أنمار كامل حسين - أفواه الخطيئة..

لو كُنتُ كلباً محلياً
لملأت الشوارعَ المنقوعة بالأسى نباحاً
وأحصيتُ ذُبابَ مدينتي الموبوءةَ بالأرق
وهو يَلِجُ أفواه الخطيئةِ جوعاً .
لو كنت لوناً تركوازياً فاقعاً
لغرست رأسي في عُنقِ لوحةٍ سرياليةً
لسلفادور دالي
وشذّبتُ بؤبؤ اللونِ في المعنى
حتى ينزل ماءها الأسود
كالعمى في لعنةِ التأويل .
لو كنت كابوساً حقيراً
في جُمجمةِ عاشقٍ رديء
لبصقتُ النومَ أُغنيةً سريعةً
في رداء الخوف
وأعلنتُ توبة الأخطاءِ الفادحةِ
بعد إرتكابها لذةً تحت السرير .
لو كنتُ لصاً مأجوراً
لسطوت على ذقونِ الصالحينَ
وملأت كيساً من تجاعيدِ الثكالى
وانتزعت قُبَلَ الراكعين جهالةً
في أكُفِ الحضيض .
لو كنت شاعراً جاهلياً أشعثاً
لجرجرتُ مديح السلاطين من أُذنيه
وأستبدلتُ أكياس الدراهم بالحصى
وأعتقتُ مجاناً حُنجرة العبيد .
لو كنتُ ملكَ موتٍ مثلاً
لأعدت الراحلين بُرهةً قبل أوانهم
ومنحتهم رِحلةً خشبيةً أُخرى
ليُحلّقوا خارج الحربِ قليلاً .
لو كنتُ مُخرجاً هوليودياً وقحاً
لشطبتُ مشهدَ الرعب من فكِ الحياة
وأعدت تشارلي تشابلن
بطلاً لروايتنا المقيتة
ومنحتُ جائزة الأوسكار لأُمي
كأفضل آلهةٍ لا تُعبد .
لو كنتُ رصاصةً طائشةً بعض الشيء
لخرجتُ من صدور الشهداءِ
رماداً نادماً
وأستبدلتُ دويَّ الزنادِ
بموالٍ جنوبيٍ حزين .
لو كنتُ شيطاناً رجيماً لثوانٍ
لشاركتُ آدم تفاحته اليابسةَ
وأقنعتُ الربَّ أنَّ الغواية
محضُ إفتراءٍ لا أكثر .
لو كنتُ
لو كنتُ
لو كنتُ ..
لو كنتُ أنا مكاني
لما فعلتُ شيئاً من هذا الهراء .

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى