الإسكندرية وقت الحرب العالمية الثانية - عام 1942
تحرك الرجال في عصبية، حاملين ملفات كثيرة، أخذوا يتفحصونها بعناية، بعضهم انجليز والبعض الآخر مصري.
المشكلة أن معظم غارات الألمان على الإسكندرية في ذلك الوقت؛ غارات محكمة، تصيب الأهداف الحربية إصابات مباشرة، مما يدل على أنه يوجد جواسيس للألمان يتصلون بالطائرات المغيرة، ويحددون لها الأماكن العسكرية المراد ضربها.
قال بدر - وهو ضابط مصري- لزميله الضابط الإنجليزي – جورج -:
- الحل هو صنع غارة وهمية لكشف الجواسيس.
قال جورج:
- سأعرض هذه الفكرة على القيادة العليا في الإسكندرية.
في منتصف الساعة الثالثة صباحا، انطلقت صفارات الإنذار في جميع أنحاء الإسكندرية معلنة عن قدوم غارة ألمانية، وبعدها انطلقت خمس طائرات من قاذفات القنابل. فساد المدينة الظلام، ودارت الطائرات في الجو عدة دورات لحوالي أربعين دقيقة. تحرك شبح في الظلام، وأخذ يبرق بإشارات ضوئية نحو الطائرات، فسجل قائد الطائرة الرسالة المرسلة، واستطاع تحديد موقع إصدارها، كان المصدر بيتا على كورنيش البحر في حي كليوباترا.
اجتمع الضابط المصري بدر، والضابط الإنجليزي جورج مع آخرين، وقد أحسوا بالسعادة لاكتشافهم السر الذي شغلهم وعذبهم لمدة طويلة.
قال بدر:
- ظن الجاسوس أن الطائرات ألمانية، فأرسل إليها رسالته.
وأكمل جورج:
- لم يكن يعلم إن هذه الطائرات إنجليزية وأرسلت في غارة وهمية.
وبالتحري عن البيت، اتضح إنه من دورين، تقيم في الدور الأرضي منه أسرة مصرية تعيش في القاهرة، وتتخذ المسكن مصيفاً لها، تأتيه كل صيف، لكنها امتنعت عن الحضور منذ نشوب الحرب، والشقة مغلقة طوال هذه السنين.
أما الدور الثاني فتسكنه فتاة إيطالية جميلة اسمها ماريانا، ويتردد عليها ضابط طيار مصري اسمه حسن.
قال بدر:
- حتما تأخذ معلوماتها المرسلة من صديقها الضابط حسن.
تفرغ بدر وجورج لهذه المسألة. واتضح لهما أن ماريانا قضت أربع سنوات جاسوسة للألمان في مرسي مطروح.
شتاء مرسي مطروح في عام 1936
الجو بارد للغاية، وعاصفة ترابية يثيرها الريح من الصحراء القريبة نحو المباني القليلة المتناثرة، تقترب عربة حنطور، قائدها المسن يلتف بغطاء من المشمع متفاديا رذاذ المطر الذي يدفعه الجو العاصف نحوه.
تتوقف العربة أمام بيتاً صغيرا مكونا من دورين، ينزل الرجل المسن، ينظر داخل العربة، ثم يحمل حقيبة كبيرة، فتتبعه فتاة أجنبية جميلة، تسأله:
- هذا هو البيت؟
- نعم.
يسير بالحقيبة وتتبعه الفتاة التي تجري من شدة البرد والهواء العاصف البارد.
تدير المفتاح في " الكالون "، ويضع الرجل الحقيبة الثقيلة قائلا:
- لماذا أتيتِ إلى هنا في الشتاء؟!
صمتت ولم ترد.
أخذ الرجل أجرته وأسرع نحو عربته، هوي بكرباجه في الهواء قريبا من أذن حصانه لكي يسرع ويبتعد عن هذه المنطقة النائية.
أخرجت الفتاة علبة أعواد الثقاب، وشمعة لكي ترى الطريق أمامها.
**
خلال أيام قليلة أعدت الفتاة الدور الأرضي من بيتها في مرسى مطروح بنسيوناً، وعاشت هي في الدور العلوي وحدها.
خلال فترة إعداد البنسيون استطاعت أن تتعرف على الكثير من سكان المدينة الشبه خالية من تأثير الحرب التي تدور قريبا منها.
استقبلت في بيتها بعض رجال الأعمال الذين يأتون إلى المدينة للاتفاق مع قادة الجيش على توريد مهمات، والقليل من الموظفين الذين يأتون لقضاء أيام تفرضها المهمة التي جاءوا من أجلها.
لم يكن دخلها كبير من هذا البنسيون، فقد يمر أيام كثيرة لا يأتي إلى بيتها زائر واحد. وأصبح بنسيونها هو المكان الوحيد الذي يمكن أن يأوي إليه الغرباء الذين يأتون إلى المدينة.
كانت تشتري لوازم البنسيون بنفسها، فتستأجر عربة حنطور لعدة ساعات، تطوف بها المدينة، تشتري الخضار والفاكهة واللحوم، وتتحدث مع سكان المدينة بعربية مشوبة بكلمات أجنبية، فيستعذب السكان طريقتها في الحديث.
أطلق عليها نساء المدينة اسم داليا، فتقبلت الاسم بسعادة، وكانت تقدم إليهن بعض الهدايا رخيصة الثمن، وبعض المأكولات الأجنبية التي لا يعرفن صنعها.
يأتي بعض الرجال إلى بيتها ليلا- خاصة الأغراب الذين يعيشون هناك في ملل- فتستقبلهم بابتسامتها، وتغني لهم أغاني غربية، قد لا يفهمون كلماتها، لكنهم يسعدون لسماع صوتها وحركات جسدها الرشيق الجميل.
ظلت الفتاة في مرسي مطروح أربع سنوات، إلى أن صدرت الأوامر في إبريل 1941 بإخلاء المدينة من جميع المدنيين وجعلها مدينة عسكرية محرمة على غير العسكريين، فهاجرت الفتاة إلى الإسكندرية وسكنت بيتاً في حي كليوباترا.
الإسكندرية في عام 1942
بعد سكن الفتاة في بيت الإسكندرية بعدة أيام تعرفت في أحد نوادي الإسكندرية على الضابط الطيار الذي أعجب بجمالها النادر وروحها المرحة، فراقصها وضحكت معه بصوت مرتفع، قالت:
- إنني تركية، وظروف الحرب القاسية جعلتني غير قادرة على العودة إلى بلادي.
كانت تحدثه وهي ترقص:
- وتناقصت مدخراتي حتى أوشكت على الانتهاء، كما إنني أعيش وحيدة في بيت من شقتين، منذ أن سكنته لم أر فيه إنسانا.
رق الضابط الطيار لحالها وتوسط لها حتى ألحقها في عمل بمصنع من مصانع الإسكندرية.
**
تأكد الضابطان بدر وجورج من أن ماريانا تستقي معلوماتها التي ترسلها للألمان عن طريق بعض ضباط الجيش الإنجليزي الذين تصحبهم في سهراتها ولهوها، فتنتزع المعلومات الخطيرة والمهمة منهم في نشوة الخمر وحمى الرقص.
وتأكد الضابطان – أيضا - أن الضابط المصري الطيار – حسن - لا يعرف شيئا عن جاسوسيتها وإنها لا تشركه في عملها هذا. فكل ما كانت تريده منه أن يكون ستارا يحميها من فضول الناس، ودرعا تتقي به الشكوك ومظنة السوء في شخصها وحياتها.
يتقابل الضابطان بدر وجورج مع الطيار حسن، فيكشفان له ما تفعله ماريانا. فيكاد يجن من فرط الدهشة وهول المفاجأة؛ فيعرض عليهما خدماته، ويتم الاتفاق على أن يقدم حسن؛ بدر إليها على إنه ضابط مصري في سلاح المدفعية.
**
دق حسن الباب كعادته، وأسرعت ماريانا إليه مبتسمة، فصاح وهو خارج الشقة:
- معي صديق عزيز، عرضت عليه أن يشاركني زيارتك.
اقترب بدر وصافحها في أدب جم، ودخلوا الشقة. لم تكن ماريانا متحمسة لزيارة ذلك الوافد الجديد، فظروف الحرب، تجعلها قلقة من مقابلة الأغراب. لكن حسن أسرع وقدمه إليها قائلا:
- حازم، ضابط في سلاح المدفعية.
أحست ماريانا بالخوف والسعادة معا، فحتما ستجد عنده معلومات تفيدها وتجعلهم في ألمانيا يرضون عنها، ويدفعون إليها أكثر، لكن من أدراها أنه سيستجيب بسهولة، فقد يكون مثل حسن صديقه، الذي أيقنت إنه لن يصلح مساعدا لها في جمع المعلومات، ولو عرف إنها جاسوسة لن يتورع عن الإبلاغ عنها فورا، لذا لم تسأله عن شيء، وقنعت بدوره كستار لها.
لكن حازم بدا كشاب مستهتر ماجن، لا يكف عن شرب الخمر ولا يفيق من السكر. وعندما سألته عن ذلك، قال:
- عملي خطير، وأنا معرض للموت في أية لحظة، لذا، لابد أن أعيش الباقي من عمري كما أشاء.
زارها كثيرا من دون حسن، وحدثها طويلا عن تحصينات المدفعية، وأدلي بمعلومات وأسرار وهو متظاهر بالسكر، فتبلغها ماريانا إلى الألمان، وتخرج الطائرات المصرية إلى الأماكن التي حددها الضابط لها، وتلتقط هذه الرسائل التي يعرفون – الآن - مفتاح شفرتها.
وفي مساء أحد الأيام، دق حسن الباب مبتسما كعادته، فرحبت به سعيدة، فقال لها:
- معي هذه المرة عدد من الأصدقاء.
- أهلا بهم.
ودخل بدر وجورج معا، فأكمل حسن:
- بدر وجورج ضابطان في المخابرات العسكرية.
فانخرطت في البكاء.
وقدمت للمحاكمة التي حكمت عليها بالإعدام شنقا.
تحرك الرجال في عصبية، حاملين ملفات كثيرة، أخذوا يتفحصونها بعناية، بعضهم انجليز والبعض الآخر مصري.
المشكلة أن معظم غارات الألمان على الإسكندرية في ذلك الوقت؛ غارات محكمة، تصيب الأهداف الحربية إصابات مباشرة، مما يدل على أنه يوجد جواسيس للألمان يتصلون بالطائرات المغيرة، ويحددون لها الأماكن العسكرية المراد ضربها.
قال بدر - وهو ضابط مصري- لزميله الضابط الإنجليزي – جورج -:
- الحل هو صنع غارة وهمية لكشف الجواسيس.
قال جورج:
- سأعرض هذه الفكرة على القيادة العليا في الإسكندرية.
في منتصف الساعة الثالثة صباحا، انطلقت صفارات الإنذار في جميع أنحاء الإسكندرية معلنة عن قدوم غارة ألمانية، وبعدها انطلقت خمس طائرات من قاذفات القنابل. فساد المدينة الظلام، ودارت الطائرات في الجو عدة دورات لحوالي أربعين دقيقة. تحرك شبح في الظلام، وأخذ يبرق بإشارات ضوئية نحو الطائرات، فسجل قائد الطائرة الرسالة المرسلة، واستطاع تحديد موقع إصدارها، كان المصدر بيتا على كورنيش البحر في حي كليوباترا.
اجتمع الضابط المصري بدر، والضابط الإنجليزي جورج مع آخرين، وقد أحسوا بالسعادة لاكتشافهم السر الذي شغلهم وعذبهم لمدة طويلة.
قال بدر:
- ظن الجاسوس أن الطائرات ألمانية، فأرسل إليها رسالته.
وأكمل جورج:
- لم يكن يعلم إن هذه الطائرات إنجليزية وأرسلت في غارة وهمية.
وبالتحري عن البيت، اتضح إنه من دورين، تقيم في الدور الأرضي منه أسرة مصرية تعيش في القاهرة، وتتخذ المسكن مصيفاً لها، تأتيه كل صيف، لكنها امتنعت عن الحضور منذ نشوب الحرب، والشقة مغلقة طوال هذه السنين.
أما الدور الثاني فتسكنه فتاة إيطالية جميلة اسمها ماريانا، ويتردد عليها ضابط طيار مصري اسمه حسن.
قال بدر:
- حتما تأخذ معلوماتها المرسلة من صديقها الضابط حسن.
تفرغ بدر وجورج لهذه المسألة. واتضح لهما أن ماريانا قضت أربع سنوات جاسوسة للألمان في مرسي مطروح.
شتاء مرسي مطروح في عام 1936
الجو بارد للغاية، وعاصفة ترابية يثيرها الريح من الصحراء القريبة نحو المباني القليلة المتناثرة، تقترب عربة حنطور، قائدها المسن يلتف بغطاء من المشمع متفاديا رذاذ المطر الذي يدفعه الجو العاصف نحوه.
تتوقف العربة أمام بيتاً صغيرا مكونا من دورين، ينزل الرجل المسن، ينظر داخل العربة، ثم يحمل حقيبة كبيرة، فتتبعه فتاة أجنبية جميلة، تسأله:
- هذا هو البيت؟
- نعم.
يسير بالحقيبة وتتبعه الفتاة التي تجري من شدة البرد والهواء العاصف البارد.
تدير المفتاح في " الكالون "، ويضع الرجل الحقيبة الثقيلة قائلا:
- لماذا أتيتِ إلى هنا في الشتاء؟!
صمتت ولم ترد.
أخذ الرجل أجرته وأسرع نحو عربته، هوي بكرباجه في الهواء قريبا من أذن حصانه لكي يسرع ويبتعد عن هذه المنطقة النائية.
أخرجت الفتاة علبة أعواد الثقاب، وشمعة لكي ترى الطريق أمامها.
**
خلال أيام قليلة أعدت الفتاة الدور الأرضي من بيتها في مرسى مطروح بنسيوناً، وعاشت هي في الدور العلوي وحدها.
خلال فترة إعداد البنسيون استطاعت أن تتعرف على الكثير من سكان المدينة الشبه خالية من تأثير الحرب التي تدور قريبا منها.
استقبلت في بيتها بعض رجال الأعمال الذين يأتون إلى المدينة للاتفاق مع قادة الجيش على توريد مهمات، والقليل من الموظفين الذين يأتون لقضاء أيام تفرضها المهمة التي جاءوا من أجلها.
لم يكن دخلها كبير من هذا البنسيون، فقد يمر أيام كثيرة لا يأتي إلى بيتها زائر واحد. وأصبح بنسيونها هو المكان الوحيد الذي يمكن أن يأوي إليه الغرباء الذين يأتون إلى المدينة.
كانت تشتري لوازم البنسيون بنفسها، فتستأجر عربة حنطور لعدة ساعات، تطوف بها المدينة، تشتري الخضار والفاكهة واللحوم، وتتحدث مع سكان المدينة بعربية مشوبة بكلمات أجنبية، فيستعذب السكان طريقتها في الحديث.
أطلق عليها نساء المدينة اسم داليا، فتقبلت الاسم بسعادة، وكانت تقدم إليهن بعض الهدايا رخيصة الثمن، وبعض المأكولات الأجنبية التي لا يعرفن صنعها.
يأتي بعض الرجال إلى بيتها ليلا- خاصة الأغراب الذين يعيشون هناك في ملل- فتستقبلهم بابتسامتها، وتغني لهم أغاني غربية، قد لا يفهمون كلماتها، لكنهم يسعدون لسماع صوتها وحركات جسدها الرشيق الجميل.
ظلت الفتاة في مرسي مطروح أربع سنوات، إلى أن صدرت الأوامر في إبريل 1941 بإخلاء المدينة من جميع المدنيين وجعلها مدينة عسكرية محرمة على غير العسكريين، فهاجرت الفتاة إلى الإسكندرية وسكنت بيتاً في حي كليوباترا.
الإسكندرية في عام 1942
بعد سكن الفتاة في بيت الإسكندرية بعدة أيام تعرفت في أحد نوادي الإسكندرية على الضابط الطيار الذي أعجب بجمالها النادر وروحها المرحة، فراقصها وضحكت معه بصوت مرتفع، قالت:
- إنني تركية، وظروف الحرب القاسية جعلتني غير قادرة على العودة إلى بلادي.
كانت تحدثه وهي ترقص:
- وتناقصت مدخراتي حتى أوشكت على الانتهاء، كما إنني أعيش وحيدة في بيت من شقتين، منذ أن سكنته لم أر فيه إنسانا.
رق الضابط الطيار لحالها وتوسط لها حتى ألحقها في عمل بمصنع من مصانع الإسكندرية.
**
تأكد الضابطان بدر وجورج من أن ماريانا تستقي معلوماتها التي ترسلها للألمان عن طريق بعض ضباط الجيش الإنجليزي الذين تصحبهم في سهراتها ولهوها، فتنتزع المعلومات الخطيرة والمهمة منهم في نشوة الخمر وحمى الرقص.
وتأكد الضابطان – أيضا - أن الضابط المصري الطيار – حسن - لا يعرف شيئا عن جاسوسيتها وإنها لا تشركه في عملها هذا. فكل ما كانت تريده منه أن يكون ستارا يحميها من فضول الناس، ودرعا تتقي به الشكوك ومظنة السوء في شخصها وحياتها.
يتقابل الضابطان بدر وجورج مع الطيار حسن، فيكشفان له ما تفعله ماريانا. فيكاد يجن من فرط الدهشة وهول المفاجأة؛ فيعرض عليهما خدماته، ويتم الاتفاق على أن يقدم حسن؛ بدر إليها على إنه ضابط مصري في سلاح المدفعية.
**
دق حسن الباب كعادته، وأسرعت ماريانا إليه مبتسمة، فصاح وهو خارج الشقة:
- معي صديق عزيز، عرضت عليه أن يشاركني زيارتك.
اقترب بدر وصافحها في أدب جم، ودخلوا الشقة. لم تكن ماريانا متحمسة لزيارة ذلك الوافد الجديد، فظروف الحرب، تجعلها قلقة من مقابلة الأغراب. لكن حسن أسرع وقدمه إليها قائلا:
- حازم، ضابط في سلاح المدفعية.
أحست ماريانا بالخوف والسعادة معا، فحتما ستجد عنده معلومات تفيدها وتجعلهم في ألمانيا يرضون عنها، ويدفعون إليها أكثر، لكن من أدراها أنه سيستجيب بسهولة، فقد يكون مثل حسن صديقه، الذي أيقنت إنه لن يصلح مساعدا لها في جمع المعلومات، ولو عرف إنها جاسوسة لن يتورع عن الإبلاغ عنها فورا، لذا لم تسأله عن شيء، وقنعت بدوره كستار لها.
لكن حازم بدا كشاب مستهتر ماجن، لا يكف عن شرب الخمر ولا يفيق من السكر. وعندما سألته عن ذلك، قال:
- عملي خطير، وأنا معرض للموت في أية لحظة، لذا، لابد أن أعيش الباقي من عمري كما أشاء.
زارها كثيرا من دون حسن، وحدثها طويلا عن تحصينات المدفعية، وأدلي بمعلومات وأسرار وهو متظاهر بالسكر، فتبلغها ماريانا إلى الألمان، وتخرج الطائرات المصرية إلى الأماكن التي حددها الضابط لها، وتلتقط هذه الرسائل التي يعرفون – الآن - مفتاح شفرتها.
وفي مساء أحد الأيام، دق حسن الباب مبتسما كعادته، فرحبت به سعيدة، فقال لها:
- معي هذه المرة عدد من الأصدقاء.
- أهلا بهم.
ودخل بدر وجورج معا، فأكمل حسن:
- بدر وجورج ضابطان في المخابرات العسكرية.
فانخرطت في البكاء.
وقدمت للمحاكمة التي حكمت عليها بالإعدام شنقا.