علي محمد فنير - القيود

استيقظ من نومه منهكا …. أحس بألم غير محدد يغزو جسده ويتسرب الي كل خلية من خلاياه …. شعور بالغثيان وشعور بالعدم يطغي علي كل أحساسيه .

قام بغسل وجهه بالماء البارد …أحس ببعض الانتعاش ..ألقي نظرة علي وجهه في المرآة ….يالله لقد مر الزمن سريعا الشعيرات البيضاء غزت شعره الاسود وتكاد تعلن أنتصارها النهائي والسيطرة علي كل مساحة في رأسه……. وعلي وجهه تجاعيد جديدة ظهرت …عندما كان شابا كان ينظر ألي الشعر الأبيض في وجه أبيه وذقنه علي أنه رمزا للوقار ولكنه الآن أدرك بأن كل شعرة بيضاء تقربنا من النهاية الحتمية لكل كائن حي وهي الموت وينقص معها دقائق وساعات من أعمارنا التي أضعناها هدرا وتسربت من بين أصابعنا كحبات رمال تذروها الرياح في كل أتجاه ولو خير أباه بين الوقار أو أن يبقي شابا علي الدوام لأختار الخيار الثاني وليذهب الوقار الي الجحيم.

أرتدي ملابسه علي عجل بدون أن يتناول طعام أفطاره ….حمل مفاتيح سيارته المتهالكة ليمضي الي المعتقل ….أنه مكان عمله والذي اطلق عليه أسم المعتقل لأنه أعتقل احلامه ….أعتقل طموحاته وكل أمانيه ….أعتقل شبابه الذي أضاعه وهو يجلس علي كرسي قديم وطاولة مهترئة كصنم جاهلي لايحس ولا يتكلم يتلقي الأوامر من مدير جلف يذكره بأبي جهل أيام مجده في قريش وهو يستعرض جواريه وعبيده جارية جارية وعبدا عبدا من خلال سجل الحضور والأنصراف ليضمن عدم أبقهم وفرارهم من قبضته .

وقف أمام المرايا …. ليعدل ربطة عنقه القديمة ….نظر الي وجهه طويلا أحس علي نفسه بالشفقة من نظرة الأستسلام التي بدت كورم أنتقل الي كل وجهه وجسده والتي جعلت منه عبدا مطيعا يخشي أن يخرج من بوابة المعتقل ليستنشق نسائم الحرية ويرضي بالعبودية بكامل أدرادته ….قبل أن يخرج التفت الي الجدار المقابل حيث علق علي مسمار قيودا حديدية قديمة صدئة ……وضعها في يديه أحكم أقفالها وأتجه الي حيث تقف سيارته أدار محركها وأتجه الي المعتقل بينما كانت الشمس تختفي خلف ستار من الغيوم وكأنها في خجل من أن تنظر اليه .



* عن بلد الطيوب

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى