عامر الطيب - نسيتُ حياتي عندك البارحة

نسيتُ حياتي عندك البارحة
لكني طوال الليل لم أنم
فثمة تفاصيل سرية في حياة أي أحد
من قبيل أنك تنامين في غرفة معتمة
و حياتي تستمتع بالأضواء.
أنت تقرأين قصصاً
قبل النوم
و حياتي تتفرج على مباريات قديمة.
أنت تبكين عندما تدخنين
و حياتي لا تدخن .
أنها ورطة
لا أستطيع أن أطمئن على شيء
في ساعة متأخرة
و ليس من السهل أن أنام
دون أن أستوحش بيتي
أن حياتي ستصوّت في مثل هذا الوقت
و أخشى أن تكوني لاهية
فتضعي
لها خرز المسبحة
بدلاً من القمح!

مع مرور الوقت ستتعلم البكاء
في الرابعة من عمرك
تصرخ بعفوية
لأن حذاءك ضيق.
في الرابعة عشر
تبكي بحرية أقل
لأنك حاف.
في الثلاثين
تبكي خفية
لأن قدميك توجعانك هذه المرة.
في الستين تبكي بلا مبالاة
لأنك بالكاد
تشعر بألم قدميك.
في السبعين
تبكي كما لو أنك تضحك
لأن عينيك بدتا توجعانك أيضاً .
في الثمانين
أو في المئة
تتذكر خذاءك الضيق
فتبكي بطريقة مثالية
كأن تغمض عينيك فقط !

تعلمتُ حبك في الحقل
و تعلمه غيري في المدرسة
و قد بدا الفرق الآن واضحاً
بين من يكتب شجرة
بطريقة صحيحة
و بين من يضع لها الماء!

لديّ طموح سري للغاية
بأن أحبك بعد أن يسافر العراقيون جميعاً
إلى الهند.
"ثمة خلاص من الموت"
يعتقدون ذلك و تفرغ المدن سريعاً
لكنهم وقد يرجعون خائبين
يكتشفون كم يكون المرء حكيماً
عندما يخنق حياته
في غرفته الصغيرة
ثم يفتح الشبابيك كلها
ليتأكد من الموت!

لا تصدروا بياناً شعرياً
لا تقرأوه بصوت عال
دعونا نستمتع بمشهد امرأة
و لن أقول تغير ملابسها
ذلك يجعلكم تتلصصون
من فتحة غرفتها
و قد تكون غرفتها هذا النص
فلن أجد عندئذ وقتاً كافياً
لأفتح لكم الباب!

آكل الكلمات التي تكتبينها
لكنك تأخرت كثيراً بكتابة كلمات
تخصني
و ليس من حقي أن أحبك الآن
كونك لم تكبّري الكلمة
اللذيذة لأشبع
ولم تحذفي منها حرفاً زائداً
لأنام !

سأركض بعد أن تكوني مستقرة
في الباص.
أقوم و أقع
لكنك ستعتقدين أن صورتي تتحرك
بسبب المطبات
و لن تعرفي الحقيقة
إلا بعد أن يتوقف الباص فجأة
أو تجف دموعك
و قد انشغلتِ بتخليص ركبي العظيمة
من الدم!

عامر الطيب

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى