الواثق يونس - غربة..

يمُدُّ الغروبُ يداً للمسافرْ.
رافعاً غيمةً داميهْ.
غير أن المسافرَ يعشو إلى غيمةٍ دامعهْ.
وتلمع ثَمَّ غضونُ الرمال مرصَّعةً بثِمادِ السرابْ.
قُرىً تشرئبُّ بأعناقِها
بغتةً تختفي مثل جنِّ الأساطير أو نغمة هائمه.
مدىً فارهٌ /
نسوةٌ يتّشِحْنَ الغموضْ.
يستبدُّ الغروبُ بوحشته
في وجوه الأرامل والعائدينْ.
يتذكَّرُ كلُّ غريبٍ هنا جنةً سالفه.
صِوارٌ من القروياتِ يعلو مع الدربِ
يزجرن طيرا مهيضَ الصدى،
فيمرّ على الجانبَيْنْ.
لن أتشاءمَ لن أتفاءلْ.
غربةٌ أو حصارْ.
أو ليالٍ قصارْ.
يومها قال حكمتَه راحلٌ فاجأتْهُ المنافي:
غربتي رحلتي صوب ذاتي،
ليس ثمَّةَ غيري.
أنا كلما امتد ظل الغواية في رئة الليل
غنيت لحنا قديم التباريح
لا أنتَ أنتَ ولا الدارُ دارُك
فارحلْ طريقك للبدءِ موحشةٌ والفصولْ.
أساجلُ فيَّ احتشادَ المصائرِ ضدٌ وضدٌ
يزفان أنشودةً حرةً للصبيِّ القتيلْ.
ومن غيمةٍ آخرَ السِرْبِ
كانت تُدَلِّي الغزالةُ تِبْرَ غدائرها
برؤوس الجبالِ.
وكان النشيدُ يؤلِّف من آهة العابرين سماءً
لفوضايَ يلوي
بما فاض من بارقات انفعالي.
رمال تغادر صحراءها حرةً
مجاهلُ،
صهدٌ يفيض على عتمة فارغه.
وغيمٌ يغيِّرُ شكلَ انتقالاته في نقاءِ الأبَدْ.
منفىً يحرِّر منفى/
هذه غربتي ـ أن أحنَّ إلى سَفَهٍ قد تعودته
ذات صدقٍ قديمْ.
أن تمرَّ الأماكن فيَّ مسافرةً غير أني مقيمْ.
أن أقيم وبعضي في كل وادٍ يهيمْ.

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى