تامر الهلالي - ذئب جائع..

الكاميرا تقترب بشدة من وجه البطل
ملامحه ممزقة
تمزق رؤيته للأشياء
تنتقل الكاميرا
إلى صور له على الجدار المواجه
وقتها كان اليقين يملأ روحه
بين الوجه و الصورة
لقطات لبوصلات طالما تظاهرت
انها تعرف الطريق
و سترشده للسلام والسكينة.
ثم في منتصف كل حلم
كانت تذهب
و تتركه وحيداً
و فارغاً
يمارس تشرد روحه
بنهم ذئب جائع
*******************


سقوط الكاميرا
_____________
الكاميرا سقطت من يد المصور
حين جاء ذلك المشهد غير المحتمل
البطل يعصر روحه
فلا يجد نقطة واحدة من حب
ولا يتذكر مشهد رغبة
ولا أفق أمامه غير مكدس بجدران

يضطر مدير التصوير للاستعانة بمصور آخر
متخصص في تصوير تلك المشاهد

نبدأ من جديد
"اكشن"
اعتصار
تظهر الروح كخرقة بالية
لا لون لها
الجرافيكس يقوم بمهمة تناسل الجدران
والمشهد ينتهي بتحول البطل لكرة فلين
تنجح أحياناً في تسلق الجدران
و تفشل في أغلب الأحيان
*********************
مشهد لم يتم عرضه
__________
جمل الحوار تنهال
الكل في صراع مع نفسه و مع الآخرين
الكل يحاول حل المعضلات الكبرى : التاريخ والآثام و المظلومية و النجاة
كل الشخصيات ترنو إلى حب يبلسم الأشياء
تنتهي مشاهد اليوم
المصور ينسى الكاميرا
عدستها تتجه إلى سماء
بها قمر مكتمل وحدته
يقول: لا أحد أصبح يريدني
الكل يدعي ذلك
لكنني وحيد
تغلق الكاميرا اوتوماتيكياً لنفاذ البطاريات
يسقط القمر
دون موسيقى
يأكل شظاياه إسفلت المدينة
دون أن يعرض ذلك المشهد في الفيلم
***********


بعد هدم الديكور
_____________
بعد أن تطفأ الإضاءة و الكاميرا
بعد ان يهدم ديكور المدينة و ديكور المقهى
و ديكور البيت
يبدأ صليل السيوف الليلي
كل شيء يضرب بعضه بعضاً
العشق و الكراهية
الحرية و الأصفاد
التاريخ والآن و ماهو محتمل
الندم و الضجر واحتمالات السكينة النادرة

ثمة دماء سوداء دائماً على طاولة الكتابة
و ملاك يلوح من بعيد ولا يأتي
لكن له ابتسامة ساحرة تعد بكون أبيض
حيث جسدي و روحي
دون طعان الليلة
و دون تلك الخناجر من الصراخ المكتوم
التي تمزق كل ما تبقى مني
عدا تلك النظرة الملهوفة
للملاك الذي يعد و يكذب
ثم يعد و
ي
ك
ذ
ب
*********

لا حيلة متبقية
فعل الماكيير كل ما يستطيع في وجهي
لكن المشهد مهما تكرر
مهما اتسعت الابتسامة
يظهر فيه لي وحدي
كدمة بحجم الم استقر في الروح
منذ بدأ النور خياناته لي
كان الالم بطبيعة الحال يريد ان يحيى
كل شيء يريد ألا يموت

كنت انا اتظاهر انه اختفى
لكن في هذا المشهد : البطل في الثامنة والثلاثين عليه ان يلعب مع طفل بطفولية شديدة
و بينما يلعب يكتشف شيئاً مهماً سيكون محوراً للصراع والدراما
اديت المشهد بما استحق ثناء المخرج
لكني لم استطع الخروج منه
و اعتذزت عن استكمال الدراما
لأني اكتشفت كدمة متورمة تحت روحي
تسوطني الماً
كلما حاولت ان العب ك
ط
ف
ل
***********

نهاية مختلفة
_________
افكر في نهاية مختلفة
أن لا يقتلني الاكتئاب أو التدخين
أو حتى النهاية السعيدة: التحقق و النجاح.. إلخ
اريد ان ارى استمرار فوضاي
و كل تلك المعارك و الحروب في الداخل و الخارج
أن أشاهد حماقات البشر
دون أن أفكر في تحويلها لأفلام و قصائد
أريد فقط أن أبقى للأبد
اشاهد كل تلك الفوضى داخلي
و كل تلك التراجيديا البشرية
علي فقط ان اجد شيئاً يضحكني
لأستمر
**********

ابتسم فحسب
__________
لماذا لا يقول المصور: ابتسم ابتسامة حقيقية
يقول ابتسم فحسب
أدرب نفسي هذه الايام المتبقية
على تلك الفكرة : ان أضحك من قلبي
دون أن أهتم كثيراً لتسجيل تلك اللحظات
كل تلك التراجيديا لم تكن بالسوء الذي شعرت به
في نهاية الأمر: كانت اللعبة مشوقة و مثيرة
واستطعت انتزاع الكثير
الكثير جداً من الضحك
الضحك حتى سخرية من بكائي
الحياة حقاً
لعبة
م
ض
ح
ك
ة
*******

حفلة بلا سبب
__________

الكاميرا تقترب من وجهي جداً
لتعبر عن إجهاد شديد
كلماتي صفراء دون روح
مهندس الصوت يبذل جهداً كي تبدو الكلمات مسموعة و مفهومة
بينما أنا في كادر مواز لي أعد لحفلة كبيرة
بلا سبب واضح
تلك إحدى طرقي في الانتصار على جسدي
ادعو الأصدقاء لنشاهد بعض الافلام
يتحدث كل منا عن مشاهد الفرحة و الضحك النادر التي حدثت لنا مؤخراً
و نحول التعب واللعنات لدخان ازرق مبهج
و يحرق صوت فرحتنا أشباح المدينة
*******

شيء ما يسرق النور
___________
البطل و البطلة على مقهى
يتحدثان عما يحبانه
ثمة إعجاب من الممكن أن يغزل نوراً
يجعل المشهد أبهى
لكن شيئاً ما لا يظهر بالصورة يسرق النور
الكاميرا تتجه إلى ظهور منحنية
وأكتاف وشم عليها تاريخهما اوزاره
و يرسم اغتراباً طاعناً في العمر أصفاداً على الممكن

يصير حديثهما أشبه بالحلم
رغم أن الحوار حدث بالفعل
يتصافحان و يمضي كل في طريقه
و تظل الاحتمالات قائمة في المشهد التالي
هل تذوب الوشوم
هل تختفي الأصفاد و الوشوم
و تقترب الكاميرا
من الوجوه
و الأيدي المتصافحة
هل يصير الطريق واحداً و نستعمل كاميرا واحدة
أم سنظل في حاجة لمونتاج متواز
-****************

إضاءة مناسبة للاعتراف
--------------------
في ليل خارجي
البطل يقرر أن يقتل اسراره على مذبح عينيها
أخبرها كم هو نزق و هوائي و متقلب المزاج بشكل لا يوصف
أخبرها أيضاً أنه لا يستطيع ان يصير قديساً
ولا يملك من امره شيئاً فهو اسير اللحظة دائماً

إضاءة المشهد الخافتة المناسبة للاعتراف
تصير نوراً لا نهائياً
حين تحتضن يداها يديه
و تمنحه قبلة بنكهة صك غفران نادر
تذوب جمل الحوار المعدة سلفاً
و ينصتان سوياً إلى أغنية يغنيها القمر للمرة الأولى
لغيمتيهما المتضافرتين
***********

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى