إستدرجتني تلك الصغيرة إلى الحديث عن الحب. الحديث بلا فلسفة، أو الحديث بلا هدف سوى الحب؛ (الحب من أجل الحب). والحق أقول، أنني فقدت تلك الحماسة لطرق ذلك المنعرج الوعر منذ سنوات، أو ربما عقود، لنقص حاد في قدرتي على الوفاء بمتطلبات المسير المُثقل بالعجز. وكرد فعل مضاد، بدأت في عقلنة الحب، والعقلنة هي بداية إماتة كل المكونات المعنوية داخلنا كبشر. نحن نقتل الحب عندما نعقلنه، ونقتل الإيمان والمبادئ والقيم الأخلاقية..إن العقلنة (وأقصد بها التأصيل المنطقي لأنشطتنا، تماما كما يفعل الطبيب النفسي لاكتشاف أسباب نوبات الهلع والاكتآب والوسواس القهري..الخ) نزعة نحو الإغتيال الروحي.
هكذا جاريت استدراجها لي، وأنا لا أتوقع الكثير...ولا أعرف ماذا كانت تتوقع هي، ربما لم تكن تتوقع شيئاً، فالمرأة مثل إشارة المرور، تضيء فقط لتفهم أنت وتتحرك..تضيء بإحمرار وجهها، أو بضحكتها، أو بتحركها أمامك، المهم أنها تفعل شيئاً ما لتطلب منك التقاطه، تتعامل معك كشخص ذكي وغبي في نفس الوقت. ذكي لتفهم أن نظراتها الشاردة، ليست شاردة، وغبي لأنك يجب أن تستجب لأشاراتها كما أرادت هي. فهي تلغي إرادتك تماماً وحريتك في تبني وجهة نظر مخالفة.
....
لا أعرف تماماً، هل استمتعت بالوقت معها أم لا؟ إنني حذر دائماً من تضخيم الحقائق بسبب سُكر العاطفة وتراقصها في الدماغ. لكن على أية حال، عدت أدراجي في حياد نسبي، فلكل قوة قوة معاكسة لها في الإتجاه، ومساوية لها في القوة، بحيث يخلق ذلك، الإتزان الذي يسمونه رشداً..واسميه تعادل الإنكسارات مع العفوية.
نحن نكبر بالإنكسارات فقط
...
بقيت لثلاثة أيام انتظر حسم موقفي، هل أتصل بها هاتفياً أم لا. إن التردد ليس سوى خوف من إستعادة الماضي. والحق أن لكل فرد تاريخ، وليس ماضٍ، أي؛ حدث من زمنه، لا حدث في زمنه. وتلك الأحداث وأهمها العاطفية، لا تختلف في أهميتها عن تاريخ الإمبراطوريات، بل ربما أكثر أهمية من هذه الأخيرة. إن تاريخ الفرد هو ما يخلق الحضارات..
بأصابع مترددة ضغطت على لوحة المفاتيح..قد تبدو تلك اللحظة بالنسبة للبعض فتحاً عسكرياً. ولكن الهزائم المتتالية، تجعلها لحظة بلا توقعات إيجابية، ربما توقعات كارثية. فوبيا الاستعداد للحب.
...
المدينة في الخريف تتحول لقرية، أشعر بذلك دائما عندما تهطل الأمطار، فتكون لغة الطبيعة غالبة على لغة الحداثة. ويكون السير في الطرق المعبدة، تحرراً مطلقاً من عزم الدسيسة الوجودية...
ترس من كبرياء البشري ينكسر..
....
"أرغب في أن يحترمني الناس، هذا جل ما أريده في هذه الحياة".
هو كاتب مبتدئ، خريج فلسفة، وكلما قرأ لي بعض قصائده، انتابني صمت قسري. أذ لا استطيع خيانة الحقيقة أو خيانة براءته.
أخذت رشفة من فنجان القهوة، ونحن الإثنان جالسان في مقهى صغير يطل على شارع ضيق. تنمو في وسطه اشجار سوداء الجزوع والأغصان. تنمو بشذوذ ومع ذلك فهناك من يشذبها باستمرار، ينظف سيقانها ويجلي أغصانها. هناك روح جمالية في هذا البلد.
"أريد أن يحترمني الناس فقط"..
أجبته:
- كن قوياً يحترمك الآخرون..أو عش بلا ظل فسيحترمونك أيضاً..
كدت ان أضيف:
- أترك كتابة الشعر..وتحول لجندي يخوض حروبه الخاصة..
لكنني لم أقل ذلك، فلست مؤهلاً كفاية لأنصح الآخرين بما عجزت عن فعله، وأيضاً حتى لا يشعر بأنه اختار طريقا خاطئاً..دعه يتعلم بالسير وحده..هكذا تعلمنا جميعنا..هكذا كانت الصغيرات الجميلات يستدرجننا إلى الطرق الوعرة..لنحلم طويلاً طويلاً...ثم نتألم طويلاً طويلاً..
بعدها نعرف متى يجب علينا أن نغلق الأغنية الرائعة ونتوقف عن سماعها...
...
كانت قريبة مني جداً، وجهها أمام صدري، ثم رفعت بؤبؤيها ونظرت لي بحدقتين واسعتين...أدركت حينها أنني بدأت أسقط..
...
ارتديت قبعتي وملابسي الرياضية، وبدأت الهرولة الدائرية لتخطي حاجز الشعور بالقابلية للمرض والموت..هرولت بعقل شارد...وأثناء هرولتي أخرجت هاتفي من جيبي وبدأت في البحث عن رقمها..ثم محوته...واستعدت رؤيتي الصافية للطريق أمام حذائي النايكي الأصلي الجديد..
(تمت).
هكذا جاريت استدراجها لي، وأنا لا أتوقع الكثير...ولا أعرف ماذا كانت تتوقع هي، ربما لم تكن تتوقع شيئاً، فالمرأة مثل إشارة المرور، تضيء فقط لتفهم أنت وتتحرك..تضيء بإحمرار وجهها، أو بضحكتها، أو بتحركها أمامك، المهم أنها تفعل شيئاً ما لتطلب منك التقاطه، تتعامل معك كشخص ذكي وغبي في نفس الوقت. ذكي لتفهم أن نظراتها الشاردة، ليست شاردة، وغبي لأنك يجب أن تستجب لأشاراتها كما أرادت هي. فهي تلغي إرادتك تماماً وحريتك في تبني وجهة نظر مخالفة.
....
لا أعرف تماماً، هل استمتعت بالوقت معها أم لا؟ إنني حذر دائماً من تضخيم الحقائق بسبب سُكر العاطفة وتراقصها في الدماغ. لكن على أية حال، عدت أدراجي في حياد نسبي، فلكل قوة قوة معاكسة لها في الإتجاه، ومساوية لها في القوة، بحيث يخلق ذلك، الإتزان الذي يسمونه رشداً..واسميه تعادل الإنكسارات مع العفوية.
نحن نكبر بالإنكسارات فقط
...
بقيت لثلاثة أيام انتظر حسم موقفي، هل أتصل بها هاتفياً أم لا. إن التردد ليس سوى خوف من إستعادة الماضي. والحق أن لكل فرد تاريخ، وليس ماضٍ، أي؛ حدث من زمنه، لا حدث في زمنه. وتلك الأحداث وأهمها العاطفية، لا تختلف في أهميتها عن تاريخ الإمبراطوريات، بل ربما أكثر أهمية من هذه الأخيرة. إن تاريخ الفرد هو ما يخلق الحضارات..
بأصابع مترددة ضغطت على لوحة المفاتيح..قد تبدو تلك اللحظة بالنسبة للبعض فتحاً عسكرياً. ولكن الهزائم المتتالية، تجعلها لحظة بلا توقعات إيجابية، ربما توقعات كارثية. فوبيا الاستعداد للحب.
...
المدينة في الخريف تتحول لقرية، أشعر بذلك دائما عندما تهطل الأمطار، فتكون لغة الطبيعة غالبة على لغة الحداثة. ويكون السير في الطرق المعبدة، تحرراً مطلقاً من عزم الدسيسة الوجودية...
ترس من كبرياء البشري ينكسر..
....
"أرغب في أن يحترمني الناس، هذا جل ما أريده في هذه الحياة".
هو كاتب مبتدئ، خريج فلسفة، وكلما قرأ لي بعض قصائده، انتابني صمت قسري. أذ لا استطيع خيانة الحقيقة أو خيانة براءته.
أخذت رشفة من فنجان القهوة، ونحن الإثنان جالسان في مقهى صغير يطل على شارع ضيق. تنمو في وسطه اشجار سوداء الجزوع والأغصان. تنمو بشذوذ ومع ذلك فهناك من يشذبها باستمرار، ينظف سيقانها ويجلي أغصانها. هناك روح جمالية في هذا البلد.
"أريد أن يحترمني الناس فقط"..
أجبته:
- كن قوياً يحترمك الآخرون..أو عش بلا ظل فسيحترمونك أيضاً..
كدت ان أضيف:
- أترك كتابة الشعر..وتحول لجندي يخوض حروبه الخاصة..
لكنني لم أقل ذلك، فلست مؤهلاً كفاية لأنصح الآخرين بما عجزت عن فعله، وأيضاً حتى لا يشعر بأنه اختار طريقا خاطئاً..دعه يتعلم بالسير وحده..هكذا تعلمنا جميعنا..هكذا كانت الصغيرات الجميلات يستدرجننا إلى الطرق الوعرة..لنحلم طويلاً طويلاً...ثم نتألم طويلاً طويلاً..
بعدها نعرف متى يجب علينا أن نغلق الأغنية الرائعة ونتوقف عن سماعها...
...
كانت قريبة مني جداً، وجهها أمام صدري، ثم رفعت بؤبؤيها ونظرت لي بحدقتين واسعتين...أدركت حينها أنني بدأت أسقط..
...
ارتديت قبعتي وملابسي الرياضية، وبدأت الهرولة الدائرية لتخطي حاجز الشعور بالقابلية للمرض والموت..هرولت بعقل شارد...وأثناء هرولتي أخرجت هاتفي من جيبي وبدأت في البحث عن رقمها..ثم محوته...واستعدت رؤيتي الصافية للطريق أمام حذائي النايكي الأصلي الجديد..
(تمت).