إبراهيم الدوود - يُخيَّلُ إليّ..

يُخيَّلُ إليّ- وأنا أتَفقَّدُ الناسَ- أنني
لا أُشبِهُ الزَّمَنَ الذي أتفَقَّدُ الناسَ فيهِ
...........
أتخيَّلُ أنني قادمٌ من زمنٍ
كانَ الناسُ فيهِ
يغسلونَ وجوهَهُم بالأُلفةِ
وأنَّ ملامِحي
التي تشيرُ إليَّ
لا تُشبهُ الشخصَ الذي يَخصُّني..
رُبّما لأنَّ الناس الذين أتفقَدُهُم
لا يَفتقِدونَ أحدًا..
ولا أعتقدُ أنهُ كانَ مهيبًا
كما يَعتقِدُ الذينَ
لا يُحبُّونَ الزمنَ الذي يعيشونَ فيهِ
لأن البشرَ الذينَ جئتُ مِن صُلْبِهِم
كانُوا يَمشونَ على أطرافِ أصابِعِهِم
وهُم في طريقِهِم إلى المَقابِر
وكانُوا غيرَ مَعنِيّين بالإضاءةِ
التي أغْرَقتِ الذينَ أتفَقَّدُهُم الآنَ

يُخيَّلُ إليَّ..
أنَّ الشوارعَ هذهِ
تَخُصُّ آخرينَ
لا تَعرفُ مَن هُم؟
ويَضيعُ عمرُكَ وأنتَ تَقطعُها
لكي تَشْعُرَ أنكَ
تَعيشُ في زمِنِكَ
..............
البُطولَةُ
يَنقُصُها حبٌّ كبيرٌ
كانَ موجُودًا في زمنٍ ما
خالٍ مِن الحروبِ الصَّغيرةِ
كانَ الفلاحونَ فيهِ
يَتوضئُون بالنَّدي
ليَتَغلَّبوا على الزَّمنْ
...............
يُخيّلُ إليّ أنّ الحياةَ
أصبحتْ أكبرَ مِن الأحياءِ
ورُبما- لهذا السَّبَبِ-
اختفتْ الحَدائقُ..
التي كانَ هُناكَ أُنَاسٌ
يَحملُونَها مَعَهُم
وهُم في طريقِهِم إلى الخُضْرَةِ
وهُم في طريقِهِم إلى الفِطْرَةِ
وهُم في طريقِهِم
إلى الله.

(من ديوان أنت فى القاهرة)


تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى