علاء نعيم الغول - الواجهة السادسة: شمع

الشمعُ ماءُ الظهرِ حين تصَلَّبَتْ منهُ الجوانبُ ذابَ فيهِ الليلُ ليلًا وانطفأْ وتراختِ الأطرافُ من تحتِ الأظافرِ لحظتينِ وهكذا هدأَ الذي هدأَ ارتعاشًا ذُبْ على مهلٍ لتشهدَ منبتَ النعناعِ في ريقِ الصبيةِ واقتربْ من مغرياتِ البحرِ عن سهوٍ لتنطلقَ الذؤابةُ بعدها ورقًا وأجنحةَ الفراشةِ قبل أن يصلَ الصباحُ إلى الأفقْ ⓪︎ والشمعُ تنظيفُ الجدارِ من اعترافاتِ الظلامِ عليهِ بعدَ فحيحهِ الشَّبَحيِّ في مسماتهِ الخرساءِ فلتوقَدْ شموعٌ في زوايا الفكرةِ الأولى عن الليلِ المعلقِ في مواءِ القطِّ في جرسٍِ على بابِ البنايةِ نستطيعُ الآن تبديلَ العلاقةِ بيننا أنا أُدخِلُ القمرَ البعيدَ وأنتِ تنعتقينَ في نومٍ عميقْ①︎نهداكِ من شمعٍ ونيَّاتي هواءٌ دافىءٌ والصمتُ يستدعي انتظارًا عابثًا وللحظةٍ أنسى وعودًا بيننا هل تقبلين الآنَ فتحَ النافذاتِ نسيمُ ذاكَ البحرِ ينبشُ في مخيلتي يبعثرُها كقشرِ اللوزِ يسحبني إليكِ وعندها يتثاءبُ الشمعُ انتهاءً من ترددهِ ويبدأُ في الذي بدأتْ به تلك الشفاهُ المورقةْ②︎ والشمعُ ماؤكِ مرةً أخرى رفاتُ العشقِ تبديلُ النهايةِ بالنهايةِ واستباقُ الظنِّ قبلَ البتِّ في فتحِ الستائرِ ثم ترميمُ الفراغِ بما يسيلُ على شقوقِ الروحِ فانتبهي معي للوقتِ كيف يذوبُ ينزلُ من على كتفِ الدخانِ ولا نرى غير اتساعٍ في المدى وتأملاتٍ خاسرةْ③︎
عودُ الثقابِ علاقةٌ بين النفادِ ورغبةِ اللهبِ الأنيقةِ بين ماضٍ ذاهبٍ وترنحاتٍ لا تعي معنى التلاشي إنها صورٌ تلاحقُ بعضَها بعضًا وتغرسُ في ملامحنا التعلقَ بالذي يبقى قليلًا إنه عودُ الثقابِ الشاعلُ المعروفُ بالعبثِ الشقيِّ وإنهُ الشمعُ الذي تركَ الأَسِرَّةَ دافئةْ④︎تتجردينَ كطائرٍ نزعَ الهواءَ عن الخوافي واكتفى بتقلباتِ الغيمِ تنغمسينَ في مِسْكِي وتنتصرينَ أكثرَ للغوايةِ في قوامكِ تستطيعينَ التماشي مع جنونِ البيلسانةِ وانزواءِ البحرِ بين مرافىءِ الخشبِ القديمةِ تشعلينَ أصابعَ الشمعِ اتقاءً للخرافةِ وهي تنمو بين أنسجةِ القميصِ قُبَيْلَ نومِكِ هكذا أو هكذا سنعودُ أجملَ أو أشدَّ تمسكًا بالحبْ⑤︎ تتوسدينَ الليلَ بي وعليَّ أنْ أعفي السماءَ من التظاهرِ بالتثاؤبِ فالنجومُ الطالعاتُ روايةٌ محكيةٌ منذُ انقراضِ الأرضِ أولَ مرةٍ وعليكِ تدوينُ اقتباساتِ الأناملِ من تفاصيلِ التعافي بيننا من قُبْلةٍ فتحتْ مصيرَ الأمسِ والتصقي بصوتِ العطرِ ما بين المسافةِ بيننا⑥︎قلبٌ من الكتَّانِ توقيتٌ يحركُ شارعًا وأنا أفتشُ عنكِ في الصورِ التي لم تنتبهْ للضوءِ والتاريخِ علَّ البحرَ يدهشني بشيءٍ ما وألوانُ الشموعِ مجازفاتٌ بيننا فالليلُ يعرفُ ما علينا فعلهُ ويداي هادئتانِ أكتبُ باختصاٍرعن بداياتِ الشرانقِ وانزلاقِ المفرداتِ عن اللسانِ وقد تذوقَ طعمَها عندَ العناقِ وهكذا سأظلُّ منفردًا بدفئكِ جانبي⑦︎ أجسادُنا ليستْ سوى كُتَلٍ من الشمعِ المصفَّدِ بالذي لم نقترفهُ تذوبُ حينَ تهبُّ أولُ شعلةٍ في الرأسِ من أفكارنا وعواءِ أولِ رغبةٍ لم تنطفىءْ والوقتُ يعطيها الهواءَ لتأكلَ اللحظاتِ تحفرَها بآلامِ احتراقٍ غير آسفةٍ على ما قد تساقطَ من علائقِنا وأجملِ ما تبادلناهُ يومًا ⑧︎ إنما هذي نهاياتُ المسافةِ قارَبٌ وبحيرةٌ مكشوفةٌ للصمتِ أولُ طائرٍ عرفَ المكانَ فحطَّ عندَ شجيرةٍ حمراءَ هادئةٍ وليس هناكَ ما يكفي لما يكفي فلا الساعاتُ واضحةٌ ولا التأويلُ يسعفني هناكَ أنا البعيدُ وصاحبُ الدنيا التي هربت معي في لوحةٍ زيتيةٍ ومعي بقايا ما تبقى للكثيرِ من الكلامِ عن الفراغِ وشهوةٍ ممتدةٍ للنومِ ⑨︎آخرُ ما أراهُ الآنَ خيطُ الشمعِ وهو يموتُ بين الليلِ والرؤيا وتحملني الطيورُ إلى أعالي الصخرِ أبعدَ من ظنونِ الماءِأقربَ من رذاذِ الملحِ تتركني هناكَ أرممُ الشجرَ الذي فقدَ السماءَ وقالَ لي بيتٌ ببيتٍ هاكَ عرزالُ البياضِ ومنفذُ الأحلامِ نحوَ الغَيْبِ هذا الصيفُ أوسعُ من هنا بل لا مكان هنا سوى هذا العروجِ إلى فراغِ الروحِ بهوِ المعجزاتِ ونكهةِ الغفرانِ والوقتِ الذي لا ينتهي أبدًا ⑩︎ متى كانت قدورُ التِّبْرِ تُملأُ هكذا بالشمعِ نشعلها أمامَ بيوتِنا حتى إذا فُقنا صباحًا لا نرى إلا الذي نخشاهُ يا عودَ الثقابِ لديكَ أسئلةٌ وتأبى أَنْ تُجيبَ وللشموعِ حقيقةٌ ليستْ كما ظنَّ القدامى الغابرونَ بأنها للحبِّ بلْ لغوايةٍ أنثى تُضاءُ على فتيلٍ لاهبٍ وتُحيلُ هذا الليلَ أجسادًا تصبَّبُ مرةً عرقًا ومراتٍ نبيذًا لاذعًا هذا اعتذاري أنني ما مرةً فرقتُ بينَ الوردِ والوردِ الذي في الحوضِ والدنيا حبيبتي البعيدةَ لي رموزٌ أينما وليتُ وجهي أبصرُ الأشياءَ مائعةً وأعرفُ أنَّ أسماءَ الشوارعِ لا تغيرُ ساكنيها والذي في القلبِ دومًا مختلفْ⑪︎ هذي أخيرًا شمعةٌ لا بأسَ في أنْ نجعلَ الأحلامَ أقصرَ أو أشدَّ تسارعًا حتى نرتبَ ما علينا نصفُ ما نحتاجهُ وقتٌ ونصفٌ فرصةٌ أخرى ونصفُ الحبِّ تسويةٌ لما بعدَ التهامسِ والذي بيني وبينكِ تعتريهِ الآنَ أمنيةٌ تناسبُنا لبعضِ الصيفِ ثمَّ الليلُ موعدُنا المؤكدُ فيهِ نقرأُ ما علينا منهُ نقتبسُ الذي قد قيلَ والقلبُ المُذابُ حكايتي قبلَ السَّهرْ⑫︎ وتأملاتُكِ في الفراغِ هي الفراغُ وقطرةُ الشمعِ التي جفتْ على الورقِ المُسَطَّرِ لاتفسرُ كيفَ كانَ الليلُ يمزجُ بينَ ما قلنا وما أخذَ الحمامُ لِمَنْ نُحِبُّ من الرسائلِ ليسَ في الشمعِ الكثيرُ من التفاؤلِ لا أحبُّ الشمعَ في الغرفِ الأنيقةِ دائمًا هو جُمْلَةٌ منسيةٌ ما بين ذاكرةٍ وأخرى هاربًا من غرفةٍ ليست ببابٍ واحدٍ متحيزًا للخوفِ أكثرَ بينما قلبي إليكِ مسافرٌ عبرَ اتهامكِ لي بأني ربما أنساكِ يومًا ما وقولي بعدها ما شئتِ كي أعطيكِ من قلبي الذي لا يُنتَسى⑬︎ما كان من حبٍّ تبادلناهُ أو صِدْقًا تحايلنا عليهِ لِنَأمَنَ التفكيرَ فيما بعدَ ذلكَ والقرارُ الآنَ أفكارٌ نُعيدُ لها بداياتٍ مكررةً نهاياتٍ عليها ألفُ تعديلٍ ويبقى الحبُّ صورتَنا الأخيرةَ غربةً متهومةً بالإنحيازِ لما تركنا خلفنا ونظلُّ مُتَّهَمَيْنِ أيضًا بالوقوفِ أمامَ قلبٍ هكذا مُتَفَرِّجَيْنِ على التفاصيلِ القديمةِ والنهايةِ وهي تبدأُ والبدايةِ وهي تُحْتَضَرُ اشتياقًا كلُّ هذا صارَ في صحنٍ صغيرٍ في حوارٍ بينَ شمعٍ ما أُذيبَ وشعلةٍ تَفْنَى على مهلٍ وهذا ما جرى⑭︎بين الحياةِ وما علينا الآن تسويةٌ وتعديلُ اتفاقٍ كي نعودَ لكلِّ ما عشنا لهُ سمعًا وطاعًا أيها الوقتُ الذي لا ينتمي للآخرينَ ولا يحسُّ بما يدورُ ونحنُ نبقى مثلما نبقى ونهربُ حيثُ يضعُ البحرُ نصفَ الموجِ عندَ بدايةِ الإسفلتِ ثمُّ يعيدهُ للرملِ يا هذي الشموعُ تآكلي ما شئتِ واحترقي بعيدًا في الهواءِ أو اكتفي بالإنتظارِ وسافري في النفسِ أيامًا بلا نومٍ وأغنيةً بلا صوتٍ وعندَ الليلِ لا نبقى ولا يبقى الفراغُ وإننا ما ليسَ ينفعُ أنْ نقولَ وأنْ نفسرَ كيفَ كنا قبلَ لحظاتٍ وما سنكونُ بعدَ قليلْ⑮︎
الجمعة ٥/٦/٢٠٢٠
واجهات

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى