حوراء الربيعي - فَكُّ شِيفرَاتِ المَوتِ.. شعر

بِلَا شَغَفٍ
استَكمِلُ المُتَبقِّيَ مِنْ بُرَهِ الدَهرِ
عِزرَائِيلُ يُرسِلُنِي للعَالَمِ الآخرِ
"بالتقسِيط"
الدُفعَةُ الأولىٰ طُفولَتِي
بَعدَهَا كُلَّ خَيبةٍ
يَأخُذُ مَا قُسِمَ لَهُ
مِنَ الاطلَالِ المُسمَاةِ "أَنَا"
لَم يَبقَ مِن الدُفعَاتِ
الا المُوارَاةُ تَحتَ التُرابِ
لتَتَحرَّرَ الرُوحُ
لتَعرِجَ للمَلَكُوتِ
بُلَا انهِيَاراتٍ مُفتَرَضةٍ
الأنسِجَةُ تَتَداعَى
مُتَعرِّضَةً لِنهشَاتِ النَملِ
بِلَا خَوفٍ
فَرِيسَةٌ أحتَضِنُ قَاتِلي
أتمَتَّعُ بِكوْنِي قُوتَ يَومِهِ
آصِرَةٌ وِدِّيَةٌ وَتَرَابُطٌ
ذرَّاتُ الرمَالِ التي احَاطَتْنِي
كُلَّ حَدبٍ وصَوبٍ
حتَّى التي بَينَ الأهدَابِ
تُؤنِسُنِي
الضَحِكَاتُ المُتَردِّدَةُ فِي أرجَاءِ "وَادِي السلَامِ"
لِذلِكَ "الشهِيدِ"
أحَالَتْ الهِجُوعَ حَربًا
بَينَ العِظَامِ الرُفَاتِ
كُلٌّ يُفَسِرُهَا كمَا يَشَاءُ
الأَولُ يَدَّعِي أَنَّهُ فِي الجِنَانِ
والآخَرُ يَكَادُ يَحلِفُ أنَّهُ يُجَالِسُ الربَّ
أنَا وَحدِي كُنتُ أَفكُّ الشِيفرَاتَ
فالتَهكُمُ غَيرُ مُبَاحٍ
كَميَةُ القَدَاسَةِ
المَوضُوعَةِ قَسرًا
حَولَ المَيتِ ثَمِلًا بِنَشوَةِ الزَيفِ
مَحرُومًا عَبَقَ نَحرَ وَلِيدِهِ الأولِ
لا تُبِيحُ إلا الضَحِكَ على السذَاجَةِ
وهُو بَعدَ التحرُّرِ مِنَ الجسَدِ
عَلِمَ ألا مَقتُولَ غَيرَهُ
ولا تَغييرَ إلا فِي عَدَدِ القبُورِ
البُكَاءُ
لا يَلأمُ الأعيُنَ الرَّمِدَةَ
أنى للأجسَادِ المُرصَّعَةِ بِالجِرَاحِ
سَحبُ الأروَاحِ مَرَّةً أُخرى
ضَحِكٌ... واستِهزَاءٌ... قَهقَهةٌ
بَعدَ الفَنَاءِ مَنْ غَيرُهَا
يَصِفُ الاشمِئزَازَ مِنَ العيشِ؟
صُرَاخُ الأطيَافِ مِن حَولِي
قَلقَلَ وَسَنِي المَمزُوجَ بِالأَرَقِ
الأَجفَانُ تَرتَفِعُ
الضِيَاءُ يَتَسرَّبُ مِن أَطرَافِ اللِحَاظِ
ألحَانُ الحَشَراتِ تَتسلَّلُ لِلآذانِ
الليلَةُ أَيضًا
تُوفِّيَ شَطرٌ مِنِّي!

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى