أستيقظ…أنهض بثقل من السرير… بخطى بطيئة تحثّ على الملل، بداخلي صوت يحدثني من جاء بي إلى هنا، لا أعلمه ولا أتذكره وعلى الرغم من غرابة الموقف لم أعترض… تراخى لساني عن نطقها وكأن الكلمة استلزمت وقتا لتركيبها وإطلاقها على مدفع الفم. فحسمت الشفاه القضية فانطبقتا.
تبدو خطواتي بطيئة وربما رتيبة، ولكن هذا كل ما باستطاعتي … أتابع السير إلى المطبخ … أُطرِق الفَينة بعد الفينة لأتذكر ما كنت أود فعله، أُبصِر غلاية الماء.. أبدأ بتحضير شيء ساخن أكان قهوة أم شايًا… قاطعني جرس الهاتف فرددت وبالي منشغل (أكان قهوة أم شايًا؟)
أجلس بجانب الهاتف، لا أعلم كم مضى من الوقت، لكن عينيّ كانتا في وضع التحديق الشارد لا على شيء بعينه، خلت أنني في هذه اللحظة أبحر فوق غيمة بيضاء تحيطني من كافة الجوانب، لتحجبني عن العالمين، وحينما كنت أطمئن لصفائها خالجني شعور بالرعب والأسى على نفسي منها.
أحدهم طرق الباب ودلف، أخذنا نتبادل الحديث، هي كثيرة الكلام لا تكل من تكراره، وأنا أجتهد في مجاراتها للتعبير عما بداخلي، لكن وجهي لا يعكس ذلك.
يذهب الصباح ويتلوه المساء …تغيب الشمس في رقاد ويبزغ القمر..
أصل إلى السرير بمعاونتها …لتحييني بقبلة على جبهتي، أحيانا تأتي تلك الصفحة البيضاء فوق وجهها لتحجبه فلا أعلم من تكون، وفي أحيان أخرى تسطو على أحرف كاد لساني ينطقها فيصعب مجاراة الحديث.
تطمئن أنني متدثرة جيدا، والقوارير بجانبي بها ما يكفي من الدوائر البيضاء غير المستساغة، وأنا لا أعلم أين أنا، ومع من أمكث، لكني أشعر أني لست بخير.
ثقلت قدماي، ولم تطيعا رغبتي في الاعتدال والوقوف، جاءت تلك المرأة التي أجهلها.. عاونتني وألبستني جديدا لتهيئني للخروج من المنزل.
سعدت بالهواء الذي يلفح وجهي وبدغدغته على رقبتي، سمعت موسيقى (مونامور) ضحكت، حتى اضطرب المارون بجانبنا من تعبير وجهي الضاحك، لم أنتبه لهم، فقد سمعته بأذني نغما وأطاعني لساني، فأخذت أحكي لتلك الغريبة قصة هذه السيمفونية التي اخترتها في حفل زواجي تخليدا لقصة حبنا أنا وزوجي، وكيف أصبحت عادة لنا نسمعها في كل عيد زواج ونؤدي رقصتنا على وقْع أنغامها.
وقف لساني عن الاسترسال …سألت أين زوجي؟!
دمعت عينا الغريبة … لم أفهم معنى تلك الدموع… لكنني حزنت.
استمر إصبعي في الدندنة، وعيني تُرسل بين الحين والآخر لمعانا مُحزنا، لا أعلم لماذا، ولكن نفسي تشعر أكثر مما يظن عقلي.
مع توالي نشاط الشمس والقمر لم أعد أدرك أيهما يحين وقته، أسند جبهتي على حافة الشباك، فتنتبه الغريبة لتسرع بتقويم جلستي وتنظف جانب فمي من لعابي السائل، تحادثني بلطف وترجوني بالبقاء وعدم الذهاب، ولا أعلم عما تتحدث، أتركها تكمل حديثها عله يزيح بعضًا من ألمها الذي جعل الدموع تترقرق على وجنتيها وهي تحدثني.
وجوه ضبابية كثيرة، عيناي محدقتان في الفراغ، وكأني عمياء ولست بعمياء، أرى وأشعر بخرطوم خارجي يخترق جسدي …يغدو معي طوال الوقت.
سئمت وتعبت، خانني عقلي وجسدي وأصبحا عدوَّين لي.
تأتي تلك المرأة الغريبة.. تحتضن يديّ.. تقبلهما… تنطق بكلمات متتالية (أمي…أمي)، تُكمل دعاءها وهي تمسح وجهي بمنديل رطب، وأنا.. فقط أشعر باتحادي مع الغيمة البيضاء.
تبدو خطواتي بطيئة وربما رتيبة، ولكن هذا كل ما باستطاعتي … أتابع السير إلى المطبخ … أُطرِق الفَينة بعد الفينة لأتذكر ما كنت أود فعله، أُبصِر غلاية الماء.. أبدأ بتحضير شيء ساخن أكان قهوة أم شايًا… قاطعني جرس الهاتف فرددت وبالي منشغل (أكان قهوة أم شايًا؟)
أجلس بجانب الهاتف، لا أعلم كم مضى من الوقت، لكن عينيّ كانتا في وضع التحديق الشارد لا على شيء بعينه، خلت أنني في هذه اللحظة أبحر فوق غيمة بيضاء تحيطني من كافة الجوانب، لتحجبني عن العالمين، وحينما كنت أطمئن لصفائها خالجني شعور بالرعب والأسى على نفسي منها.
أحدهم طرق الباب ودلف، أخذنا نتبادل الحديث، هي كثيرة الكلام لا تكل من تكراره، وأنا أجتهد في مجاراتها للتعبير عما بداخلي، لكن وجهي لا يعكس ذلك.
يذهب الصباح ويتلوه المساء …تغيب الشمس في رقاد ويبزغ القمر..
أصل إلى السرير بمعاونتها …لتحييني بقبلة على جبهتي، أحيانا تأتي تلك الصفحة البيضاء فوق وجهها لتحجبه فلا أعلم من تكون، وفي أحيان أخرى تسطو على أحرف كاد لساني ينطقها فيصعب مجاراة الحديث.
تطمئن أنني متدثرة جيدا، والقوارير بجانبي بها ما يكفي من الدوائر البيضاء غير المستساغة، وأنا لا أعلم أين أنا، ومع من أمكث، لكني أشعر أني لست بخير.
ثقلت قدماي، ولم تطيعا رغبتي في الاعتدال والوقوف، جاءت تلك المرأة التي أجهلها.. عاونتني وألبستني جديدا لتهيئني للخروج من المنزل.
سعدت بالهواء الذي يلفح وجهي وبدغدغته على رقبتي، سمعت موسيقى (مونامور) ضحكت، حتى اضطرب المارون بجانبنا من تعبير وجهي الضاحك، لم أنتبه لهم، فقد سمعته بأذني نغما وأطاعني لساني، فأخذت أحكي لتلك الغريبة قصة هذه السيمفونية التي اخترتها في حفل زواجي تخليدا لقصة حبنا أنا وزوجي، وكيف أصبحت عادة لنا نسمعها في كل عيد زواج ونؤدي رقصتنا على وقْع أنغامها.
وقف لساني عن الاسترسال …سألت أين زوجي؟!
دمعت عينا الغريبة … لم أفهم معنى تلك الدموع… لكنني حزنت.
استمر إصبعي في الدندنة، وعيني تُرسل بين الحين والآخر لمعانا مُحزنا، لا أعلم لماذا، ولكن نفسي تشعر أكثر مما يظن عقلي.
مع توالي نشاط الشمس والقمر لم أعد أدرك أيهما يحين وقته، أسند جبهتي على حافة الشباك، فتنتبه الغريبة لتسرع بتقويم جلستي وتنظف جانب فمي من لعابي السائل، تحادثني بلطف وترجوني بالبقاء وعدم الذهاب، ولا أعلم عما تتحدث، أتركها تكمل حديثها عله يزيح بعضًا من ألمها الذي جعل الدموع تترقرق على وجنتيها وهي تحدثني.
وجوه ضبابية كثيرة، عيناي محدقتان في الفراغ، وكأني عمياء ولست بعمياء، أرى وأشعر بخرطوم خارجي يخترق جسدي …يغدو معي طوال الوقت.
سئمت وتعبت، خانني عقلي وجسدي وأصبحا عدوَّين لي.
تأتي تلك المرأة الغريبة.. تحتضن يديّ.. تقبلهما… تنطق بكلمات متتالية (أمي…أمي)، تُكمل دعاءها وهي تمسح وجهي بمنديل رطب، وأنا.. فقط أشعر باتحادي مع الغيمة البيضاء.
الستائر البيضاء – بقلم: نهى الطرانيسي (قصة قصيرة)
أستيقظ…أنهض بثقل من السرير… بخطى بطيئة تحثّ على الملل، بداخلي صوت يحدثني من جاء بي إلى هنا، لا أعلمه ولا أتذكره وعلى الرغم من غرابة الموقف لم أعترض… تراخى لساني عن نطقها وكأن الكل…
www.hamassa.com