رِحْلَةُ الظّلِّ الْأَخيرِ....(قصيدة تفعيلة)





سارَ الْقُبْطانُ الْأَبْيَضُ نَحْوَ الشَّرْقْ
في لُجَّةِ بَحْرٍ أَزْرَقَ، قَدْ سَرَقَتْ عَيْناهُ مِدادَهْ
في بَطْنِ سَفينَتِهِ مائَتا صُنْدوقٍ تَحْتَ خَريطَهْ
وَجَماجِمُ مَوْتى في الْأَصْفادْ..
لَمْ يَحْلُمْ قَطُّ بِشَمْسِ الشَّرْقْ !
فَالشَّمْسُ تَحومُ عَلى غَرْبٍ.. لا تَغْرُبْ !
وَتَسُكُّ هُناكَ مَلايينَ الْعُمْلاتْ
أَوْ تُبْقي بَعْضَ شُعاعٍ مِنْها يَطْلي هامَةَ قُبْطانٍ أَشْقَرْ..
...
وَالشَّرْقُ ظَلامٌ أَسْوَدْ..
قَدَ أراقَ عَلى الْجِلْدِ الْخِسَّهْ
وَالْأَبْيَضُ يَكْرَهُ ظِلَّهْ
لَمّا أَلْفى في الشَّرْقِ سَوادَ نِهاياتِ الْأمْجادِ تَشاءَمْ
لَمّا خَشِيَ اللَّعْنَهْ..
اِغْتالَ الْأَبْيَضُ ضِدَّهْ؛
رَجُلاً أَسْوَدْ؛
قُرْبانَ السَّعْدْ..
وَعَلى جُثْمانِهِ صَبَّ الْخَمْرَ بِنَخْبِ الِأَقْداسِ
بَركاتِ سَماءْ !
صَلَواتِ دِماءْ ..
بِصليبٍ قُدَّ مِنَ الشَّمْسِ الْأَمْريكِيّهْ..
لكِنَّ الْأَبْيَضْ..
لَمْ يَنْسَ نِساءَ الْأَسْوَدِ ..والصِّبْيانْ
حَمَلَ الْأَهْلينَ عَلى الصُّلْبانْ
في قَعْرِ سَفينَتِهِ الْمَلْأى..
بِصناديقِ الذَّهَبِ ((الْأَسْوَدْ))..
وَجَماجِمِ مَوْتى في النِّسْيانْ
نَحْوَ الْغَرْبِ ... فَأْلِ السَّعْدِ
...لَمّا وَصَلَ الْقُبْطانُ إلى الْمَرْفَأْ
باعَ الشَّرْقَ الْمَغْلولَ..معَ الْأَصْفادِ
وَذَرا فِلْذاتِ الْأَكْبادِ
فَأَظافِرُ سودِ الشَّرْقِ مُخَصِّبَةٌ..
يَنْمو مِنْها الْبُنُّ الْأَسْوَدْ..
وَأَكُفُّ غَواني الشَّرْقِ مُخَضَّبَةٌ..
تُغْري نَزَواتِ الْأَمْرَدْ..
في اللَّيْلِ الرّومَنْسِيٍّ الْأَسْوَدْ !
...وَإِذا ما جَنَّ صباحْ...
يُذْري هذا الرَّجُلُ الْأَبْيَضْ..
تِذْكاراً ؛ باروداً أَسْوَدْ
وَقُبوراً تَخْجَلُ مِنْها الْأَرْضْ..
(...) وَأَتـى يَوْمٌ لا كَالْأَيّامْ..
ثارَ ابْنُ الْعَبْدِ الْأَسْوَدْ
في وَجْهِ السَّيِّدْ
وَتَحَدّى الْقَيْدَ.. تَمَرَّدْ
لَمّا حَلَّ الْإِمْساءْ
ما عادَ لَهُ أَثَرٌ مِنْ بَعْدْ
ما عادَ لَهُ ظِلٌّ يُمْدَدْ (1)
إِلاّ مِشْنَقَةً قَدْ أَبْقَتْ
خُصْلاتٍ مِنْ شَعَرٍ أَسْوَدْ.


ـــــــــــــــــــــــــــ
1) يُمْدَدْ:بفك الإدغام لخلق تناغم بين القوافي الدالية المتتابعة.

كتبت عصر يوم 04/06/2020
----------------------

** بنيت القصيدة على(فعِلن) المخبونة و(فعْلُنْ)المشعّثة مع اعتماد التذييل والترفيل في التقفية)

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى