سيليا عيساوي - في جنازتي..

في جنازتي
لا تمنعوا العصافير عن التكاثر
ولا تغلقوا الستائر
اتركوا كل شيء مفتوحا على مصراعيه
أحضان الأمهات نحو أطفالهن
وأفخاذ النساء نحو وجوه أزواجهن
وأيادي "الشحاذين" نحو إيروس
ولا تفكروا مطلقا في
أن تفتحوا جرحا
أو تفقأوا عينا
أو تخيطوا فما
اتركوا الأطفال يضحكون
وباعة الخضار على الرصيف يصرخون
والنساء يثرثرن
وقولوا لأمي ألا تغضب
إن لمحت جارتنا
ملطخة رأسها بالحناء
واتركوها تنتحب كثيرا كثيرا
أرجوكم
لا تخرسوها بآية قرآنية
في جنازتي
لا تبحثوا عن سبب وفاتي
ولا عن تاريخ ميلادي
لا تبحثوا عن كم رجل قبلت
ولا عن كم يوم في الشهر كنت أحيض
ولا تنبشوا في دفتر يومياتي
لا تبحثوا بين التواريخ
عن عدد المرات التي فيها استمنيت
ولا عن عدد المرات التي نمت فيها
والحفرة تتسع في قلبي
ولا تقذفوني بأحكام من سجيل
لا تمضغوا جثتي بأسنانكم
لا تقولوا
كانت تصلي بطلاء أظافر
أو كانت تدعو الله
وعلى شفتيها بقايا موسيقى
لا تقولوا كانت تحب الشعر
فماتت غاوية
وطمئنوا أبي
طمئنوه
أني مت كاملة
ومتراصة
دون شرخ على مستوى البكارة
وقولوا له أن يبكي
اتركوه يبكي
فموتي قد تكون فرصة له
لن تتكرر أبدا
لكي ينهار
في جنازتي
لا تحسدوني لموتي
لا تقولوا محظوظة هي لأنها لم تمت شريدة
كأي كلب شوارع
في ديار الغربة
محظوظة لأنها لم تخسر ذراعيها
في الحرب
أو ساقيها في حادث سير
ولم تجرب الكيماوي مرة
لم يزرق جلدها
لم تسقط رموشها
ولم يبتر ثديها
ماتت بأعضائها كاملة وطازجة
ماتت
بشعرها الأسود
ووجهها الصغير
وساقيها النحيلة
وصدرها المشدود
ماتت بأعضائها كاملة وطازجة
فلما قد يحزن شخص
على وفاة شخص
لم يترك سببا واحدا ظاهريا على الأقل
حتى تقول الناس
وهي تشرب الشاي
يوم جنازته
"مات المسكين " !

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى