نزار حسين راشد - أنتِ جميلة

أنت جميلة،لقد قلت لها ذلك من قبل،ولكني وجدت من الإبتذال أن أكرّرها كلّما عنّ لي ذلك،أو وقعت عيناي على وجهها المشرق،فأنمتُ رغبتي اللحوحة في أعماقي،ونمت عليها طويلاً،لعلّها تتهيّأ فرصةٌ ما!

وأخيراً حلّ البلاء العميم ،الكورونا،لن تصدّقوا،انفتحت لي نافذة للفرج،وما إن وقعت عيناي عليها،حتى بحت بالمكتوم الذي طال عليه الدهر،:جميل هذا النقاب ،أخفى الجميل وأبقى الأجمل،العينين،أعرفهما جيّداً ،هاتين العينين الناطقتين،وكأنّما خلقهما الله لتنوبا عن اللسان،وتفيضا بما يجيش في الصّدر من أفراحٍ وأحزان،أمّا حين تسكُنان،فهما مدوّنتان،لكلّ أسئلة وإجابات الأكوان،مُشجّرتان بالخضرة وهائمتان بالأحلامٌ!

تحت ظلّهما أريح قلقي،وأسلم أشرعتي،لرقرقة هذا البحر الرّيان،أنسحب من زحام العالم،وأذرع مدارج هذا البستان،بعينين مغمضتين على سحر هذا الفردوس،وبلا خُطىً أو أقدام،أنا المطرود من عطف العالم،المنبوذ خارج المكان،الضارب في تيه الأزمان،باحثاً عن حياة قديمة،أودى بها تيار النسيان!

استعدتُها آن لقاءك،كماسّةٍ مفقودة، ترفُّ وتشفُّ في بريقها،ولم تخفت في قلبها الألوان، ولم تزل تضيء بالرّغبة والتحنان!

كأننا نعود من رحلة ضوئية طويلة،تاهت بها الأزمان،كأننا كنا من قبل أن نكون الآن،من قبل أن نولد،وقبل أن تُعلن اللحظةعن وجودنا،وقبل أن يئنِ الأوان!

فلنضُمّ حُبّنا إلى صدورنا إذن،كأنه طفل نحبوه بالأمان!

فلنجثُ راكعين أو نقع ساجدين لإلهنا العظيم الذي هيّأ للقاءنا الأسباب وطوّع القدر،وهزّ في قلوبنا الحنين وشدّ للهوى وداعة الوتر،حتى نكاد أن نخفّ للعناق أو نسفح الأشواق بلاتكلُّفٍ ولا حذر!

هل أشكر الوباء،الّذي جرّأني أن أحلّ عن أسرارك الوجاء،أم أشكر الله على النعماء،أم أكتفي بمتعة النظر،لما يفيض من عينيك في سخاء،على مشارف الوجنات،منحدرأً إلى وجه القمر.

نزار حسين راشد

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى