د. وفاء الحكيم - تَـقَــــــاطُع.. قصة قصيرة

خرجتُ من المقهى لاهثاً ،عدوتُ الطريقَ مسرعاً . عندَ التقاطعِ وقفتُ ألتقطُ الأنفاسَ، مشيتُ صَوْبَ محطَّةِ" الميكروباص" وقبل أنْ أصعدَ تحسَّستُ جيوبي فوجدتُها فارغةً- فأدركتُ أنَّ أحدَهُمْ قد سرقني !! استطاعَ- بمنتهي الذكاءِ- أنْ يُغافلَني ويسرقَ منِّي حافظةَ النقودِ ،البطاقةَ الشخصيةَ وكارنيه العضوية . كلُّ ذلكَ نظيرَ أنَّني وَلَجْتُ المقهى لأشربَ "كوب شاي" و"حجرين دخان". رجعتُ إلى المقهى للبحث عمَّا ضاعَ منِّي، رحتُ أسألُ الجميعَ فأجابتني "الثعابينُ" و"الذئابُ" و"الذباباتُ البليدةُ"الملتصقة بالزجاج بأنَّهم لم يَرَوْا شيئاً ساقطاً على الأرضِ، ولم يسبقْ أنِ امتَدَتْ أيديهِمْ لشيءٍ غابَ عنه صاحبُهُ . أصررْتُ على البحثِ عمَّا فقدتُه ، بينما كانوا يصرُّونَ على ادعائِهِمُ البراءةَ و تجاهُلِهِمْ لِمَا أبحثُ عنْهُ. عندما ازدادتْ الصَّيْحَاتُ وعلَتْ كلماتُ السِّباب استطعتُ بصعوبةٍ أنْ انفلتَ من قبضتِهِمْ ،فرحتُ أعدو مسرعاً ومِن ورائي كانتْ الثعابينُ والذئابُ والذباباتُ البليدةُ تصرخُ بصوتِها العالي : أَمْسِكُوه- لص حقير - إيّاكم أن تدعوه يفلت ..؟؟! رحت أتحسس البطاقاتِ كلِّها فلمْ أجدْ فيها بطاقتي وحافظاتِ النقودِ كلِّها لم أجدْ فيها نقودي .انتابني الحزنُ فألقيتُها بأكملِها في عُرْضِ الطريقِ ولمْ أَحْفِلْ كثيراً" لكارنيهات العضوية" التي راحت تسقطُ – هي الأُخرى- مع كلِّ خُطْوَةٍ أَخطوها. تعبتُ كثيراً حين أدركتُ أنه لا فائدةَ من الوصول إلى هُويَّتي، ونقودي فأسلمتُ نفسي" للريحِ والترابِ والتَّعَبِ" بينما صوتُهُمْ من ورائي يَخْفُتُ تدريجياً و يبعدُ كثيراً، حتَّى تلاشى عن مداركِ السَّمْـعِ .


بقلم
د/وفاء هاشم مصطفى محمود الحكيم

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى