آدم إبراهيم - بين الآن والماضي..

بلاهتي التي صُبغت بطفولتي
تبدّد لونها الباهت مثل الرّماد
في بوتقة الأعاصير الزمكانية الهالكة
كنت فتىً طيّبًا أعرفُ اللطافة
أعرف العِناق جيّدًا
والتسامح
أيضًا
مشاكس
كنت أعرف مدى حُبِّي للآخرين
بما يكفي
الآن
أقول، الآن، لأنِّي أجثو الآن على حسرتي وألمي
القاسيين
والآن أسوأ من أي آنٍ قد مضى
ألعن المجاورون لمنزلي
والمارّة
والزائرين ذوي الإبتسامات البشعة
وأصدقائي الذين قد سئموا من ثرثراتي وصمتي
المريعين
كنت أحبهم
مع الكثير من الإحترام
والصداقة
والآن:
أنا بشري غير أليف
غير صالح
أعني، لا إجتماعي
لا يطيقني أحد
بكامل وقاحتي
وقحٌ أنا
نذلٌ أنا
هكذا دائمًا تقول السيّدة الإنكليزيّة:
وهاتان الصفتان السيئتان
دخيلتين بعالمي البرئ
نعم، برائتي تتبرأ ممَّا أنا عليه الآن
لا أعرف فن الإعتذار
لا أعرف الرحمة
لا أعرف تشذيب سلوكي
مظهري رث
نسيت التقبيل
اللعب
المواساة
والإنحناءة
غريزتي واللغة تنوءان عنِّي
كأني شبحًا
أناي حبيسًا في تابـو الصدمة الحضارية
ثمِلٌ بالأكاذيب
والترهات
ذائقتي لا تُطربها إيقاعات الموسيقا
واللحن
اللوحات الجُدرانيّة
ساعتي الرمليّة الممتلئة بالأغبرة
الأرجوحة ذات الحبل الرخو
وضوء النهار
تفضح بشاعتي
المرآة أيضًا تقول ذلك كلّما مررت عابرًا بجوارها
أحاول التذكر
استعادتي
استنكر الحاضر دون الماضي
بيد أنني خاسِرًا في كلا الحالتين
وجه أمي الشاحب
النوستاليجا
رُبّما تعيدني إلى الوعي
أنا طفل ذكي
أنا طفل طيّب
أنا طفل جميل
كما يُقال عنِّي
دائمًا
ينتهى كل شئ
يبدأ كل شئ
أعرف التراجع حيث كنت
كما أعرف جيّدًا تفادي الكارثة
الآن، كارثة
تضطهدني
تحتقرني
سأهرب من هنا
سأهرب
بلا إلتفاته
بلا عودة
مرّة أخرى


آدماي

رصيف السبت
٢٩ آذار المغادر

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى