أخذت عصفورا منكسر الجناحين بين يدي و كان يرتجف ،يتخبط بين أصابعي ، يرنو إلى التحليق ، كأني به يحن إلى غربته القديمة دون أن يفلح ، بدت لي أن السماء والرياح والنور قد فارقته بعد أن كانت هويته وقبلته.
شعرت أثناء اهتزازاته أن رغبته في التحليق تحولت إلى حلم يحوم حوله، فقد كان يحاول استرجاع تلك القدرة دون جدوى ، كنت أتساؤل : من سيأويه من قسوة الشتاء وحر الصيف إن هو بقي على تلك الحال ، من سيحمله إلى تلك الشجرة، كي تحيطه بكل فروعها وأوراقها ، من ، في غياب التحليق، من سيرحل به إلى حيث يريد ؟
وضعته هناك في ذلك الصندوق الصغير، فإذا به يرفع جناحيه محاولا التحليق مرات أخرى ،مستنكرا المكان ، وبدأت أدرك أن حنينه إلى الهجرة لا شفاء منه باعتبارها موطنه الوحيد .
كذلك التقينا، أنا الملتاعة بحنين الرجوع إلى بيتي القديم بذكرياته التي جمعتني بأهلي وأحبتي ،وهو المجروح الذي لا يحلم إلا بالهجرة متجاوزا كل الروابط والأمكنة، غير متعلق بأي شيء عدا حريته .
لقد كان مسكونا بشوقه الفضائي وتوقه إلى الهجرة دون الاستقرار بمكان، وكان يغمرني حنيني الأرضي فلم تعد لدي سوى الرغبة في العودة لوكري الأصلي.
كنت أحيطه برعايتي ولطفي عسى أن يستكين ويهدأ، وكان لا يبتغي سوى استعادة التحليق بعيدا عن مكان لقائنا.
كنت أود أن أتبنى ولو لحظة حلمه وكان يبحث له عن مخرج حتى لا يستسلم للفناء .
كذلك، كان لقاؤنا غريبا ،في نقطة ما لا أصل لها، لا في المكان ولا في الزمان ، بل في جرح ما ،لا اسم له ولا عنوان ،كان يريد أن يفر وكنت أود أن أبقى .
لا أدري إن كان سيرضى بتبادل الأدوار بيننا، فلو عرض علي أن أحمل جرحه لأتخلص من جرحي لقبلت ،أنا التي لم تعرف متعة التحليق ولا الهجرة أبدا، مع ذلك كنت أتألم لألمه.
وذات صباح أدركت أن عصفوري المجروح قد غادر بيتي، بعد أن تمكن من القفز من النافذة ، لم أعثر له على أثر، لكنني بقيت ليالي طوال أعيد ما حدث بيننا وأنا أردد على نفسي هذه الجمل : "ما رأيته ولمسته كانت روحي التي سعيت إلى حمايتها من قسوة الدنيا، لقد تجسدت لي في هيئة عصفور منكسر الجناح عاجزا عن التحليق ، ما رأيته هي روحي التي لم يسعها أي مكان ولم تكن ترغب سوى في الهجرة والتحرر من كل ما يربطها بالأرض ،لا ترنو إلا إلى عالم السماء وأسراره ."
ترى ،ما الذي منعها من تحقيق رغبتها ؟
كاهنة عباس .
شعرت أثناء اهتزازاته أن رغبته في التحليق تحولت إلى حلم يحوم حوله، فقد كان يحاول استرجاع تلك القدرة دون جدوى ، كنت أتساؤل : من سيأويه من قسوة الشتاء وحر الصيف إن هو بقي على تلك الحال ، من سيحمله إلى تلك الشجرة، كي تحيطه بكل فروعها وأوراقها ، من ، في غياب التحليق، من سيرحل به إلى حيث يريد ؟
وضعته هناك في ذلك الصندوق الصغير، فإذا به يرفع جناحيه محاولا التحليق مرات أخرى ،مستنكرا المكان ، وبدأت أدرك أن حنينه إلى الهجرة لا شفاء منه باعتبارها موطنه الوحيد .
كذلك التقينا، أنا الملتاعة بحنين الرجوع إلى بيتي القديم بذكرياته التي جمعتني بأهلي وأحبتي ،وهو المجروح الذي لا يحلم إلا بالهجرة متجاوزا كل الروابط والأمكنة، غير متعلق بأي شيء عدا حريته .
لقد كان مسكونا بشوقه الفضائي وتوقه إلى الهجرة دون الاستقرار بمكان، وكان يغمرني حنيني الأرضي فلم تعد لدي سوى الرغبة في العودة لوكري الأصلي.
كنت أحيطه برعايتي ولطفي عسى أن يستكين ويهدأ، وكان لا يبتغي سوى استعادة التحليق بعيدا عن مكان لقائنا.
كنت أود أن أتبنى ولو لحظة حلمه وكان يبحث له عن مخرج حتى لا يستسلم للفناء .
كذلك، كان لقاؤنا غريبا ،في نقطة ما لا أصل لها، لا في المكان ولا في الزمان ، بل في جرح ما ،لا اسم له ولا عنوان ،كان يريد أن يفر وكنت أود أن أبقى .
لا أدري إن كان سيرضى بتبادل الأدوار بيننا، فلو عرض علي أن أحمل جرحه لأتخلص من جرحي لقبلت ،أنا التي لم تعرف متعة التحليق ولا الهجرة أبدا، مع ذلك كنت أتألم لألمه.
وذات صباح أدركت أن عصفوري المجروح قد غادر بيتي، بعد أن تمكن من القفز من النافذة ، لم أعثر له على أثر، لكنني بقيت ليالي طوال أعيد ما حدث بيننا وأنا أردد على نفسي هذه الجمل : "ما رأيته ولمسته كانت روحي التي سعيت إلى حمايتها من قسوة الدنيا، لقد تجسدت لي في هيئة عصفور منكسر الجناح عاجزا عن التحليق ، ما رأيته هي روحي التي لم يسعها أي مكان ولم تكن ترغب سوى في الهجرة والتحرر من كل ما يربطها بالأرض ،لا ترنو إلا إلى عالم السماء وأسراره ."
ترى ،ما الذي منعها من تحقيق رغبتها ؟
- -بيتي القديم ، أهلي ، أحبتي ، ذكرياتي .
كاهنة عباس .