سوناتا الفراشة

سوناتا الفراشة
شعر: علاء نعيم الغول

قالتْ وقلبي كالقبائلِ من ورقْ
في الرأسِ صوتُ الهاربينَ من الحريقِ
وللسكونِ الآنَ رائحةُ الخزامى في الهواءِ الطلقِ
أُقفلُ آخرَ الكتبِ التي فتحت أمامي النومَ
أحلامي غبارُ الزعفرانِ وفي مساحيقِ التوابلِ
سافرتْ أولى الرواحلِ وانتهكتُ طقوسَ نومي
كي أرى منكِ الطيوفَ
أحسها كدبيبِ نملٍ فوقَ جلدٍ ناعمٍ
لا وقتَ للتسويفِ خُذْ ما اسطعْتَ من هذا الوجودِ
الزائلِ المرميِّ بين الروحِ والرغباتِ
داعبْ مَنْ تُحبُّ ولا تقلْ هذا يصِحُّ ولا يصِحُّ
حبيبتي لكِ أَنْ أفككَ مفرداتي كي تصيرَ لكِ
ارتشافًا من وجيبِ القلبِ يعصرهُ الحنينُ إليكِ
هذا القلبُ خطُّ الإستواءِ وغابةُ المطرِ الكثيفةُ
حين تخنقهُ الرتابةُ تستبدُّ به القتامةُ
والشعورُ بأنَّ شيئًا ما سيحدثُ
فارفقي بالقلبِ
هذا القاتلِ المأجورِ مغتصبِ السكونِ
وفاتحِ النارِ الشهيةِ
صاحبِ الرؤيا وصاحبِكِ القديمِ
وحاملِ الورداتِ في سلَّاتِ ريحٍ ثقَّبَتْها الشمسُ
أنتِ حقيقةٌ كالعشبِ
نادرةٌ كوجهِ الكهرمانةِ
تعبرين غلافَ روحي كالنيازكِ
تشعلينَ تأملاتي مثلما اشتعلت مدينتُنا
بنارِ الحربِ وانتهتِ الحياةُ بأنْ خرجنا
من تفاصيلِ الثباتِ إلى الجمودِ
وماتَ نصفُ الأهلِ ما بين المنافي والبقاءِ
على خطوطِ اللوزِ نُسقَى الوهمَ جرعاتٍ وخيباتٍ
ونكبرُ ثم تكبرُ في ملامحنا المرايا
أنتِ لي سَيْري على الأقدامِ من بيتي لبيتِكِ
أو على صدَفِ الشواطىءِ حافيًا أتأملُ الدنيا
بوجهِكِ أستعيدُكِ من أغاني الأمسِ
أزرعُ في هوائي زنبقاتِ الصيفِ
كُنا يوم كنا جامحَيْنِ كما الخيولُ
تخوضُ نهرًا للضفافِ المستحيلةِ
وانتظرتُكِ ممسكًا قلمي وقلبي راسمًا
أجراسَ عودتِنا ومقهًى فارغًا في الليلِ
قلبي مترَعٌ بنبيذكِ الورديِّ منتبهٌ لمعنى الموتِ
في وردِ النوافذِ حالمٌ كفراشةٍ زرقاءَ فوق البرتقالةِ
هذه صورُ الجمالِ ورغبةُ الروحِ المليئةِ بالتحررِ
من فراغِ العيشِ من غير امتنانٍ للحقيقةِ
و"الحقيقةُ في الجمالِ"
وأنتِ صورتُهُ الأخيرةُ
أشعلي شمعَ الليالي الشاهداتِ
على الشجونِ ونشوةٍ باتت نشيجًا
في سوناتا الانتظارِ وفي الليالي المعتمةْ.
الإثنين ٢٧/٤/٢٠٢٠
من مجموعة مذاق مختلف

"الحقيقة في الجمال" عبارة مشهورة للشاعر جون كيتس (١٧٩٥- ١٨٢١) في قصيدته
Ode on a Grecian Urn

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى