عائشة المؤدب - سيّدة الأرصفة

تشرق كما يحلو لها
تمتشق سحرها منجديد
يستحيل الجسد الفادح قاطرة
يمنحها مساراها ربا نحو السراب
كخطين متوازيين
هيالٱن تعتلي عرشها
تحدق في مقلة حارقة
تصفّف نظرات العابرين على الرصيف
لتمنحهم بابا للولوج
بلامبالاة
تكنس بأهدابها قلوبا تحترق عند شرفتها، وتهوي
بلامعاناة
تستردّ نظراتها لتعبر إلى أحلام المارقين حافية
كصافرة أخيرة قبل الرحيل
تستبدل ملح الأوهام بسكّر اللّحظة
تزرع على الرّصيف ساعة جداريّة تلتبس بالوقت
تنزّ منها الدّقائق كقطرات صنبور مزكوم
على الرّصيف أيضا تستحيل الخطوات لونا فاسخا
تستحيل الخطوات هسهسة، همهمة، نهنهة، قهقهة
ثم فحيحا باردا
حتى تيبس الأصوات
أنثى الرصيف مجدّدا
مع عويل البواخر تمخر عباب ادغالها
تبعث أبهى
تطلق سراح الأمنيات
وتطفئ إشارات الغد المحتملة
كلّما داهمها الافول
توقد سراج شفتيها وتشهر فتنة تغالبها
تُفقد الأشياء صوابها
فتخنس الأمنيات اللعوب
عند مقلتيها
تمسك كلّ الأزمنة بقبضتهاـ تمحقها
تحيلها رمادا،
هي سيّدة الوقت، تضيّع كلأما راته
وتشهر الّلحظة، تستنشقها بنهم ثمّ تخلي سبيلها بلا ندم
كلّالمنافي تضمحلّ و لا يبقى غير جسدها
تأوي إليه
تسابق خطوات العاصفة فتسبقها،
تعدّل السّكّة كلّمرّة
بلا وجهة
يروّض غدا بلا وجه
تبعثر ملامح المحطّات،
تفرزالمسافرين،
تسرق أمتعتهم، تبدّل تذاكرهم،
تقضم أرواحهم،
تبعثر هوياتهم
ثم تجلس في آخر عربة تغتال المتخلّفين عنها
بنسيانها القاتل

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى