طبعا كنت صائما لزوم التحليل، ولم اتمكن من فنجان القهوة والسيجارة اللتان استقبل بهما الصباح رغم تحذيرات الطبيب.
نادت الممرضة على أسمى لتسلمني التقرير الطبي، وأثناء ذلك جاءت زميلة لها. كانت ممتلئة بعض الشيء لكن ملامحها جذابة وابتسامتها رائقة، راحت تداعب الممرضة التي بدت مشغولة في تفحص الأوراق بين يديها حتى أنها نهرتها: أنا مش فاضيالك يا بكبوظة.
ضحكت بكبوظة وقالت بدون مناسبة: لو خايفة من الكورونا كلى مكرونا.
ثم راحا يتبادلان الضحكات والقفشات، فيما أنا اتفرج عليهما وأبتسم. عندئذ ابتسمت الممرضة ومدت يدها بالتقرير. لكن بكبوظة خطفته من يدها، وبدون مبرر أيضا نظرت فيه وقالت: ياعم أنت زي الفل، كل التحاليل نورمال…
شكرتها وقبل أن امشى قالت: على فكرة.. جوزي اسمه سيد برضو.. وعسل زيك كده
ضحكت وقلت ربنا يسعدكم.
رحت أفكر في في الكلمات التي يقولها البسطاء بدون مبرر، ولكنها تصيب الهدف بدقة. وقد تحقق معجزات أو كوارث لا يقصدونها..
لكنني نسيت الكورونا وزميلي القديم. ورحت أفكر في طبق مكرونا. فيما تخايلني ابتسامة بكبوظة.
صالة العيادات كانت مكتظة عن آخرها. قليل من المرضي يضعون كمامات على أفواهم وأنوفهم. ربما هذا مشهد معتاد في مكان يعج بالمرضى، ولكنه حفز في ذهني صورة مرضى الكورونا، التي أراها على قنوات التلفزيون وغمرني بالقلق. فكرت في احتمالات العدوى فوضعت منديلا ورقيا على أنفي وجلست.
وزاد من إحساسي بالقلق، أحد زملاء العمل، تعرفت على ملامحه ولكني لم أتذكر اسمه كالعادة، فذاكرتي لحفظ الأسماء والأرقام ضعيفة جدا، رغم أن ذاكرتي البصرية تكاد تكون خارقة. يبدو أنها آلية من آليات التعويض يقوم بها اللاوعي.
مرات عديدة اتعرض لمواقف محرجة حين يسألني شخص ما، هل تذكرني؟
أقول له طبعا.. فأنا أذكر ملامحه،
لكنه يلح: طيب أنا مين؟
مأزق تعرضت له كثيرا، لهذا حاولت تجاهل زميل العمل القديم حتى لا يسألني (أنا مين؟). لكنه توقف أمامي، وضحك فاضطررت أن أقدم له ابتسامة مفتعلة؟
كل ما فعله أن نظر في وجهي وقال: أنت عجزت.. بقيت عجوز، ثم مشى.
لم أجد ردا غير أن أقول: الحمد لله.. هناخد زمننا وزمن غيرنا.
عبارات مستهلكة ونمطية كهذه أكرهها، حتى لو وجدتها في رواية القي بها على طول ذراعي. وها أنا الذي أحاسب الأدباء على العبارات النمطية، أرددها ولا أجد غيرها في موقف كهذا.
تبعته بعيني لأتأكد أنه ذهب لحال سبيله، ثم نزعت المنديل الورقي عن وجهي ووضعته في جيبي وكأنني اتحداه. لكن حالتي النفسية كانت قد تغيرت من القلق إلى الغضب . طبعا كنت صائما لزوم التحليل، ولم اتمكن من فنجان القهوة والسيجارة اللتان استقبل بهما الصباح رغم تحذيرات الطبيب.
نادت الممرضة على أسمى لتسلمني التقرير الطبي، وأثناء ذلك جاءت زميلة لها. كانت ممتلئة بعض الشيء لكن ملامحها جذابة وابتسامتها رائقة، راحت تداعب الممرضة التي بدت مشغولة في تفحص الأوراق بين يديها حتى أنها نهرتها: أنا مش فاضيالك يا بكبوظة.
ضحكت بكبوظة وقالت بدون مناسبة: لو خايفة من الكورونا كلى مكرونا.
ثم راحا يتبادلان الضحكات والقفشات، فيما أنا اتفرج عليهما وأبتسم. عندئذ ابتسمت الممرضة ومدت يدها بالتقرير. لكن بكبوظة خطفته من يدها، وبدون مبرر أيضا نظرت فيه وقالت: ياعم أنت زي الفل، كل التحاليل نورمال…
شكرتها وقبل أن امشى قالت: على فكرة.. جوزي اسمه سيد برضو.. وعسل زيك كده
ضحكت وقلت ربنا يسعدكم.
رحت أفكر في في الكلمات التي يقولها البسطاء بدون مبرر، ولكنها تصيب الهدف بدقة. وقد تحقق معجزات أو كوارث لا يقصدونها..
لكنني نسيت الكورونا وزميلي القديم. ورحت أفكر في طبق مكرونا. فيما تخايلني ابتسامة بكبوظة.
كلمات.. قصة قصيرة لـ .. سيد الوكيل
كنت في مستشفى عين شمس التخصصي اليوم لإجراء بعض التحاليل لقياس الدهون الثلاثية والكلسترول بالدم. صالة العيادات كانت مكتظة عن آخرها. قليل من المرضي يضعون كمامات على أفواهم وأنوفهم. ربما هذا مشهد …
sadazakera.wordpress.com